الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا تصمت الدولة عن إرهاب "برهامي"؟!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أشبه البارحة باليوم.. السلفيون يطلقون ذات التهديدات التى أطلقتها جماعة الإخوان الإرهابية فى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية لعام ٢٠١٢ بين الفريق أحمد شفيق والجاسوس محمد مرسى سنحرق الأخضر واليابس لو فاز شفيق.
نفس العبارات سمعنها من كل أطياف وفصائل ما يسمى بالإسلام السياسى فى بؤرتى الإرهاب بميدانى رابعة العدوية والنهضة، ولسنا بحاجة للتذكرة بأن معظم العناصر السلفية كانت مكونا رئيسيا داخل البؤرتين.
السيد ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية يعيد على مسامعنا عبارات التهديد والوعيد فى بيان تبجح فيه إلى حد يدفعنا إلى طرح علامات الاستفهام والتعجب تجاه صمت الدولة عن الصلف السلفى. برهامى قال بوجه سافر إن المتدينين والسلفيين سيتجهون إلى الانخراط فى التنظيمات الإرهابية المسلحة لشعورهم باليأس والإحباط بسبب ما اعتبره صمتا من جانب الدولة عن فشل مرشحى حزب النور فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية. 
الأكثر من ذلك أنه حمّل الرئيس السيسى مسئولية هذا الفشل الناتج من وجهة نظره عن الخسارة المتعمدة للحزب وطالبه بالتدخل حتى لا يسقط الشباب السلفى فى يد الجماعات الإرهابية. 
أليس فى ذلك تهديد وقح وصريح وابتزاز رخيص للدولة المصرية؟ نعم إنه كذلك لكن الخطأ الأكبر يقع على عاتق الدولة التى تركت حزبا دينيا يمارس السياسة بنفس منهج جماعة الإخوان الإرهابية وصمت عندما أعلن قادته فى أكثر من مناسبة أنهم كانوا سببا فى ألا تتحول ثورة ٣٠ من يونيو إلى صراع بين المؤمنين والكفرة وأن وجودهم على منصة ٣ يوليو كان بمثابة دليل إثبات على إسلام وإيمان من خرجوا ثائرين على حكم الجاسوس ومرشده الخائن. 
كم من دليل تحتاج الدولة حتى يستقر فى يقينها عدم دستورية حزب النور وأنه والدعوة السلفية مرادفان لحزب الحرية والعدالة ومكتب إرشاد الإرهابية.
ألا يكفيها أن نائب رئيس الدعوة ومفتيها يتحدث فى السياسة وشئون الانتخابات كما لو كان رئيس الحزب؟ ألم يكن تصريح يونس مخيون بقبوله وجود المسيحيين على قوائم الحزب رضوخا للدستور لا قناعة بأنهم مواطنون من الدرجة الأولى دليلا على تبنى حزب النور لأفكار إرهابية ومتخلفة وتتناقض مع مضمون الدولة المدنية؟ إنه ليس من برهان على إخوانية السلفيين أكثر من كلام ياسر برهامى ذاته عندما قال فى بيانه الأخير تعقيبا على فشل مرشحيه «إن العلمانيين فى مصر يختلفون مع حزب النور على الهوية الإسلامية للدولة المدنية» وهذا بالضبط ما ثار من أجله المصريون ضد حكم المرشد.
فثورة الـ ٣٠ من يونيو لم تكن إلا دفاعا عن الهوية المصرية لدولتهم المدنية الحديثة وهى الهوية التى أذابت بداخلها الثقافات المسيحية والإسلامية والعربية كما أذابت ثقافات أخرى عديدة وجعلتها جزءا من مكونها الرئيسى وهو الحضارة الفرعونية القديمة. 
الشيخ برهامى لم يكتف بإرهاب الدولة والمجتمع وإنما راح يشوه كل مخالفيه عندما أشار فى بيانه المذكور إلى أن الإسلامين الذين اختاروا طريق الصدام المسلح سيزيدون بعد استبعاد مرشحى حزب النور، لأن ذلك سيعنى استبدالهم بأسوأ العناصر التى ستعمل على فساد البلاد ومن ثم تقودها إلى ثورة جديدة.
لا ينبغى التعامل مع بيانات وتصريحات من هذا النوع باعتبارها وليدة للحظة تنافس سياسى، لا سيما أن تحميل صاحب فتوة كراهية المسيحيين المصريين مسئولية فشل مرشحى حزب النور الدينى لرئيس الدولة ينطوى على تلميحات غير حميدة تؤكد أن لدى الدعوة السلفية إحساسا يقينيا بأن الدولة فى حاجة ماسة لوجودها عبر كيان سياسى وأنها الخاسر الأول من عدم تمثيل السلفيين فى مجلس النواب.
كبيرة الكبائر أن تظل الدولة صامتة عن صلف ياسر برهامى وأذرعه السياسية وعليها أن تشرع فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والدستورية لحل حزب النور الدينى، وأن تمنع كل صاحب عمامة ولحية تتلفح بعباءة أى مما تسمى بحركات الإسلام السياسى من إصدار الفتوى حتى لو كانت معتدلة فالفتوى قاصرة على دار الإفتاء وشيوخها حتى لا نكرس تقسيم المسلمين المصريين وتشتيتهم بين دعاة الفتنة والكراهية وإن كنا بحاجة إلى تحديد المجال الذى تصدر فيه دار الإفتاء فتاويها وآراءها الفقهية والشرعية لكننا نحتاج قبل ذلك غلق باب جهنم المفتوح على مصراعيه أمام أبواق التشدد والتطرف والإرهاب، وأظن أن هذه مسئولية الرئيس لحماية شعبه من إرهاب السلفيين كما سبق أن حماهم من إرهاب الإخوان.