رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

العالم يحيي غدا اليوم الدولي للطفلة تحت شعار "قوة الفتاة المراهقة في رؤية لعام 2030"

بان كي مون الأمين
بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحيي العالم غدا الأحد اليوم الدولي للطفلة 2015 تحت شعار "قوة الفتاة المراهقة في رؤية لعام 2030"، حيث يهدف الاحتفال هذا العام إلى الاعتراف بالإنجازات التي حققت في دعم الصغيرات، وفي ذات الوقت خلق التطلعات لدعم الجيل الراهن من المراهقات والأجيال المقبلة منهن ليتمكن من استغلال قدراتهن بوصفها مفاعلات رئيسية في تحقيق عالم ينعم بالمساواة والاستدامة حاضرا ومستقبلا.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت قرارها 170 / 66 في ديسمبر 2011 باعتبار يوم 11 أكتوبر من كل عام للاحتفال باليوم الدولي للطفلة، وذلك للاعتراف بحقوق الفتيات وبالتحديات الفريدة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته بهذه المناسبة إلى أن أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدت حديثا تشتمل كما ينبغي على غايات رئيسية تتعلق بالمساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وهى تتيح الفرصة للالتزام على الصعيد العالمي بوقف توارث الفقر والعنف والاستبعاد والتمييز من جيل إلى آخر، وبتحقيق رؤيتنا المتمثلة في تهيئة حياة كريمة للجميع.
وتابع المسئول الأممي: "مهمتنا الآن هى أن نشرع في العمل على تحقيق الغايات المحددة في إطار أهداف التنمية المستدامة والوفاء بالوعود التي قطعناها بتزويد الفتيات بجميع الفرص في مشوار حياتهن حتى يبلغن سن النضوج بحلول عام 2030، ويعني ذلك تمكينهن من تجنب الزواج في سن الطفولة والحمل غير المرغوب فيه، ووقايتهن من عدوى فيروس نقص المناعة البشرية، وحمايتهن من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وتمكينهن من الحصول على ما يحتجن إليه من تعليم و مهارات من أجل تفعيل طاقاتهن الكامنة، ويتطلب الأمر أيضا كفالة تمتعهن بالصحة الجنسية وبالحقوق الإنجابية، والواجب أن يتاح للفتيات في كل مكان أن يعشن في مأمن من الخوف والعنف، وإننا إذا ما أحرزنا هذا التقدم لصالح الفتيات، سنرى أوجها للتقدم في مختلف أركان المجتمع".
وأضاف مون أن قادة العالم استمعوا بعد مرور مجرد شهر واحد على اعتماد أهداف التنمية المستدامة العالمية لدعوة قوية وجهتها ملالا يوسفزاي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وهى تقف في قاعة الجمعية العامة محاطة بشباب من جميع أنحاء العالم، فقد ألحت ملالا على قادة العالم قائلة، عدونا بأن تفوا بالتزاماتكم وأن تستثمروا في مستقبلنا.
وقال مون :"أعربت منذ ثلاث سنوات في اليوم الدولي للطفلة، عن إدانتي للهجوم الذي تعرضت له ملالا، ودعوت إلى منح المزيد من الفرص للفتيات في كل مكان، وأنا اليوم، أحيي شجاعة ملالا وأقرانها الذين لا يريدون سوى الفرصة للمساهمة في عالمنا".
ودعا مون إلى عقد العزم على الاستثمار في المراهقات اليوم حتى يمكنهن في الغد أن يقفن وقفة صلبة كمواطنات وقائدات سياسيات ورائدات للأعمال الحرة وربات للأسر المعيشية وما هو أكثر من ذلك، وسيكفل ذلك حقوقهن ويضمن مستقبلنا المشترك.
وتشير التقارير العالمية إلى مدى انتشار العنف والتمييز ضد الطفلات، فملايين الطفلات يتعرضن للممارسات الضارة أو المسيئة كإزالة أو تشويه الأعضاء التناسلية، والزواج المبكر أو القسري، وذكرت أن حوالي 130 مليون امرأة يعانين من بعض أشكال إزالة أو تشويه الأعضاء التناسلية في 29 دولة بإفريقيا والشرق الأوسط، و حوالي 700 مليون امرأة ما زلن على قيد الحياة تزوجن وهن فتيات، منهن 250 مليون تزوجن قبل بلوغهن 15 عاما.
