الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

القاهرة تغزو أفريقيا.. ومقترح بإنشاء قاعدة عسكرية لحماية "باب المندب"

اقتراح بتأجيرها من إحدى الدول المطلة على المضيق

 الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
القاهرة ترعى المصالحة في جنوب السودان
دعم مكافحة «بوكوحرام» في نيجيريا وعملية السلام في الصومال
محطتان لتوليد الكهرباء بالكونغو ومساندة مشروع «سد إنجا»
مستشفى ميدانى بجيبوتى وقوافل طبية لتشاد
تسعى مصر بقوة لاستعادة مكانتها الإقليمية ودورها الإستراتيجي في القارة الأفريقية، وتعويض ما فاتها على مدى ٢٠ عاما انقطعت فيها عن أفريقيا، اندفعت خلالها دول أخرى مثل الصين وإسرائيل لسد الفراغ الذي خلفته القاهرة.
ومع وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى سدة الحكم، وترتيب أولويات مصر على المستوى الخارجى، مثّل الملف الإفريقى ضرورة ملحة على مستوى الأمن القومى نظرا لتهديدات تمس حصة مصر من الماء ارتباطًا بأزمة سد النهضة الإثيوبى، كان من الضرورى البدء في أعمال رأب الصدع وتقليل الفجوة بين مصر والأشقاء الأفارقة، واستعادة الثقة بين الجانبين، وبدأ التحرك على عدة محاور السياسية والاقتصادية والتنموية نحو دول القرن الإفريقى.
في عامه الأول كثف السيسى لقاءاته بزعماء القارة الأفريقية حيث التقى أكثر من ١٢ رئيس دولة أفريقية وتواصلت الزيارات المتبادلة بين وفود رسمية وشعبية بين القاهرة مع العواصم الأفريقية، استعان السيسى بالسفيرة فايزة أبوالنجا، نظرًا لشغلها منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية حتى عام ١٩٩٩، وباعتبارها واحدة من القيادات النسائية الأحد عشر الأكثر قوة في أفريقيا، لعبت أبوالنجا دورا جوهريا في إعادة ترميم العلاقات المصرية الأفريقية.
واستطاعت مصر أن تحصد عددًا من النجاحات في قلب العلاقات المصرية الأفريقية بدأت باستعادة عضويتها بالاتحاد الإفريقى والتي تم تعليقها عقب ثورة ٣٠ يونيو والإطاحة بجماعة الإخوان الإرهابية، أعقبها دعم الاتحاد الإفريقى لحصول مصر على المقعد المؤقت بمجلس الأمن بالأمم المتحدة، ونجحت مصر في الانضمام إلى عضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقى لمقعد الثلاث سنوات (٢٠١٦ - ٢٠١٩) عن إقليم الشمال، وذلك بتأييد ٤٧ دولة من دول الاتحاد الإفريقى.
وعملت القاهرة على إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في الأول من يوليو ٢٠١٤ بعد دمج «الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا»، مع «الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع دول الكومنولوث والدول الإسلامية والمستقلة حديثًا» في هيئة جديدة، مخصص لهذين الصندوقين في الميزانية، مبلغ قيمته ١٣٤ مليون جنيه مصرى أي (نحو ١٨.٧ مليون دولار) سنويًا وتسهم القاهرة في إقامة مشروعات البنية التحتية، والمشروعات الزراعية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية والطاقة.
وقعت القاهرة مذكرة تفاهم، خلال زيارة أوجستين ماتاتا بونيو، رئيس وزراء جمهورية الكونغو الديمقراطية، بشأن التعاون بين الهيئة الاقتصادية لتنمية منطقة قناة السويس وهيئة تنمية سد إنجا، وإنشاء مصر لمحطتين لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في العاصمة كينشاسا بقدرة ٤.٥ ميجا وات لكل منهما، فضلا عن مشروعات حفر الآبار التي تقوم بها وزارة الرى المصرية.
وقد تم مؤخرًا تفعيل دور الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في جيبوتى لتنفيذ مشروعات تنموية وبرامج بناء القدرات والتدريب والدعم الفنى في مختلف القطاعات بما فيها التعليم والصحة وإقامة مستشفى ميدانى مصرى لتقديم الخدمات الطبية.
