الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

كيف أجبرنا أحلام مستغانمي على الاعتراف بالتطبيع مع إسرائيل؟

محمود الغيطانى يكتب فصلًا جديدًا من معركته مع الكاتبة الجزائرية

الروائية الجزائرية
الروائية الجزائرية أحلام مستغانمى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بدأ الأمر عندما أعددت ملفا عن الترجمة من العبرية إلى العربية والعكس بعنوان «نحن وأبناء العم.. الترجمة من العبرية إلى العربية.. تطبيع أم تثقيف».
فى سياق الملف كان هناك تقرير عن ترجمة رواية «ذاكرة الجسد» للروائية الجزائرية أحلام مستغانمى بعنوان «سبقها واسينى الأعرج.. (ذاكرة جسد) مستغانمى قريبا بالعبرية»، وهو التقرير الذى ذكرت فيه تعاقد الروائية الجزائرية مع دار نشر إسرائيلية من أجل ترجمة روايتها عن طريق المترجمة الإسرائيلية ميخال سيلع.
ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يترجم فيها شيء من أعمال مستغانمى إلى اللغة العبرية فقد سبق أن تُرجمت مختارات من قصائدها عام ٢٠٠٧م فى كتاب صدر بعنوان «أصوات من البحر الآخر» بترجمة للمترجم إسحق شيفويم الذى صدر عن دار «كاشف لا شيرا» فى تل أبيب.
ذكرتُ أن المترجمة ميخال سيلع تربطها العديد من العلاقات الطيبة ببعض الكتاب العرب ومنهم الروائى الجزائرى واسينى الأعرج الذى سبق أن ترجمت له نفس المترجمة روايته «سيدة المقام» الصادرة بالعربية ١٩٩٧م.
التزمت مستغانمى الصمت لفترة طويلة ولم تحاول الرد على ما ذكرته سواء بالتكذيب، أو التصديق على الأمر، ولكن هذا التقرير أثار الصحافة الجزائرية بالكامل على أحلام وبدأت موجة كبيرة من الهجوم عليها فى جل الصحف الجزائرية مُتهمة إياها بالتطبيع الثقافى مع إسرائيل؛ ففى جريدة «الحياة العربية» الجزائرية تحت عنوان «ذاكرة جسد» قريبًا بالعبرية: أحلام مستغانمى تتعاقد مع مترجمة إسرائيلية»، وبتاريخ ١٦ فبراير ٢٠١٦م ذكرت الجريدة تقريرا شاملا عما كتبته مستنكرة هذا الأمر على مستغانمي.
وذكرت صحيفة «المسار» الجزائرية بتاريخ ١٧ فبراير تحت عنوان «مستغانمى متهمة بالتطبيع مع إسرائيل»: «طفت على السطح فى الآونة الأخيرة معلومات تؤكد تعاقد الروائية أحلام مستغانمى مع مترجمة إسرائيلية تدعى ميخال سيلع عن دار نشر إسرائيلية ستشرف على ترجمة روايتها «ذاكرة الجسد» إلى اللغة العبرية، ما اعتبره البعض من الوسط الأدبى بغير المقبول إن صح الخبر، وبخطوة تطبيع مع الكيان؛ لأن الأديبة تعاملت مع مؤسسة من هذا الاحتلال، علما بأن المتابعين للشأن الثقافى ليسوا ضد الترجمة نحو العبرية، بل فى اختيار الجهة المترجمة. موضوع الأديبة الجزائرية، أصبح شائكا فى الأيام الأخيرة، وكثر الأخذ والرد فيه».
بتاريخ ١٧ فبراير ذكرت صحيفة «المحور اليومي» بعنوان «أحلام مستغانمى تترجم «ذاكرة الجسد» إلى العبرية»: بعد ترجمة «عابر سرير» إلى الإنجليزية من قبل دار «بلومز بري» الشّهيرة فى لندن، ها هى الروائية أحلام مستغانمى تتعاقد اليوم مع المترجمة الإسرائيلية ميخال سيلع من أجل ترجمة روايتها «ذاكرة الجسد» إلى اللغة العبرية، حسبما تناقله عدد من المواقع العربية.
