الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القطار فيه.. سمُّ قاتل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من أن القطار يعد أكثر وسائل النقل أمنًا وأقلها عددًا فى الحوادث.. إلا أن الحادثة فيه تعد بمثابة كارثة لكبر حجمها وتعدد الإصابات والقتلى جراءها، لذا تكون مؤثرة ولافتة للانتباه.. وكأن القطار فعلا به سم قاتل يحصد أرواح المئات فى ثانية.
السكك الحديدية المصرية، التى تعد ثانى أقدم واحدة على مستوى العالم، مشاكلها لا تعد ولا تحصى والسبب الأساسى يرجع إلى اعتمادها على الخطوط الطولية، على خلاف معظم دول العالم التى تعتمد على الخطوط ذات الروابط التقاطعية، وهو أمر يجعلها أقل تكلفة مقارنة بالخطوط الطولية.. والمزلقانات أيضا تعد من أبرز المشاكل فلدينا ١٧٠٠ مزلقان تحتاج بطبيعة الحال إلى صيانة، وهى باهظة التكلفة بدورها..والحقيقة أن كل وزير على مدى سنوات مضت حاول أن يقدم حلولًا، بدءًا من الدكتور إبراهيم الدميرى عام ٢٠٠٢ حين بدأ خطة تطوير السكة الحديد، لكن حادث حريق قطار الصعيد أطاح به..!! ليبدأ محمد لطفى منصور محاولات للتطوير عام ٢٠٠٦، رصدت لها الدولة خمسة مليارات جنيه من مشروع «إعمار»، ولكن حادث العياط أطاح به.. والحقيقة أنه كلما بدأت الحكومة التطوير تحدث كارثة تعود بنا للوراء، وكأن القطار فعلا فيه «سم قاتل».
أبرز الخطط التى وضعت كانت خطة «١٩٩٦-٢٠٠٢»، وكانت بالاشتراك مع الخبرة الإنجليزية والألمانية.. توصلت إلى ضرورة توقف القطار القشاش ووضع بديل له، أتوبيسات نقل، بنصف ثمن التذكرة، وتمر على نفس الأماكن، وهو نفس المنهج الذى اتبع فى اليابان وغيرها من الدول، لأن هذه القطارات تمثل عبئًا على ميزانية الدولة وتكلفتها عالية، كما أنها بطبيعة الحال لا تحقق ربحًا، واستبدالها بقطارات بضائع يعد أكثر ربحًا وأقل تكلفة.. وهذا بالطبع لم يتم حتى الآن!! ومن الأهمية أيضا، وهو ما توصلت إليه بيوت الخبرة فى ذلك الوقت، تدريب العنصر البشرى وزيادة أجره، فمن غير المعقول أن تستخدم جرارات بالملايين وتعطى العاملين الملاليم!!
الحقيقة إن أبرز الحلول لمشاكل السكة الحديد، بالإضافة إلى ما سبق، هو محاولة اتخاذ المهندس سليمان متولى، وزير النقل الأسبق، قدوة، لأنه كان أنجح وزير نقل جاء على الإطلاق، وكان يحرص على أن يكون رئيس هيئة السكة الحديد دائما من أبنائها.. ولا شك أنه عندما كان الرؤساء من أبنائها، أمثال «على فهمى الداغستانى ومحمود مرتجى والشرقاوى»، كانت مناقشاتهم مثمرة وذات فائدة للهيئة.. والأهم أن بيوت الخبرة المصرية أدرى بظروف النقل بها وليست الخبرة الأجنبية، لأن النظام فى مصر مختلف تماما عن الدول الأخرى.. وهذا يرد على محاولات «الجيوشي»، وزير النقل الحالى، الاستعانة بإحدى بيوت الخبرة العالمية لأنها تمت مسبقًا دون جدوى!!
وفى النهاية يبقى تساؤل بمثابة بحث عن هيئات من الأهمية تم تشكيلها دون تفعيل، منها قطاع السلامة والأمان وله دور رقابى وفنى لمعرفة أسباب الحوادث، وهو قطاع فى غاية الأهمية لكن لم يفعَّل حتى الآن، ولا أدرى الأسباب!! وعلى نفس الوتيرة فقد أجريت دراسات عام ٢٠٠٤ لتشكيل كيان مؤسسى قومى لتنظيم النقل الداخلى لصالح وزارة النقل، لكى يحقق منظومة نقل لا تتغير بتغير الوزير أو رئيس الهيئة.. فلابد من وجود ديوان عام وزارة ثابت لا يتغير، لأن كل وزير جديد يحتاج إلى عام أو عامين لفهم الوضع القائم بما يؤدى إلى تفاقم المشاكل بدلا من حلها.. أتعشم أن تكون هناك بوادر حل حتى لا تتكرر الحوادث والكوارث وتتفاقم المشاكل والعراقيل.. والحلول واضحة وموجودة فى الأدراج، والخبراء المصريون موجودون، فقط هو الاستسهال المتبع الذى يجعل المشكلة تظل عالقة بلا حل!! .