كما تم التوقيع على مذكرتى تفاهم في مجالى الصحة والزراعة، فضلا عن الاتفاق على إيفاد أربع قوافل طبية مصرية إلى تشاد، وتدريب الأطباء التشاديين، واِستقبال عدد من المرضى التشاديين لتلقى العلاج في مصر، ودراسة اِقتراح إنشاء عيادة طبية مصرية في تشاد، فضلًا عن التعاون في مجال المياه الجوفية ودراسة إنشاء مزرعة نموذجية مصرية في جنوب شرق تشاد، وذلك في إطار التعاون الزراعى، لتنمية الثروة الحيوانية وزراعة بعض أنواع من المحاصيل الزيتية والتقاوى المحسنة.
وعلى المستوى الاقتصادى تزايدت الاستثمارات المصرية في أفريقيا بشكل كبير خلال الفترة الماضية، خاصة في قطاعات التشييد والبنية التحتية والطاقة والزراعة والتصنيع الزراعى والثروة الحيوانية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، حيث بلغ حجم الاستثمارات المصرية في أفريقيا ما يزيد على ٧.٩ مليار دولار خلال الفترة من يناير ٢٠٠٣ إلى ديسمبر ٢٠١٥ موزعة على أكثر من ٦٢ مشروعًا بحجم عمالة يزيد على ٢١ ألف عامل ويعتبر قطاع التشييد ومواد البناء من أكثر القطاعات التي يستثمر بها رجال الأعمال المصريون في أفريقيا بنحو ٢.٥ مليار ويليه قطاع الصناعات الكيماوية باستثمارات تقدر بنحو ٢.٢ مليار دولار.
استضافت مصر، فبراير الماضى، بشرم الشيخ، مؤتمر الكوميسا، وشهد حضورًا واسعًا لأكثر من ٢١ رئيسا أفريقيا من بينهم الجابون، كينيا، غانا، نيجيريا، رواندا، جنوب أفريقيا، تنزانيا.
كما تم التوقيع على العديد من اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمارات حيث بلغ عدد الاتفاقيات التي دخلت حيز التنفيذ ٩ اتفاقيات مع كل من إثيوبيا، جزر القمر، مالى، ملاوى، السودان، ليبيا، تونس، الجزائر، والمغرب، ويجرى حاليًا التفاوض مع العديد من الدول الأفريقية.
ونظمت مؤتمر التكتلات الاقتصادية لدول القارة السمراء، يونيو الماضى، بمشاركة ٢٦ دولة أفريقية، لتوقيع اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين هذه التكتلات، لتعزيز التجارة البينية بين الدول الأفريقية لتحقيق الاندماج الاقتصادى، وإزالة العوائق الجمركية بين دول أفريقيا وتحقيق التكامل الاقتصادي.
وعلى مدى العامين الماضيين عززت مصر من وجودها العسكري بالقارة الأفريقية، في إطار مكافحة الإرهاب وأعمال القرصنة، والذي ينعكس على استقرار دول الجوار والقضاء على حركات التمرد، وتوطيد التعاون العسكري بين مصر والدول الأفريقية الذي أخذ عدة مستويات من بينها التأهيل والتدريب العسكري، فقد صدق الرئيس السيسى على ألف منحة دراسية بالكليات والمعاهد العسكرية، ١٠٠ لطلبة الكليات العسكرية، ٢٠٠ لصالح الضباط في الدروات المختلفة و٧٠٠ لضباط الصف في التخصصات المختلفة للدول الأفريقية.
واحتضنت شرم الشيخ مؤخرًا مؤتمر دول تجمع الساحل والصحراء، ويتكون من ٢٧ دولة عضو بالاتحاد الإفريقى، ويهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية والأمنية لدول الاتحاد.
وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات مهمة، من بينها تعزيز القدرات الدفاعية من خلال برامج تدريب مشتركة، وتعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب، من خلال تعزيز التعاون العسكري والأمنى في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإنشاء مركز تجمع للساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب. ويشغل القاهرة أن تجد لها موطئ قدم عسكري بأفريقيا، خاصة مع تداعيات الأزمة اليمنية، التي مثلت ناقوس خطر، للتهديدات على المصالح الإستراتيجية المصرية، مع تصاعد وتيرة الأزمة اليمنية وسيطرة قوات الحوثى على أغلب المدن اليمنية وصولًا إلى صنعاء والحديدة والمنافذ البحرية المتحكمة بمضيف باب المندب، الذي يعتبر معبرًا للسفن العابرة إلى قناة السويس، مما يهدد الأمن القومى المصرى، ٤ قطع بحرية أبحرت من ميناء للسيطرة على المضيق الإستراتيجي، نجحت في فرض سيطرتها، مطلع إبريل الماضى، على جزر حنيش، وهى والجزر التابعة لمحافظة الحديدة تحظى بموقع إستراتيجي في البحر الأحمر قرب مضيق باب المندب، وكانت تحت سيطرة ميليشيات الحوثيين والرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، قبل تطهيرها.
تنبهت مصر لضرورة تأمين المضيق الإستراتيجي مع كل ما يهدد المضيق من نزاعات إقليمية وتهديدات للقراصنة والجماعات الإرهابية، الأمر الذي يجعل إنشاء قاعدة عسكرية مصرية بالقارة ضرورة ملحة خلال تلك المرحلة، وهناك اقتراحات فعلية بدأت في التداول بتأجير قاعدة عسكرية بإحدى الدول الأفريقية المطلة على مضيق باب المندب، لتأمين مصالحها بالبحر الأحمر وقناة السويس، مما يجعل الاختيارت محصورة في الصومال وجيبوتى وإريتريا، خاصة في ظل وجود قواعد أمريكية وفرنسية ويابانية وصينية بجيبوتى، ووجود عسكري إسرائيلى بميناء عصب الإريترى.
وتلعب القاهرة دورًا قويًا في الأزمة بجنوب السودان، ويعقد السيسى لقاءات دورية بنيال دينج نيال رئيس فريق المفاوضين لجنوب السودان إضافة إلى وزير خارجية جنوب السودان، لاستعراض آخر تطورات تنفيذ اتفاق التسوية السلمية للأزمة في جنوب السودان الذي تم توقيعه في أغسطس ٢٠١٥، وتدعم مصر جهود الوفاق الوطنى من أجل تدشين الحكومة الانتقالية، بما يعيد الأمن والاستقرار لجنوب السودان، كما تستمر مصر في مساندة الجهود التنموية في جوبا.
وقد استقبلت القاهرة مؤخرًا زيارة لزعيم المتمردين بدولة جنوب السودان «رياك مشار»، كما أجرت اتصالات مع رئيس دولة الجنوب «سلفاكير ميارديت»، لتقريب وجهات النظر ومحاولة التوصل إلى تهدئة وتفاهم، وتنفيذ لاتفاق السلام الذي أبرم بوساطة دول (إيغاد) وتسعى القاهرة لإعداد لقاء يجمع بين الرئيس سلفا كير ومشار في لقاء ثنائى لتلطيف الأجواء وإعادة الثقة بين الطرفين.
وتدعم القاهرة عملية السلام في الصومال والجهود التي تبذلها الحكومة لاستكمال البنية الدستورية ومؤسسات الدولة الصومالية، بما في ذلك الإعداد للانتخابات، وتمثل الصومال أهمية إستراتيجية كونها والمدخل الجنوبى للبحر الأحمر، وإحدى الدول المطلة على مضيق باب المندب.
وتقدم مصر دعمًا لحكومة مقدشيو، ممثلا في الدعم الاقتصادى ومجالات التدريب المهنى والفنى، والاستفادة من الإمكانات التعليمية والتدريبية المتاحة في إعداد وتدريب الكوادر التخصصية بالقوات المسلحة. وتمكينها لمواجهة التنظيمات الإرهابية والتعاون مع الأزهر الشريف في مواجهة الأفكار المتطرفة.
ويدعم السيسى جهود الحكومة النيجيرية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، ومكافحة الأنشطة الإرهابية لتنظيم بوكو حرام ويشيد السيسى بالإنجازات العسكرية التي حققتها الحكومة النيجيرية خلال الفترة الأخيرة وتمكنها من القضاء على الجماعات الإرهابية في عدد من المناطق في نيجيريا، وأكد السيسى أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف خلال لقائه بالرئيس النيجيرى محمد بخارى بمقر الاتحاد الإفريقى في أديس أبابا مطلع فبراير الماضى.