فى صحيفة «الفجر» اليومية كتب الصحفى الجزائرى فيصل شيبانى بتاريخ ٢٣ فبراير تقريرا شاملا عن تقريرى الذى ذكرته فى مجلة «البوابة» بعنوان «واسينى الأعرج حلقة وصل بينها وبين المترجمة الإسرائيلية.. رواية (ذاكرة الجسد) لأحلام مستغانمى باللغة العبرية» ذكر فيه: كشف موقع «البوابة» الإلكترونى أن رواية «ذاكرة الجسد» للروائية الجزائرية أحلام مستغانمى ستتم ترجمتها إلى اللغة العبرية عن طريق المترجمة الإسرائيلية ميخال سيلع، وأضاف الموقع أن الروائية الجزائرية وافقت على الترجمة وتقاضت المقابل المادى على ذلك»، كما لخص التقرير الذى سبق أن كتبته. وكتبت «جريدة البلاد» بتاريخ ١٧ فبراير بعنوان «أنباء عن تعاقد أحلام مستغانمى مع مترجمة إسرائيلية لتحويل «ذاكرة الجسد» إلى العبرية:
فى جريدة «الموعد اليومي» بتاريخ ١٧ فبراير بعنوان «فضيحة تُهدد عرش أحلام مستغانمي» كتبت عن موضوع ترجمتها إلى العبرية لتنهى حديثها بالقول: «الأمر الذى عرّض مستغانمى إلى مشاكل كبيرة من شأنها التأثير سلبا على مستقبلها الأدبي».
وعادت صحيفة «الفجر» اليومية بتاريخ ٢٣ فبراير وبعنوان «ذاكرة الجسد» تشعل مواقع التواصل الاجتماعى لتقول: «تناول رواد مواقع التواصل الاجتماعى خبر ترجمة رواية الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمى «ذاكرة الجسد» إلى اللغة العبرية الكثير من السخرية، وأثار جدلا واستياء وسط محبيها وقرائها واستغربوا الأمر طالبين منها العدول عن هذه الفكرة، خاصة أن بلدها الجزائر كان قد نظم مقابلة خالدة ضد المنتخب الفلسطينى الشقيق. فهل ستسير أحلام ضد التيار أم أن تأثير الروائى واسينى الأعرج عليها أنساها القضية الفلسطينية؟».
كانت جريدة «الشروق» الجزائرية قد ذكرت يوم ٢٠ فبراير بعنوان «الروائى واسينى الأعرج للشروق: لا أشعر بالحقد على اللغة العبرية.. ولم أتوسّط لمستغانمى عند يهودية»: أن واسينى الأعرج قد «كذّب خبر توسطه لدى المترجمة اليهودية حتى تتعاقد مع مستغانمى لترجمة روايتها «ذاكرة الجسد» إلى اللغة العبرية.
كل هذه الأمور جعل الكثيرين من معجبى مستغانمى يهاجمونها على صفحتها الرسمية فى الفيس بوك، ويطالبونها بالعدول عن هذه الخطوة للترجمة، فكتب أحدهم على صفحتها: «لقد أصبح لليهود من يدافع عنهم فى هذه الصفحة هنيئًا لهم».
يشار هنا إلى أننى لم أكن ضد الترجمة إلى العبرية، بل كنت ضد فعل ذلك فى الخفاء ثم التغنى بالوطنية والحديث عن الشهداء أمام الناس، إلا أنها حاولت الظهور أمام جمهورها وكأنى أحاول تشويه صورتها أمام الجميع، وأكتب عنها الافتراءات، فى حين أن كل ما ذهبت إليه كان حقيقة كاملة، لكنها حينما حاولت أن تذكر شيئا من الحقيقة أمام الناس تحت ضغط الخبر والجمهور سعت إلى الكذب فى العديد من الأمور.
