الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عام جديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يمر عام ٢٠١٥ على مصر مرور الكرام، فقد شهد هجمات إرهابية موجعة سقط فيها شهداء، دفعوا حياتهم ثمنًا، ليظل هذا الوطن حرًا ونظيفًا، ولم يفرطوا فى شبر واحد منه، وذبح فيه مصريون فى ليبيا على أيدى بلطجية يطلقون على أنفسهم «تنظيم الدولة الإسلامية»، ونحن نطلق عليهم «داعش»، وكان سقوط الطائرة الروسية أيضًا ضربة إرهابية أصابت الاقتصاد والسياحة فى مقتل. 
ورغم ذلك، شهد العام هدوءًا نسبيًا فى العمليات الإرهابية والنشاط الإخوانى بشكل عام، والأحداث الإرهابية فيه تعد أقل من الأعوام السابقة، وكان رد الجيش المصرى قويًا على كل الهجمات، وخاصة الرد الأقوى والأسرع على ذبح المصريين فى ليبيا، وفى كل رد لجيشنا العظيم، يزداد يقين المصريين بأن لهذا الوطن درعًا وسيفًا. 
وبدا أن الأمن والجيش معًا، أصبحا مسيطرين أكثر فيما يخص الإرهاب، ونجحا بالفعل فى الحد من الهجمات الإرهابية، وفى تحجيم جماعة الإخوان أكثر من ذى قبل، وإن كانت سيناء مازالت تنزف حيث تشهد يوميًا جرائم إرهابية، يسقط فيها جنودنا وضباطنا، وكذلك بعض المواطنين من أهالى سيناء قتلى برصاص وقنابل الإرهابيين، ولكن التعتيم الإعلامى على ما يحدث هناك تصاعد كثيرًا فى هذا العام، مما ينذر بخطر عودة سيناء إلى العزلة مرة أخرى، وإنما إلى حد ما، فإن وتيرة الأحداث الإرهابية فى هذا العام، هدأت عما قبله، كما أن انكماش نشاط تنظيم الإخوان يحسب من ضمن الأحداث الإيجابية للعام المنقضى. 
وقد شهد العام أيضًا نجاحات كبيرة على المستوى الخارجى، خاصة أن مصر نجحت فى عقد صفقات سلاح مهمة للغاية، وتنوعت مصادرها وهو الأهم من الصفقات نفسها فى الحقيقة، كما أن التقارب المصرى الفرنسى كانت له ثمار أهمها شراء طائرات «الرافال» وحاملة الطائرات «الميسترال» وأخيرًا صفقة شراء «الأقمار الصناعية العسكرية» التى على وشك الانتهاء، والتى طالب بسرعة إتمامها الرئيس «السيسى» أثناء اجتماعه مع الرئيس الفرنسى «فرانسوا أولاند» على هامش «قمة المناخ»، التى عقدت فى باريس الشهر الماضى، و«الأقمار الصناعية العسكرية»، تكشف ما يحدث على الحدود المصرية طوال اليوم بشكل لحظى، وقد تشهد بداية عام ٢٠١٦ إتمام هذه الصفقة المهمة بمليار يورو، وطبعًا افتتاح قناة السويس الجديدة كان من الإنجازات المهمة لهذا العام، ومن قبله نجاح مصر فى تنظيم المؤتمر الاقتصادى. 
وإنما على المستوى الداخلى، فإن الأزمات لم يتم احتواؤها، ولكن للأسف تضخمت وجاءت بأزمات أخرى، وعلى رأسها ارتفاع الأسعار الذى أصبح فوق احتمال المصريين، الذين اختنقوا بسبب الأسعار الجنونية للسلع الأساسية، وطبعًا هذا يحدث فى بلد غالبية مواطنيه فقراء ومن محدودى الدخل، وبسبب هذه الحالة الاقتصادية المزرية، فإن سخط وغضب الناس يزداد يومًا بعد يوم، مما يربك المصريين أن يحدث ذلك فى ظل افتتاح قناة السويس الجديدة وعقد المؤتمر الاقتصادى، لأن الأسعار شهدت ارتفاعًا وكذلك الدولار بشكل كبير، بعد هذه المشروعات الاقتصادية الضخمة والتى احتفلت بها الدولة بشكل رسمى، إذن لا يوجد تقدم ملموس شعر به المواطن خلال هذا العام، بل شعروا بمزيد من التوتر والاختناق، وهنا للأسف لم يعد يفرق مع الناس صفقات السلاح المبرمة بنجاح ولا القناة الجديدة، طالما لا ينعكس هذا على حياتهم اليومية بالإيجاب، كما شهد العام انتخابات البرلمان والتى جاءت نتائجها بعيدة عن رغبات الشعب وأمنياته. 