ورغم أن هناك أسباب اقتصادية وجيهة تدعو البلدان للاستثمار في فتياتها، تقدر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن الناتج المحلي الإجمالي يزداد بمعدل 3 % عندما تلتحق نسبة 10 % من الفتيات بالمدارس، وكل سنة من سنوات الدراسة الثانوية تعزز قدرة الكسب المستقبلي للفتاة بنسبة 20 % تقريبًا.
وتشير التقارير إلى إن الفتيات المتعلمات يعدن استثمار نسبة 90 % من مدخولهن المستقبلي في أسرهن بالمقارنة مع نسبة 35 % للفتيان، وكما يقول العالم الاقتصادي لورانس سامرز، إن الاستثمار في تعليم الفتيات يمكن أن يشكل أعلى عائد على الاستثمار متوفر في البلدان النامية.
وعلى الرغم من الفوائد المحتملة التي تجلبها الفتيات، ففي الكثير من المجتمعات يمكن أن يكون موضوع جنس الإنسان بمثابة حكم بالإعدام، ففي الثقافات التي تفضل الأبناء على البنات، يجري في بعض الأحيان إجهاض الأجنة الإناث عمدا أو وأد المواليد من الإناث، لذا تحصل حالات جمة من عدم التوازن في معدلات نوع أو جنس الولادات في المجتمعات التي تنتشر فيها هذه الممارسات، واستناداً إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان، هناك ما يزيد علي 117 مليون أنثى مفقودة عبر أنحاء آسيا وأوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز.
وعند وصول الفتيات إلى سن الزواج في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، فقد يخضعن إلى عمليات الختان، وهى ممارسة تقليدية تشوه فيها الأعضاء التناسلية وتسبب عواقب صحية خطيرة على المدى الطويل، ويمكنها أن تكون قاتلة أحيانا.
وحتى قبل وصول الفتيات إلى سن الزواج، فإنهن قد يجبرن على زواج الأطفال، ففي أفريقيا وجنوب ووسط آسيا والشرق الأوسط، قد لا يتجاوز عمر العروس الطفلة 7 سنوات، وهناك برامج حكومية تسعى لوضع حد لمثل هذه الممارسات الضارة من خلال التعليم والحوافز المالية والقوانين إلا أنها لم توقِف حالات الوفيات المبكرة للإناث، أو الختان أو زواج الأطفال.
وتؤدي المرتبة المتدنية للفتيات في بعض البلدان إلى تمييز يدوم مدى الحياة، فالفتيات يتلقين النوع الأسوأ من التغذية والرعاية الصحية والتعليم، وفي الواقع، يقدر تقرير لمنظمة اليونيسيف حول الأطفال خارج المدارس صادر في العام 2015 أن هناك 3 ملايين فتاة أكثر من الفتيان حول العالم يفتقرن إلى التعليم الابتدائي، وبعض أكبر الفجوات بين الجنسين في مجال التعليم في العالم قائمة في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى ، في حين تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلي أنه في الفترة بين 2011 و 2020، ستصبح أكثر من 140 مليون فتاة عرائس من الأطفال، وفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
وذكر التقرير أنه إذا استمرت المستويات الحالية لزيجات الأطفال، فإن 14.2 مليون فتاة سنويا أو 39 ألف فتاة يوميا سوف تتزوج في عمر صغير للغاية ، علاوة على ذلك، من 140 مليون فتاة ستتزوج قبل عمر 18 عاما، فإن 50 مليونا منهن ستكون تحت سن 15 عاما.
وبرغم الأضرار البدنية واستمرار التمييز ضد الفتيات الصغيرات، فقد تم إحراز تقدم باتجاه وضع حد لممارسة زواج الأطفال، في الواقع، فإن المشكلة تهدد بالتفاقم نظراً لازدياد عدد الشباب في العالم النامي.
ويقول باباتوندي أوسوتيميهن، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، إن زواج الأطفال يعد انتهاكا مروعا لحقوق الإنسان ويسرق الفتيات من تعليمهن وصحتهن وتطلعاتهن على الأمد الطويل.