كتبت مستغانمى على صفحتها فى الفيس بوك بتاريخ ٢١ فبراير: قبل أيام، وصلنى من السيدة ميسلون دلاشة، عرضًا بترجمة «ذاكرة الجسد» إلى العبرية. طلبتُ من السيدة ميسلون وهى سيدة فلسطينية مزيدًا من التوضيحات، حول الدار والقائمين عليها وأسماء الكُتاب العرب الذين تمّت ترجمتهم، وأفادتنى بأنهم مجموعة مثقفين يهود وفلسطينيين بأهداف ثقافية لا تطبيعية أسسوا دار «مكتوب» للتعريف بالأدب العربى وترجمة الأعمال العربية المهمة إلى اللغة العبرية، وأن من بين القائمين عليها الروائى الفلسطينى المناضل سلمان ناطور الذى غيبه الموت هذا الأسبوع، والبروفيسور يهودا شهربانى وهو من أصول عراقية، ومؤلف كتاب «اليهود العرب»، وهو معروف كأحد النقاد الراديكاليين المعارضين للحكومة والاحتلال، والكاتبة والباحثة راوية بربارة جرجورة وكثيرين آخرين، أما عن المترجمة المهتمة بترجمة روايتى فأخبرتنى أنها السيدة ميخال سيلع التى ترجمت عدة أعمال منها «ثرثرة فوق النيل» لنجيب محفوظ، و«رحلة إلى قلب العدو» لنجم والي، ومن الإنجليزية - ترجمت سيرة النبى محمد «صلى الله عليه وسلم»، وكتاب «مهجر» للمفكر الفلسطينى الكبير إدوارد سعيد، وغيرها من الترجمات. كتبتُ أسألها وهل من أعمال جزائرية؟ أجابتني: «لقد ترجمت سيلع أيضًا كتاب «سيدة المقام» لواسينى الأعرج، الذى صدر عام ٢٠٠٧م، عن دار نشر «كرمل» (دار نشر إسرائيلية) هذه المعلومات موجودة فى مقال نشر فى صحيفة هاآرتس تجدين هنا الرابط ولو رغبت بإمكانى أن أترجم ما كُتب للعربية.
هنا لابد من تأمل ما كتبته أحلام التى تحاول التحايل على الجميع وسوق شيء من الحقيقة، والمغالطة فى بعضها الآخر، ثم الكذب والافتراء وتوجيه الأمر إلى جهة أخرى بعيدا عنها.
أما عن دار النشر التى تعاقدت معها مستغانمى من أجل ترجمة روايتها فهى دار «فان لير» أو معهد الدراسات العبرية فى مدينة القدس المحتلة، وهى دار نشر إسرائيلية بالفعل، وليست كما زعمت مستغانمى بأنها دار «مكتوب» الفلسطينية، وهذه أولى أكاذيبها، أما عن المترجمة ميخال سيلع فهى تعرفها بالفعل وليست جاهلة بها، ومعرفتها لميخال كانت من خلال الروائى واسينى الأعرج صديق مستغانمي، التى تحاول من خلال ما كتبته على صفحتها نفى معرفتها أنه قد تمت ترجمته من قبل عن طريق سيلع، كما تحاول اليوم أن تُشن عليه حملة هجومية، وتوجيه المعركة باتجاه واسينى حينما ذكرت فى ردها أن روايته «سيدة المقام» صدرت عن دار النشر الإسرائيلية «كرمل» وعملت على تقويس «دار نشر إسرائيلية» بين قوسين، وكأن المؤسسة التى تتعامل معها ليست «إسرائيلية»، كما أن ما كتبته مستغانمى يعمل على تكذيب واسينى من جهة أخرى؛ فهو الذى قال فى جريدة الشروق الجزائرية: «لا أدرى ما مصدر ولا مرامى هذه الحملة العمياء والفبركة والكذب، ضد أحلام وضدي. أعرف أن للنجاح فى الحياة ضريبة.
