رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

متى يتوقف عذاب اللاجئين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعالت فى الفترة الأخيرة أصوات الجمعيات الحقوقية التى تدافع عن حقوق اللاجئين، وذلك للمطالبة بتخفيف القيود المفروضة على اللاجئين إلى أوروبا، ومنذ الهجمات الإرهابية على فرنسا فى شهر نوفمبر الماضى تزايدت حدة الإجراءات المفروضة عليهم، ففى ٢٠ نوفمبر الماضى، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة، حيث قالت المفوضية والمنظمة الدولية للهجرة وصندوق الأمم المتحدة للطفولة إن مجموعة القيود الجديدة المفروضة على تحرك اللاجئين والمهاجرين عن طريق غرب البلقان والشمال، غير مجدية على تزايدهم من عدة جوانب إنسانية وقانونية، وتلك المرتبطة بالسلامة، ولا سيما فى ضوء انخفاض درجات الحرارة فى الأيام المقبلة، حيث دفعت هذه السلسلة من القيود بعدد كبير من الأشخاص إلى الاحتجاج عبر الإضراب عن الطعام، وقيام آخرين بخياطة أفواههم، وفى ٢٢ ديسمبر أى بعد حوالى شهر من التقرير السابق، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين عن تقرير جديد جاء فيه أن الاضطهاد والصراع والفقر، أجبر مليون شخص على الفرار إلى أوروبا فى عام ٢٠١٥، وهو عدد لم يسبق له مثيل وحتى ٢١ ديسمبر عبر نحو ٩٧٢٥٠٠ شخص، البحر الأبيض المتوسط فى حين عبر أكثر من ٣٤ ألف شخص من تركيا إلى بلغاريا واليونان، واعتبر عدد المهجّرين بسبب الحروب والنزاعات هو الأعلى الذى يشهده غرب وسط أوروبا منذ التسعينيات، عندما اندلعت نزاعات عدة فى يوغوسلافيا السابقة، وذكر التقرير أن هناك واحدًا من كل شخصين من أولئك الذين عبروا البحر المتوسط هذا العام أى «نصف مليون شخص» هم من السوريين الفارين من الحرب فى بلادهم وشكل الأفغان ٢٠٪ والعراقيون ٧٪.
وقد قال أنطونيو غوتيرس، المفوض السامى للأمم المتحدة لشئون اللاجئين: «بينما تتصاعد مشاعر العداء للأجانب لدى بعض الأوساط، يكون من الأهمية الاعتراف بالإسهامات الإيجابية التى يقدمها اللاجئون والمهاجرون للمجتمعات التى يعيشون فيها، حيث يحترمون فيها القيم الأوروبية، والنظام والقانون» أما السيد ويليام لسوينغ المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة فى جينيف طالب بأن تكون الهجرة شرعية ومأمونة، ويكفى فقدان حوالى ٤٠٠٠ عن طريق الغرق أو خلافه، وتعتبر تركيا من أكثر البلدان التى يعبر من خلالها اللاجئون، حيث عبر أكثر من ٨٠٠ ألف من تركيا إلى اليونان عبر بحر إيجة، وهو ما يمثل ٨٠٪ من الأشخاص الذين وصلوا بشكل غير نظامى إلى أوروبا عن طريق البحر، وفى نفس الوقت فإن عدد الأشخاص الذين عبروا من شمال إفريقيا إلى إيطاليا انخفض من ١٧٠ ألف شخص فى عام ٢٠١٤ إلى ١٥٠ ألف شخص فى عام ٢٠١٥، وارتفع عدد الأشخاص الذين عبروا البحر المتوسط من ٥٥٠٠ شخص فى يناير إلى ذروته فى أكتوبر بأكثر من ٢٢١ ألف شخص، فى حين لاقى أكثر من ٣٦٠٠ شخص حتفهم أو فقدوا.
