الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا للخصخصة.. نعم للاكتتاب الشعبي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقب اجتماع السيد رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزى، ووزير الصناعة، ووزير المالية لمناقشة تراجع المؤشر الرئيسى للبورصة بنحو ١٥٪، صرح السيد علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، عن خطة الحكومة لخصخصة البنوك، والشركات خلال الفترة المقبلة من أجل تنشيط البورصة المصرية.
وتناول المحررون الاقتصاديون فى الصحف المختلفة جوانب هذه الخطة، وعزم الحكومة طرح ٣٠ شركة قطاع عام فى البورصة بنسب تتراوح بين ١٠٪ و٣٥٪ من أسهم الشركات.
وتتضمن خطة وزارة الاستثمار برامج إعادة الهيكلة، وإقامة استثمارات جديدة، وصيانة المال العام للشركات، وتوسيع المشاركة فى ملكية أصول، وشركات قطاع الأعمال العام، وستتم المفاضلة بين ١٠٠ شركة لاختيار ٣٠ من بينها لطرح نسب تتراوح ما بين ١٠٪ و٣٥٪ من الأسهم.
وستبقى الدولة على حصص تتراوح بين ٣٠ و٧٦٪ فى الشركات الكبرى التى ستنتج سلعًا استراتيجية منها الحديد، والأسمنت.
ومن الشركات التى ستتم دراسة طرحها «المنتزة للسياحة والفنادق» حيث تمتلك الدولة ١٠٠٪ من ملكيتها من خلال «الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما»، والتى تعمل فى الأنشطة الفندقية التجارية، حيث تدير مؤسسات عالمية صاحبة علامات تجارية مرموقة مثل ماريوت، وفنادق أوبيروى، وسوفيتيل، وميركيور، وتضمنت ملكية إيجوث ١٤ فندقًا على مستوى الجمهورية بالإضافة إلى مركب نيلي عائم.
أما القابضة للتشييد فستجرى دراسة طرح حصة من المعادى للتنمية والتعمير، والقابضة للمعادن، وسيتم طرح شركة النصر للكوك، والنصر للتعدين والقابضة للكيماويات، وسيتم طرح ٣ شركات هى الدلتا للأسمدة، ونيازا، وسيناء للمنجنيز.
كما تجرى المفاضلة بين ٣ شركات من القابضة للكيماويات، و٢ من القابضة للغزل والنسيج والملابس، و٣ شركات من القابضة للنقل منها دمياط لتداول الحاويات، وبورسعيد لتداول الحاويات وشركتا نقل.
وطرح حصص من الشركات المشتركة لعدد ٤ شركات من بينها الشركة الدولية لمستحضرات التجميل، وسيتم طرح الشركة العربية للاستثمار السياحى والفندقى «آشتى» المالكة لفندق نوفوتيل المطار.
وفى وزارة الكهرباء يجرى التخطيط لتأسيس شركتين بالاكتتاب العام مع شركة سيمنز الألمانية لإدارة المشروعات التى ستنفذها شركة سيمنز فى البرلس، وبنى سويف، ومنطقة العاصمة الإدارية الجديدة عبر الاكتتاب فى البورصة.
وفى وزارة البترول والتموين والنقل يتم الاعداد لنفس السيناريو للحاق بقطار الخصخصة، وهذا يثير فزعنا، وقلقنا من عودة الخصخصة، وهو لفظ كريه، ويحمل لنا ذكريات أليمة.
وفى البداية نعترف بأننا لسنا خبراء فى الاقتصاد، ولكننا عشنا فترة تطبيقها، بعد الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادى التى أخذت القيادة السياسية فى تطبيقها، عقب انتصار قواتنا المسلحة فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، وتم دحر القوات الإسرائيلية فى رمال سيناء، وكأنه طعم أعد لقيادتنا السياسية لتبتلعه حتى لا نجنى ثمرة الانتصار العظيم لقواتنا المسلحة الذى أعاد لنا العزة، والكرامة.
كما أن القطاع العام يعد رمزًا للإرادة الوطنية لشعبنا البطل، وتحديًا للقوى الاستعمارية التى تتربص بنا بعد أن أغلقت فى وجهنا الاقتراض من المنظمات المالية الدولية حتى لا نقيم تنمية.
وتكونت النواة الأولى من الشركات التى تم تمصيرها عقب مشاركة الدول التى تنتمى إليها فى العدوان الغاشم فى ١٩٥٦، بعد تأميم قناة السويس، ثم الشركات التى تم تأميمها بسبب رفض الرأسمالية الوطنية المشاركة فى خطة التنمية التى تم إعدادها فى بداية الستينيات.