وفى ظل هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تضرب البلد وتطحن المواطن، نجد أداء أمنيًا متعجرفًا وسيئًا، بما يعود بنا إلى ما قبل ثورة ٢٥ يناير، التى قامت فى الأساس ضد ممارسات الشرطة التى ضاق بها المصريون، وقد شهد عام ٢٠١٥ عودة للتعذيب فى أقسام الشرطة وقتلًا للمواطنين على أيدى الضباط والأمناء، والمزيد من التجاوزات والممارسات السيئة فى حق الشعب، وكأن وزارة الداخلية لم تتعلم من دروس الماضى القريب. 
وعلى شماعة الإرهاب تعلق وزارة الداخلية كل أخطائها وتجاوزاتها، وهو ما يسيء إليها وإلى شهدائها فى المقام الأول، وإن كان ذلك أمرًا عمره قصير للغاية، بدليل غضب المصريين الذى تزايد كثيرًا فى الشهور الأخيرة بسبب ممارسات الشرطة وإهانتها للمواطنين رغم حزنهم الشديد على شهداء الجيش والشرطة الذين يتساقطون بسبب الإرهاب، ولكن هذا لم يمنع اختناق المصريين بتجاوزات الداخلية فى حقهم، فهو أمر لم يعد مقبولًا بعد ثورتين. 
وفى انتظار المصريين للعام الجديد، يتجدد الأمل فى وطن خالٍ من التعذيب، لا يهان فيه مصرى من ضابط أو أمين شرطة، فإن هيبة الشرطة التى تتمنى الوزارة عودتها، لن تعود إلا باحترام المواطنين، وعدم التجاوز فى حقهم، لأن هيبة الشرطة الحقيقية من هيبة الشعب، هو فقط صاحب الحق فى منحهم إياها أو إسقاطها عنهم للأبد، يتمنى المصريون أن تستوعب قيادات الوزارة وعلى رأسها الوزير، الدروس القاسية التى مرت بها الشرطة خلال ثورة يناير، وما بعدها، وهو أمر ضرورى لأن لا أحد ينكر الجهود التى تبذلها وزارة الداخلية لمواجهة الإرهاب، وإنما التجاوز فى حق المواطنين وحالات التعذيب الكثيرة والمتكررة، تذهب بهذه المجهودات هباء وتجعل وزارة الداخلية فى حالة ضعف وليس قوة، وهو ما يجعلها وزارة فى مهب الريح، وعلى القيادة السياسية أيضًا أن تعرف أن تجاوزات الشرطة تهدد عرش أى حاكم حتى لو كان معشوقًا للشعب. 
ولذلك يتمنى الجميع، أن يشهد العام الجديد تغييرًا جذريًا فى عقلية من يدير وزارة الداخلية، وأن يكون احترام المواطن، والقضاء على حالات التعذيب من أهم أولويات الوزارة فى العام الجديد، وأن تعرف جيدًا أن الأمن لن يستتب إلا إذا رضى الشعب عن الشرطة. 
كما يرغب الجميع أن يشهد العام الجديد الإفراج عن شباب الثورة المعتقلين، والمنسيين خلف أسوار السجون القاسية، ليس بسبب الخيانة أو التآمر، أو التمويل كما يدعى الكاذبون، ولكن بسبب قانون التظاهر، التظاهر بدون تصريح فقط، كما تقول التهم الرسمية الموجهة لهم من النيابة والمحكمة والمحبوسين على ذمتها أو معتقلين بسببها. 
كما أن منظومة التعليم والصحة، يتمنى المصريون أن تشهد إصلاحًا حقيقيًا، لأن الدولة لن ترتقى إلا إذا حصل مواطنوها على مستوى تعليم حقيقى ومرتفع يعلى من شأنها، ومستشفيات حكومية تعالج المرضى لا أن يخرجوا منها بعاهات مستديمة، وفيروسات تصيبهم من الإهمال الطبى والتلوث، كما يرغب المصريون فى وطن نظيف لا تترك فيه القمامة فى الشوارع ثم تلقى المسئولية على الناس، فإن نظافة الوطن من مسئوليات الحكومة أيضًا وليست مسئولية المواطن وحده، وأن يجدوا المياه بعد أن شهد العام الماضى انقطاعها بشكل مستمر فى مناطق عديدة.