الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا.. للتدخل الأمريكي في شئوننا الداخلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نحن دولة ذات سيادة كاملة، والحمد لله لم تسقط دولتنا كما كنتم تخططون. مستغلين ثورة الشعب المصرى فى ٢٥ يناير، وبالرغم مما بذله أتباعكم لتغيير مسار الثورة وتسليم السلطة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، ومن يدور فى فلكهم من إرهابيين، وقتلة، وسفاحين، لتنفيذ المخطط المعد سلفا من قبلكم بتفتيت وتقسيم بلدنا، والبلاد العربية لدويلات صغيرة على أسس دينية، ومذهبية، وعرقية، وطائفية، متبعين أسلوب إشاعة الفوضى الخلاقة، والفتن، والقلاقل، والحروب الأهلية، وكان يراد من خلالها تدمير جيشنا والجيوش العربية حتى لا يبقى سوى جيش واحد قوى، وهو الجيش الإسرائيلى.. حتى يبسط نفوذه على كامل المنطقة، وتحقق هذا فى بعض البلاد العربية كالعراق وسوريا وليبيا واليمن، ولم ينجح لدينا بفضل يقظة الجيش والشعب المصرى بتصحيح مسار ثورة ٢٥ يناير بثورة ٣٠ يونيو، وتم عزل رئيس جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، الأمر الذى أغاظهم، ليحقدوا علينا بسبب النجاحات التى نحققها كل يوم، وكشفنا وفضح مخططاتهم على مستوى العالم.
لكن علينا أن نعترف بأننا نجحنا فى وقف هذه المخططات، ولم نقض عليها تماما، مما يؤدى إلى ظهورها فى بعض الأحيان، واختفائها فى أحيان أخرى. لأنكم كورثة للاستعمار القديم، وزعماء للاستعمار الجديد، وحلفاؤكم سواء الاتحاد الأوروبى أو تركيا أو قطر يعنيكم فى المقام الأول بمنطقتنا أمن وأمان إسرائيل، وعدم تهديد وجودها من أى قوة، خاصة جيرانها العرب، حتى تبقى العصا الغليظة لتأديب دول المنطقة، وضمان وجودكم للسيطرة على المواصلات العالمية، وضمان ضخ البترول العربى لمصانعكم، وبث الخوف والرعب لدى شعوب المنطقة حتى تزدهر تجارة السلاح التى تسيطر عليها شركاتكم العملاقة، وفى سبيل ذلك بدأ الهجوم علينا الآن من خلال البيانات والتصاريح الصادرة عنكم بشكل مباشر، كبيان البرلمان الأوروبى بشأن حادث مقتل الطالب الإيطالى «جوليو ريجينى» الذى قتل فى ظروف غامضة، وظهرت جثته لحظة زيارة وفد حكومى إيطالى كبير يضم عددا كبيرا من ممثلى الشركات الإيطالية فى مختلف التخصصات، من أجل تعزيز العلاقات المصرية الإيطالية، الأمر الذى يؤكد أن الجهة مرتكبة الحادث تسعى إلى ضرب العلاقات المصرية الإيطالية، وتوجيه طعنة لظهرنا، وإظهار مصر بأنها دولة غير مستقرة، لا يتوافر فيها الأمان لضرب السياحة أيضا، وهذه الجهة من المؤكد ستكون جهة عدائية، ولا تتمنى لنا أن نقف على قدمنا، ولس كما يردد أعداؤنا، والطابور الخامس أن وراء الحادث جهة أمنية، كما نشر فى الصحف الأمريكية التى تروج لهذا الزعم. والشعب المصرى بكل أطيافه، وأجهزته لن ينسى الدور الإيطالى الداعم لنا عقب ثورة ٣٠ يونيو لدى الاتحاد الأوروبى، والكشف البترولى الهائل بشواطئنا بالبحر المتوسط على يد إحدى الشركات الإيطالية، والتنسيق للتصدى لإرهاب داعش فى ليبيا، الأمر الذى يدحض هذه المزاعم، وبإذن الله تعالى سنتوصل لمرتكب حادث الطائرة السوفيتية فى سيناء، ومرتكبى حادث مقتل الطالب الإيطالى، ولن يفلتوا من القصاص أيا كانت الجهة التي تقف وراءهم.
وجاء بيان البرلمان الأوروبى صادمًا لنا فى عباراته، والمفردات التى استخدمها بعيدة كل البعد عن الواقع المصرى، كالاختفاء القسرى الذى يروج له بعض المنظمات التى تتلقى منهم تمويلاً، وكذلك التلويح بوقف المساعدات لنا، والكلام عن المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية! وأعقب ذلك بيان صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية الذى أعرب جون كيرى، وزير الخارجية، عن الشعور بالقلق البالغ إزاء ما وصفه بتدهور حالة حقوق الإنسان فى مصر، وإعادة فتح التحقيق مع المنظمات غير الحكومية التى توثق انتهاكات حقوق الإنسان، وأن هذا يأتى على خلفية حملة أوسع مع الاعتقالات، والتخويف للمعارضة السياسية والصحفية والناشطين، وغيرهم.. إلخ.