وعقب رد الفعل الأول الفوضوى الذى نجم عنه انتقال عشرات الآلاف من الأشخاص من اليونان وعبر غرب البلقان، ومن ثم التوجه شمالًا ليجدوا أنفسهم عالقين على مختلف الحدود، وبناء عليه فقد تم نشر أكثر من ٦٠٠٠ موظف طوارئ، وتوزيع مواد غذائية على ٢٠ موضعًا مختلفًا، وتتفاوت أوضاع اللاجئين من بلد إلى بلد، ففى أوروبا يُعتبر اللاجئون إليها أوفر حظًا من أولئك الذين يعيشون فى الأردن، ولبنان، وتركيا، والعراق حتى فى أوروبا نفسها، يفضل معظم اللاجئين الذهاب إلى ألمانيا والسويد، حيث الإمكانيات المتاحة أكبر، وهناك فرص عمل للانخراط فى المجتمع، وأن معظم اللاجئين إلى ألمانيا لديهم ذووهم المقيمون فيها، وقد كشفت دراسة نشرت يوم ١٦ ديسمبر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين من قبل مجموعة البنك الدولى، أن اللاجئين السوريين فى الأردن ولبنان يعانون من مستويات شديدة الفقر، ونتوقع أن يزداد الوضع سوءًا فى المستقبل القريب، ويعيش حوالى ١.٧ مليون لاجئ سورى مسجل فى الأردن ولبنان فى أوضاع بائسة، ولا يستطيعون فى غالب الأحيان تحمل نفقات المواد الأساسية منها المواد الغذائية، والملابس، والأدوية، ومعظمهم من النساء والأطفال الذين يعيشون على هامش فى مخيمات حضارية وريفية، وليس فى مخيمات اللاجئين، ويقيم عدد كبير منهم فى مساكن دون المستوى المطلوب، ففى الأردن وحده تم تحديد ٩ من أصل كل ١٠ لاجئين مسجلين على أنهم فقراء، أو سيصبحون كذلك قريبًا، كما جاء فى التقرير، وتم تقييم معظم هؤلاء على أنهم معرضون جدًا لأزمات نقدية وغذائية، كتلك التى نتجت عن اضطرار برنامج الأغذية العالمى فى وقت سابق من هذا العام إلى الحد مؤقتًا من المساعدات بمئات الآلاف بسبب نقص التمويل، هذا وقد صرحت كيلي كليمنتس، نائبة المفوض الأسمى قائلة: «إن هذا التقرير السابق يعرض تحليلًا يثير المخاوف حول الفقر المدقع، الذى يعيش فيه اللاجئون السوريون الذين تحملوا الصدمة تلو الأخرى فوضعهم سيزداد سوءًا، طالما لم يحدث تغيير جذرى فى الفرص المتاحة لهم للاعتماد على الذات، والمساهمة فى الاقتصاديات المحلية. وأخيرًا فإن محاولة تهميش قضية اللاجئين على مستوى العالم، هي انتكاس لقيم الإنسانية، فهؤلاء اللاجئون ما هم إلا ضحايا الحروب والنزاعات التى تجرى وفقًا لمصالح دولية وإقليمية، وما حدث فى المنطقة العربية، خاصة فى ليبيا حيث تجاوزت ضربات «الناتو» هدفها الأصلى، هو إقصاء «القذافى» عن الحكم، ووصلت إلى تدمير جميع مؤسسات الدولة الليبية، وخلفت فراغًا أمنيًا تمددت فيه الجماعات الإرهابية، وأصبحت الحدود مباحة لسماسرة الهجرة، كذلك الوضع فى سوريا لولا دعم الغرب، خاصة أمريكا لتنظيم داعش وغيره لإغراق المنطقة فى حرب طائفية سنية شيعية، خلفت وراءها الملايين من المهاجرين، ونحن نؤكد أن هناك دولًا تخلت بالفعل عن دعم اللاجئين، خاصة دول الخليج وأمريكا، ولن تحل مشكلة اللاجئين إلا بإعادة السلام وإنهاء حالة الحرب فى الأوطان الأصلية، وعودتهم مرة أخرى لأوطانهم.