وأضاف أوسوتيميهن:"عندما تتزوج الفتاة وهى طفله فإن هذا يحرمها من استكمال إمكاناتها، حيث أن كثيراً من الآباء والمجتمعات يريدون ما هو أفضل لبناتهم، فعلينا أن نعمل معاً على إنهاء زواج الأطفال، وعندما تتزوج الفتيات في سن صغير فإنهن يتعرضن أكثر من غيرهن للعنف من الشريك الحميم وإساءة المعاملة الجنسية مقارنة بمن يتزوجن في سن أكبر.
في حين أشار فلافيا باستريو المدير العام المساعد لشؤون صحة الأسرة والمرأة والأطفال في منظمة الصحة العالمية، إلى أن مضاعفات الحمل والولادة هي السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات في الفئة العمرية 15- 19 سنة، والفتيات اللاتي يتزوجن في وقت لاحق ويؤخرن الحمل إلى ما بعد سن المراهقة تتاح لهن فرصة أكبر للتمتع بصحة أوفر، وتحصيل تعليم أعلى، وبناء حياة أفضل لأنفسهن ولأسرهن، ونحن نملك الوسائل للعمل معاً لوقف زواج الأطفال.
ويشير تقرير لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة على زواج الأطفال، والتي ترعاها بدعم من حركة كل امرأة كل طفل، وهي حركة يقودها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وتهدف إلى إنقاذ حياة 16 مليون امرأة وطفل بحلول عام 2015، إلى أنه إذا لم يتم معالجة زواج الأطفال على نحو صحيح، فلن يتحقق الهدفان الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية - واللذان يطالبان بخفض ثلاثة أرباع وفيات الأمهات وخفض ثلثي وفيات الأطفال بحلول عام 2015
وزواج الأطفال - الذي يعرف بأنه الزواج قبل عمر 18 سنة - ينطبق على كل من الفتيان والفتيات، ولكن هذه الممارسة أكثر شيوعا بين الفتيات الصغيرات، وزواج الأطفال قضية عالمية ولكن المعدلات تختلف اختلافاً كبيراً، سواء داخل البلدان أو في ما بينها، وسواء من حيث النسب أو الأرقام، فإن معظم زيجات الأطفال تحدث في المناطق الريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا.
وفي جنوب آسيا ما يقرب من نصف الشابات، وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكثر من ثلث الشابات يتزوجن قبل بلوغهن عمر 18 عاماً، والبلدان الـ 10 الأعلى في معدلات زواج الأطفال هى: النيجر 75 %، وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى 68 %، وبنغلاديش 66 %، وغينيا 63 %، وموزمبيق 56 %، ومالي 55 %، وبوركينا فاسو وجنوب السودان 52 %، وملاوي 50 %.
ومن حيث الأرقام المطلقة وبسبب حجم سكانها الكبير، تقع في الهند معظم زيجات الأطفال وفي 47 % من جميع حالات الزواج تكون فيها العروس من الأطفال.
ويكون التقدم المحرز لوقف هذه الممارسة في المناطق الحضرية حيث ترى الأسر أن فرص العمل والتعليم تكون أكبر للفتيات الصغيرات، وعلى الرغم من أن 158 بلداً حددت السن القانونية للزواج عند عمر 18 عاماً، فإن القوانين نادرا ما تطبق نظرا لأن ممارسات زواج الأطفال تقرها التقاليد والأعراف الاجتماعية.
وأشار أنتوني ليك المدير التنفيذي لليونيسيف، إلى أن زواج الأطفال يجعل الفتيات أكثر عرضة بشكل كبير للمخاطر الصحية الشديدة للحمل والولادة المبكرين، وكذلك بالنسبة لأطفالهن فيكونون أكثر عرضة للمضاعفات المرتبطة بالمخاض الباكر.
وطبقاً للأمم المتحدة، فإن مضاعفات الحمل والولادة هي الأسباب الرئيسية للوفاة بين الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15- 19 سنة في البلدان النامية ، ومن بين 16 مليون مراهقة يلدن كل عام، فإن حوالي 90 % منهن متزوجات بالفعل، وتقدر اليونيسيف أن حوالي 50 ألفاً منهن يتعرضن للموت، وأكثرهن في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.
ويكون الإملاص (المولود ميتا) ووفيات الأطفال حديثي الولادة أعلى بمقدار 50 % بين الأمهات تحت عمر 20 عاما مقارنة بالنساء اللواتي حملن وهن في عمر العشرينيات.