وطالب الحكومة المصرية بالعمل مع منظمات المجتمع المدنى لتخفيف القيود على الجمعيات، وحرية التعبير، واتخاذ إجرادات السماح لهذه المنظمات غير الحكومية، وغيرها من منظمات حقوق الإنسان بالعمل بحرية.. إلخ.
وعقدت الأمم المتحدة فى ذات التوقيت جلسة بحثت خلالها أوضاع حقوق الإنسان بمشاركة عدد من المحامين الدوليين والنشطاء، حيث أعربت هولندا بالإنابة عن الاتحاد الأوروبى، وألمانيا، وسويسرا، والولايات المتحدة عن تدهور حالة حقوق الإنسان فى مصر، خاصة الاختفاء القسرى، وعلى رأسها قضية الباحث الإيطالى جوليو ريجينى، والمطالبة بتشكيل لجنة تقصى حقائق عن أوضاع السجون المصرية!
وهذا يشكل تدخلا سافرا فى شئوننا الداخلية، ويعد مخالفة صارخة لمعاهدة «وستفاليا» التى تقر المساواة، والتكافؤ بين جميع الدول، وتمنع تدخل الدول فى شئون دول أخرى، وكذلك معاهدة «مونتيفيديو» فى عام ١٩٣٣، التى أكدت ذات المعانى بأن جميع الدول متساوية فى الحقوق والواجبات، وتتمتع بنفس الحقوق، ونفس الأهلية لممارستها، ولا يحق لأية دولة التدخل فى الشئون الداخلية لدول أخرى، وهذا ما أكده ميثاق الأمم المتحدة، وإعلان الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذى صدر فى صورة قرار تضمن:
«أن لكل دولة الحق فى اختيار نظامها السياسى والاقتصادى والاجتماعى دون أى تدخل من أى دولة أخرى، ولا يحق لأي دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر لأى سبب مهما كانت الشئون الداخلية والخارجية لأي دولة أخرى». ولكن دأبت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها كالاتحاد الأوروبى على التدخل فى الشئون الداخلية، مستغلة بعض المنظمات الدولية سواء التابعة للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخرى، وخلق فروع لها أو كيانات أخرى متعددة التسميات، سواء منظمات مجتمع مدنى أو نقابات مستقلة أو نشطاء حقوقيين.. إلخ، وما يستجد من ذلك، ودعمها ماليا بإغداق التمويل عليها، لكى تقوم بإعداد تقارير عن كل مناحى الحياة فى الدول التى لا تدور فى فلكها أو تشكل خطرًا على وجود إسرائيل، ومن خلال هذه التقارير يمكن تحديد شكل التدخل بذرائع عديدة، ومبادئ لا تطبق لديهم، وهم أول من يدوسون عليها بأحذيتهم؟! وهذا الأسلوب اعتمدوا عليه عقب انتصارهم، وكسبهم الحرب الباردة، مما أدى لتفكيك الكتلة الاشتراكية، وانهيار المعسكر الاشتراكى. وتم تحويل المبالغ التى كانت تخصصها أجهزتهم المخابراتية لمكافحة الشيوعية لتلك المنظمات، حيث أثبتت هذه المنظمات فعاليتها، وكسبهم للحرب الباردة، وبالطبع لن ننسى نقابة تضامن، كأول نقابة مستقلة فى بولندا، التى كانت النواة فى انهيار الكتلة الاشتراكية.
وهذا التحرك وعاصفة الانتقادات لحكومتنا المصرية وآخرها لحظة كتابة هذا المقال.. اجتمع الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون بأحد أمناء مركز حقوقى مصرى تحت زعم مناقشة التدهور المتواصل لاحترام حقوق الإنسان، والضغوط الحكومية المتواصلة على المنظمات الحقوقية، واتهمت الأمم المتحدة مصر بخنق المنظمات الحقوقية، وطالبت بإغلاق ملف التحقيق مع الحقوقيين.
ووصل بالمفوض الأعلى لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة إلى القول بأن لكل شخص الحق فى الحصول على تمويل لدعم العمل بحقوق الإنسان من خلال القنوات السليمة! الأمر الذى يؤكد أن كل هذه الضغوط لإجبارنا على غلق التحقيقات التى يجريها «قضاة تحقيق» فى القضية رقم ١٧٣ لسنة ٢٠١١ المتعلقة بتلقى بعض المنظمات والكيانات والمراكز الحقوقية لأموال طائلة تقدر بالمليارات من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية، ووقف المحاكمات القضائية لقيادات جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التى أوشكت على الانتهاء من جرائم قتل وحرق وتدمير وتمثيل بالجثث لأبناء الشعب المصرى، وإجبارنا على التصالح مع هؤلاء القتلة، تمهيدا للإفراج عنهم وعودتهم للحياة السياسية مرة أخرى، ولا نستبعد للحكم أيضا، وهذا التدخل مرفوض، ولا توجد قوة على الأرض تستطيع إجبار الشعب المصرى على هذا، ويعد تدخلا سافرا فى شئون القضاء المصرى، وفى شئوننا الداخلية بشكل عام وهذا مرفوض.