ولا يعنى هذا تسليمنا بالعيوب، والفساد الذى استشرى، وعايشناه من خلال عملنا كمحامين عماليين، فكانت أغلبية القضايا المتداولة تتعلق بتحسين الأحوال المعيشية للعاملين بالقطاع العام، ورفع كل أشكال التعسف الإدارى الذى يمارس ضدهم فى القلاع الصناعية الكبرى سواء المحلة الكبرى أو شبرا الخيمة أو حلوان أو كفر الدوار أو الإسكندرية، وبعض المحافظات التى أنشئت بها مصانع، وحفظنا عن ظهر قلب قانون العاملين بالقطاع العام رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٨، والذى كان مواكبًا مع قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٨.
ومن خلال تردد العمال علينا بمناسبة متابعة قضاياهم المتداولة سمعنا قصص الفساد الذى استشرى فى القطاع العام، والامتيازات التى كان يحصل عليها كبار العاملين به من مديرين، ووصل الأمر ببعضهم أن أقاموا مصانع صغيرة بأسماء زوجاتهم، وأولادهم، لتعمل فى ذات مجالات المصانع، والشركات التى كان يديرونها، وأعقب ذلك عمليات التخريب، والتدمير مما أدى إلى تحقيق خسائر كبيرة لهذه الشركات، والمصانع، فكان الكلام عن بيعه لأنه يشكل عبأ على ميزانية الدولة، فصدر قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ الذى ركز فى مواده على نقل ملكية الشركات، أما حقوق العمال فأحالها للوائح التى سيتم وضعها، واعتمادها من النقابات العامة للعمال التابعة لاتحاد عمال مصر، وقانون العمل الفردى، الأمر الذى أحدث حالة من الفوضى القانونية، وبث اليأس، والإحباط لدى العاملين بشركات القطاع العام حتى لا يلجأوا إلى النضال القانونى، وتمهيدا للخطوة التالية، ألا وهى المعاش المبكر، الذى أدى إلى تصفية العمالة، وخروج أكثر من مليون عامل مقابل مبالغ هزيلة حصلوا عليها، تم صرفها فى شراء السلع الكمالية.
وتميزت هذه الفترة بإنشاء القهاوى لتحل محل المصانع، وانتشرت الجرائم، الأمر الذى أدى إلى إنشاء وحدات مباحث خاصة، وكانت بداية البيع كما أعلن ستكون للشركات الخاسرة، والاستهلاكية كشركة الكوكاكولا، ولكن سرعان ما وجدنا شركات، ومصانع استراتيجية، كالمراجل البخارية التى كانت مؤهلة لصنع أوعية المفاعلات النووية، وشركة النيل للأدوية، وفندق شيراتون، وفندق النيل، وسار قطار البيع بسرعة فائقة حيث تم بيع ٢٣٦ شركة بسعر ٢٣ مليار جنيه فى حين أن القيمة الحقيقية لها ٢٧٠٠ مليار جنيه؟!
وساعد على ذلك إبان فترة الدكتور عاطف عبيد، وجود رؤساء لجان برلمانية فى مجلس الشعب، والشورى، رؤساء بنوك، حيث قاموا بمنح البعض قروضًا من البنوك التى يتولون إدارتها لكى يشتروا الشركات، والمصانع، وهذا ما تم مع أحمد عز، حيث حصل على قرض لشراء حديد الدخيلة.
حل الخراب، والدمار بالاقتصاد المصرى، وبالرغم من تقديم البعض للمحاكمة عن هذه الجريمة من مسئولين إلا أننا لم نصل لحقيقة المبالغ حصيلة هذا البيع، وأوجه صرفها؟!
وفرحنا جدا بطرح الرئيس عبدالفتاح السيسى تكلفة إنشاء مشروع قناة السويس الجديدة للاكتتاب الشعبى، ولبى الشعب المصرى عن بكرة أبيه هذا النداء، وسارعوا بالمشاركة بمدخراتهم البسيطة ليجمعوا ٦٤ مليار جنيه خلال سبعة أيام، وينبهر العالم بهذه التجربة، لنؤكد للجميع أننا شعب قام بثورتين فى مدة زمنية بسيطة ليبنى وطنه، وهذا أجدى من الخصخصة الكريهة.. فالاكتتاب الشعبى هو الحل، والبديل للخصخصة.