وفي العديد من البلدان الفقيرة، تضطر معظم الفتيات الصغيرات، بغض النظر عن العمر، لإثبات خصوبتهن بالحمل فور زواجهن، كما أن فقدان طفولة الفتيات والمشاكل الصحية المتعلقة بالحمل المبكر ليست هى فقط المخاطر التي تواجه الزوجات الشابات، فعلى على الرغم من أن بعض الآباء والأمهات يعتقدون أن الزواج المبكر سيحمي بناتهم من العنف الجنسي، فإن العكس هو الصحيح في أغلب الأحوال، وذلك وفقا لدراسات الأمم المتحدة.
زواج الأطفال موجود منذ قرون ومسألة معقدة وعميقة الجذور في عدم المساواة بين الجنسين، والتقاليد، والفقر، هذه الممارسة أكثر شيوعاً في المناطق الريفية والفقيرة، حيث تكون تطلعات الفتيات محدودة، وفي كثير من الحالات، يرتب الآباء هذه الزيجات ولا يكون للفتيات أي خيار في ذلك ، كما أن الأسر الفقيرة تتجه إلى تزويج بناتها الصغار للحد من عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى الطعام والكساء والتعليم، وفي بعض الثقافات، يكون الحافز الرئيسي هو المهر الذي يدفعه الزوج.
ويمكن للضغوط الاجتماعية في المجتمع أن تدفع الأسر للإقدام على زواج الأطفال، على سبيل المثال، في بعض الثقافات يعتقد أن تزويج البنات قبل سن البلوغ سيجلب البركة على الأسرة، وبعض المجتمعات تعتقد أن الزواج المبكر من شأنه أن يحمي الفتيات من الاعتداءات الجنسية والعنف، ويرون أنها وسيلة للتأكد من منع حمل الابنة خارج إطار الزواج وجلب العار للعائلة، وترى العديد من العائلات أن تزويج بناتهم مبكراً هو ببساطة الخيار الوحيد الذي يعرفونه.
ويرتبط إنهاء زواج الأطفال ارتباطا وثيقا بمبادرة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "كل امرأة كل طفل" وبالجهود المبذولة لتحقيق الهدف الثالث والهدف الرابع والهدف الخامس من المرامي الإنمائية للألفية من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين، وخفض معدل وفيات الأطفال، وتحسين صحة الأمهات ، وأعاق استمرار زواج الأطفال تحقيق هذه المرامي الإنمائية للألفية لاسيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا.
إن إنهاء زواج الأطفال سيساعد البلدان أيضاً في تحقيق الأهداف الإنمائية الأخرى للألفية والتي تهدف إلى القضاء على الفقر، وتحقيق التعليم للجميع، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشري" الإيدز" والملاريا وغيرها من الأمراض، وينبغي أن يكون له دور أيضا ضمن جدول أعمال التنمية المتجدد، وإن احتياجات المراهقات قد تغاضت عنها الأهداف الإنمائية للألفية؛ ويجب أن يكون لها مكان مركزي في أي هدأف جديدة يحددها المجتمع الدولي.
ودعت الأمم المتحدة الحكومات ومنظومة الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاعين الخاص والعام لتوحيد قواها في هذه المسألة، وتأكيد التزاماتها في وضع الفتيات المراهقات في قلب الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة وذلك عن طريق: الاستثمار في التعليم العالي الجيد والمهارات والتدريب وإمكانية الحصول على التكنولوجيا وغيرها من مبادرات التعليم التي تعد الفتيات للحياة والوظائف والقيادة .
كما دعت الأمم المتحدة إلى الاستثمار في الصحة والتغذية الملائمة لسنوات المراهقة بما في ذلك التثقيف لمرحلة البلوغ ومهارات العناية الشخصية ؛عدم التسامح مطلقا مع كل صنوف العنف الجسدي منها النفسي والجنسي ؛ تفعيل آليات سياسات اجتماعية واقتصادية تعمل في مكافحة ظاهرتي زواج الصغيرات وختان الإناث ؛ الاستثمار في إيجاد حيزين عام واجتماعي للمشاركة السياسية المدنية والابتكار وتشجيع المواهب ؛ وتعزيز القوانين المعنية بالسياسات في كل المجالات خصوصا المتعلقة بالمراهقات من ذوات الإعاقة والضعيفات والمهمشات وضحايا الاتجار والاستغلال الجنسي.