ولعله من خلال هذا الكلام الذى كتبته يتضح لنا مدى وقاحة المتاجرة بدماء الفلسطينيين أيضا بعدما سبق أن تاجرت بدماء الشهداء من الجزائريين وتصوير نفسها باعتبارها مناضلة وليست كاتبة، فهى تحاول صبغ أمر موافقتها على الترجمة بالطابع الفلسطينى وكأنها فعلت ذلك من أجل الفلسطينيين ودمائهم، كما تتاجر بأسماء محمود درويش، وإدوارد سعيد وغيرهما، وتظن بذلك أنها تعطى لترجمتها الشرعية، وهنا أتساءل لِمَ لمْ تتفاخر هكذا بالترجمة من قبل حينما تمت ترجمتها فى عام ٢٠٠٧م عن دار «كاشف لا شيرا» فى تل أبيب، وهو الأمر الذى ظل فى الخفاء حتى اليوم، ولم تعلن عنه أحلام إلا بعدما كشفته أنا، وهو ما كان صدمة للجميع من الجزائريين الذين فوجئوا به، فلمَ لمْ تُعلن خبر ترجمة هذه الرواية وتتفاخر بالأمر من قبل إلا بعد أن كشفتُ من خلال تقريرى عن هذه الحقيقة التى لم تُذكر حتى اليوم فى أى صحيفة عربية؟
تقول أحلام على لسان المدعوة ميسلون دلاشة: «يهمنى أن أشدد على أننا لم نتواصل مع أى جهة إعلامية لنشر الخبر قبل موافقتك على الترجمة، ووفق ما علمنا فإن التواصل الوحيد كان ما بين المترجمة السيدة ميخال سيلع والكاتب واسينى الأعرج، من باب الصداقة والثقة، لإعلامه بإمكانية الاتفاق على ترجمة روايتك. بحكم معرفة المترجمة المسبقة به وترجمتها روايته «سيدة المقام» إلى العبرية فى عام ٢٠٠٧م. وفى هذه الرسالة التى نشرتها أحلام ما يؤكد أنى لم ألجأ من قبل إلى تلفيق الأخبار أو التهم، وما يؤكد أيضا على أن واسينى على علم تام بالأمر، وأن ما كتبته لم يكن مجرد حملة كاذبة لصحيفة صفراء كما ذكر لجريدة الشروق الجزائرية؛ مما يؤكد أن أحلام مستغانمى وواسينى الأعرج قد اضطربا تماما، وارتبكا لدرجة أن أكاذيبهما بدأت تتناقض مع بعضهما البعض، ومن ثم يبدو أمام الجميع والرأى العام أنى لم أكذب، ولم أفتر على أحد، ولم ألفق التهم لهما، بل هما من كذبا كثيرا، بينما كان هدفى هو كشف الحقيقة فقط مع التأكيد على أنى لست ضد الترجمة إلى العبرية، لكنى ضد الفعل فى الخفاء ثم الادعاء أمام الجميع بشعارات وطنية لا معنى لها.
أعتقد أن التقرير الذى كتبته أجبر أحلام بالفعل على الاعتراف أمام الجميع بالترجمة إلى العبرية، لكنها أثناء اعترافها حاولت تزييف بعض الحقيقة؛ لتنجو من قرائها، كما حاولت أن تدوس على واسينى الأعرج وتصعد على أكتافه من أجل أن تنجو بنفسها، ومن ثم أوحت بأنه هو المطبع، وهو الذى يتعامل مع دور نشر إسرائيلية، بينما حاول واسينى الإبقاء على صداقتها وإن كذب من جهة أخرى حينما حاول تبرئتها وادعى أنى كنت كاذبا وملفقا فيما كتبته.