دومًا ما كان يظهر كعابر، اكتفى بأدوار الكومبارس أمام المتفرجين، بينما كانت إسهاماته خلف الستار تكبر يومًا بعد الآخر، فعاش الممثل القدير حسن عبدالسلام أو "حسن كفتة"، كما اشتهر فنيًا، واحدًا من أشهر كومبارسات المسرح، ويُقدّم أكثر من 200 عمل مسرحي على مدى ستين عامًا، وهو عمره الفني كان من أشهرها "سيدتي الجميلة، المتزوجون، أهلًا يا دكتور، أخويا هايص وأنا لايص، موسيقى في الحي الشرقي، طبيخ الملائكة"، وغيرها ممن استمتع بها الجمهور دون أن يهتم بـ"طلة" حسن كفتة.
الفن كان حياة حسن عبد السلام المولود في 27 مارس عام 1927 بالقاهرة، والذي بعد أن فشل في التعليم لم يجد من سبيل إلا العمل مع والده كصبي سمكري، ومن هنا اكتشفه المخرج الراحل مختار حسين أثناء تواجده بالورشة، وفتح أمامه الطريق عندما عرض عليه العمل بفيلم "العيش والملح"، تلاه دور في فيلم "جعلوني مجرمًا، من بطولة الفنان الراحل فريد شوقى، لكنه لم يستمر طويلًا في العمل ككومبارس في مصر، فسافر إلى لبنان ثم الإمارات، وعمل هناك مقاول نقاشة، لكنه اتهم بقضية تزوير جواز سفر أحد أصدقاؤه، وحكم عليه بالسجن لمدة طويلة، ثم تم الإفراج عنه، مما جعله يعود إلى مصر محملًا بالأوهام والحزن.
التحق حسن كفتة بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1949، وتخرج منه ليوهب حياته بعد ذلك للعمل المسرحي، وفي الوقت نفسه اشتغل بالكثير من المناصب، منها مفتش للمسرح المدرسي بالتربية والتعليم، ثم مخرج ومشرف للفرقه النموذجية لمصلحة الفنون عام 1955، ومديرًا لمسرح الثقافة الجماهيرية عام 1968، ومديرًا للمسرح الحديث عام 1974، ومديرًا عامًا للمسرح الغنائي عام 1975، ورئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية عام 1979.
المهتم بالمسرح قد لا يعرف أن حسن كفتة قدّم العديد من الأضافات للمسرح المصرى، ويُعّد هو كذلك أول من قدّم الكوميديا الموسيقية في مصر في مسرحية "سيدتي الجميلة"، وهو أيضًا أول من قدم المسرح الآسيوي في مصر بمسرحية "راشومون"، وأول من قدم الملحمة الشعبية في مهرجان دولي عندما عرض مسرحية "أيوب المصري"، وأول من قدّم الكوميديا السوداء الموسيقية بمسرحية "طبيخ الملائكة" مسرح السامر؛ وفي الوقت نفسه ساهم كثيرًا في مشروعات مسارح الدولة، فساهم في مسارح القرى المنتشرة من النوبة إلى مرسي مطروح، وكان واحدًا من مؤسسي الفرقة النموذجية للثقافة الجماهيرية، ومشروع الفنان الشامل لفرقة الالات الشعبية؛ ورغم كل هذه الإسهامات الواسعة، إلّا أن الكثيرين لم يشعروا بوفاته في 21 نوفمبر عام 2013 أثر أزمة قلبية.
