رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

سراب الحل السياسي في سوريا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء نص البيان الختامى لاجتماع فيينا ٢ حول الأزمة السورية، ما يلى: شاركت الدول والمنظمات التالية فى اجتماع عقد فى فيينا ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥ وهى الصين، مصر، الاتحاد الأوروبي، فرنسا، ألمانيا، العراق، الأردن، لبنان، عمان،قطر، روسيا، المملكة العربية السعودية، تركيا،الإمارات المتحدة، المملكة المتحدة، لمناقشة الوضع الخطير فى سوريا وكيفية وضع حد لأعمال العنف فى أقرب وقت ممكن. وناقش المشاركون الوضع مناقشة صريحة وبناءة، والتى تغطى القضايا الرئيسية. فى حين لا تزال هناك خلافات كبيرة بين المشاركين، إلا أنهم توصلوا إلى التفاهم على ما يلى:
تعتبر وحدة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية، والطابع العلمانى فيها أمور أساسية وبناء مؤسسات الدولة سلمية، ولابد من حماية جميع حقوق السوريين، بغض النظر عن العرق أو المذهب الدينى، كما لابد من تسريع جميع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب، وسيتم ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أراضى سوريا، وللنازحين واللاجئين والدول المضيفة لهم، ويجب هزيمة «داعش» وغيرها من الجماعات الإرهابية، على النحو المقرر من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وعلى النحو المتفق عليه من قبل المشاركين، وعملًا ببيان جنيف ٢٠١٢ وقرار مجلس الأمن الدولى ٢١١٨. يدعو المشاركون الأمم المتحدة إلى البدء بعملية سياسية يشترك فيها ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة السورية، تؤدى إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفى، يليها دستور جديد وإجراء انتخابات، ويجب أن تدار هذه الانتخابات بإشراف الأمم المتحدة، ووفقا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة وأن تكون حرة ونزيهة، وسيقوم المشاركون جنبا إلى جنب باستكشاف طرق لخطة وقف إطلاق النار فى البلاد، وتنفيذها على أن تبدأ فى تاريخ معين، وبالتوازى مع هذه العملية السياسية المستأنفة، وسوف يقضى المشاركون الأيام القادمة، بالعمل على تضييق مجالات الإنفاق، وسيعقد الوزراء اجتماعا فى غضون أسبوعين لمواصلة هذه المناقشات.
هكذا جاء البيان الختامى لاجتماع فيينا، وهناك عدة ملاحظات على البيان أهمها خلو فقرات البيان عن موقف بشار الأسد فى إطار الحل السياسى المقترح، على الرغم أنه أشد الموضوعات خلافا بين الأطراف المجتمعة. فهناك فريقان لكل منهما وجهة نظر مختلفة عن الآخر. فبينما يرى المحور الروسى ـ الإيرانى أن الحل السياسى لابد أن يتم الإبقاء على وجود بشار فى الحكم على الأقل خلال المرحلة الانتقالية.ومن وجهة النظر الروسية، فإن الحفاظ على وجود بشار فى الحكم فى المرحلة الانتقالية يضمن الحفاظ على مؤسسات الدولة، بدلا من سقوطها فى أيدى الجماعات المسلحة الإرهابية، والتى تشكل الخطر الحقيقى على سوريا والمنطقة وعلى الدول الأوروبية، لاحتشاد الآلاف من المقاتلين الأوروبيين فى صفوف هذه الجماعات، وهم يشكلون خطرا دائما على أوطانهم فى حالة عودتهم. كما أن وجود بشار فى الحكم يضمن لروسيا شرعية التواجد فى المنطقة على اعتبار أن التدخل العسكرى الروسى بناء على طلب النظام السورى ومن الممكن أن يتطور إلى التدخل البرى حسب مجريات الأمور. وترى روسيا أن جميع التنظيمات التى تحمل السلاح فى مواجهة النظام السورى تقف فى خندق واحد ولا فرق بين داعش وجبهة النصرة أو أحرار الشام، وغيرها. وهذا ما أكدته الغارات الروسية منذ بدايتها.
ولا تعترف روسيا بالجيش السورى الحر علمًا بمحاولاتها للاتصال مع بعض قادة الجيش المنشقين عن بشار لكنها باءت بالفشل.
أما إيران، فترى أن بشار الأسد حليف استراتيجي، لا يمكن الاستغناء عنه فى إطار المخطط الإيرانى لاحتواء المنطقة على أسس طائفية. وقد أنفقت المليارات لدعم نظام بشار بميليشيات حزب الله أو فيلق القدس المنبثقة عن الحرس الثورى الإيرانى. إن إيران تعتبر الملف السورى إحدي الأوراق فى الصراع الشيعى ـ السنى بخاصة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
وبأى حال من الأحوال لن تقبل بإقصاء بشار من الحكم. وعلى الجانب الآخر، فإن دولًا مثل السعودية وقطر وتركيا ترى أن إقصاء بشار عن الحكم هو شرط أساسى لأى عملية سياسية، على اعتبار أن بشار واجه الاحتجاجات السلمية بجميع أشكال العنف واستخدم كل أسلحة الدمار ضد المدنيين، كما استعان بالدعم الخارجى فى مواجهة شعبه. وقد عبر رئيس الوزراء التركى «فريدون أوغلو» عقب اجتماع فيينا مؤكدا أن الدول المشاركة فى اجتماع فيينا حول سوريا متفقة بخصوص عدم إمكانية تحقيق سلام فى سوريا فى ظل وجود بشار الأسد.
أما وزير الخارجية السعودى «عادل الجبير»، فقد أكد على نفس المعنى ونصح النظام الإيرانى أن يستفيد من العوائد التى سيجنيها بعد رفع الحظر الدولى فى التنمية الاقتصادية، وحل مشاكل الشعب الإيرانى بدلا من إثارة الفوضى والتدخل فى شئون دول الجوار. إذن لم يذكر البيان عن كيفية تقريب وجهات النظر بين هذه الأطراف أو على الأقل كيف دارت المناقشات.
أما الحديث عن الاحتكام لدور الأمم المتحدة والتعويل على آلياتها لإقرار الحل السياسى فهو بتجاهل حالة الترهل التى وصلت إليه وعدم قدرتها على تنفيذ أى قرارات دولية فى دول العالم الثالث على الأقل، لأنه لا توجد آليات واقعية لديها وأصبحت معظم القرارات حبرا على ورق، والدليل على ذلك أن الأراضى السورية أصبحت مستباحة لكل الأطراف إما بالتدخل المباشر أو بالحرب بالوكالة، وهى تنفذ عمليات عسكرية على مدار الساعة يتحمل الشعب السورى نتائجها المباشرة، حيث وصل عدد القتلى إلى ٢٥٠ ألفًا وملايين المشردين، إضافة إلى تدمير البنية الأساسية ومؤسسات الدولة التى تحتاج علي أقل تقدير إلى ٥٠٠ مليار دولار لإعادة الإعمار.