الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خزينة أسرار الدولة "3".. فن تصنيع الفضائح السياسية

أميرة ملش
أميرة ملش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ياما في الجراب قصدي "الخزينة" يا مصر.. ويبدو أن خزينة أسرار الدولة ليست مغلقة تماما هذه الأيام.. بل أنها وعلي مدي ثلاثة أسابيع متتالية تضخ لنا بعض ما لديها في حدود المتاح والمرغوب فيه.. نعم المرغوب فيه طبعا.. والسلطة هي صاحبة القرار في هذا الشأن هي من ترغب وهي تسرب وهي من تحجب وتخفى أيضا، علي مدى أسابيع ثلاثة ومصر تشهد قضايا من النوع الثقيل الذي يقلب الرأي العام الأسبوع الأول "أمناء الشرطة".. الثاني "قضية وزارة الزراعة".. الثالث "استقالة الحكومة" بشكل مفاجئ وتعيين وزير البترول رئيسا للوزراء.. والغريب ان كل قضية تصرف النظر عن ما قبلها.. ولا شيء يتم عبثا وكله معمول حسابه، لأن القائمين علي الخزينة هذه هي مهمتهم.. شأنهم ترتيب واتخاذ قرار ما يخرج منها ومتى وكيف وتهيئة السبل له ليأخذ نصيبه من اهتمام الناس وهوسهم.. وفي الخزينة يوجد فن تصنيع الفضائح السياسية..
وعندما يضيق الخناق علي الناس بسبب قرارات اقتصادية تفرغ جيوبهم، وممارسات امنية تحبس حريتهم، وتصريحات استفزازية من وزير ما، تلعب السلطة لعبة اعتادتها كثيرا، وهي "بيع الحكومة" ومن الخزينة يتم تسريب ما يدين بعض الوزراء ويشير الي تورطهم في الفساد الذي أهلك العباد، كما تطلق بعض ادواتها وخاصة من الصحافة والاعلام للهجوم المكثف علي الحكومة ورئيسها.
حدث ذلك بشكل واضح أثناء ثورة 25 يناير وبالتحديد بعد قيامها مباشرة يوم 25 وحتي 28 يناير، كان واضحا ان الاوامر صدرت للأذرع الاعلامية والسياسية الموالية لنظام "مبارك" بشن هجوم شرس علي رئيس الوزراء في ذلك الوقت "أحمد نظيف" والصاق كل المصائب التي حركت الشعب للتظاهر به، وتسابقت برامج التوك شو في استضافة كتاب وسياسيين يلعنون ويسبون في "نظيف" وحكومته ورجاله بعد ان خرجت من خزينة اسرار الدولة ما يفيد بتورط نظيف ووزراءه في الفساد الذي يعم أرجاء البلاد، ويطالبون بضرورة رحيله لأنه اساس الازمة وسبب رئيسي لغضب الشعب، علي الرغم من هتاف الجماهير في عصر اليوم الاول للثورة "الشعب يريد اسقاط النظام" حيث تجاوز الثوار في ميدان التحرير المطالبة برحيل الحكومة وطالبوا برحيل مبارك، ولكن السلطة ايضا عن طريق الأذرع تجاوزت المطلب برحيل مبارك وطالبت برحيل الحكومة، كما حاولت في نفس الوقت بعد يوم واحد ادعاء بأن الاخوان هم المتظاهرون وليس الشعب حتي ينصرف الناس عن الثورة ولكن هيهات لم تفلح كل محاولات نظام مبارك في سحب الغضب منه وصرف الناس عن الثورة عليه.. ومن قبل نظيف كان "عاطف عبيد" بطلا في حلقات امتصاص غضب المصريين، الذين ضاقوا في هذه الفترة من الغلاء والفساد وخرجت من الخزينة ما يفيد بتورط "عبيد" وبعض وزرائه في صفقات مشبوهة، جلبت الخراب علي الوطن بعد سرقة مال الغلابة، وعن طريق ذلك يتم تبرأة النظام علي طريقة فيلم "طباخ الرئيس".. وتم التعامل بنفس الطريقة مع الدكتور "كمال الجنزوري" عندما كان رئيس للوزراء أثناء حكم مبارك..
والفضائح السياسية تخرج في أوقات بعينها لإخفاء فضائح أكبر وأخطر، يتم تسريب الاخبار والمستندات والصور والمشاهد، وكذلك الحواديت التي تتحول الي نميمة اجتماعية في جلسات تقطيع فروة "فلان".. بعد الاتفاق الخفي علي التضحية به في سبيل الاستقرار والمصلحة العليا والتضحية بالحكومات هو أمر حدث في مصر في كافة العصور وحتي عصور الملكية فقد تم الاطاحة بحكومات كثيرة في عهد الملك فاروق ومن قبله الملك فؤاد حتي يرضي الشعب عن الملك ويسكت عن فساده.
وفي صباح جديد استيقظ المصريين علي خبر الإطاحة بالمهندس "ابراهيم محلب" رئيس الوزراء بعد ان ترددت اقاويل تشير الي غضب الرئيس "السيسي" منه بسبب قضية الفساد بوزارة الزراعة التي يتم التحقيق فيها الان داخل نيابة أمن الدولة العليا ويوجد قرار بحظر النشر فيها والتي تورط فيها وزير الزراعة ورجل اعمل ووسيط ينتمي للوسط الاعلامي، ولكن هناك العديد من الاسماء وخاصة من وزراء حكومة "محلب" يتم تداولها في هذه القضية، كما أن المعلومات أيضا تشير الي أن السيسي غضب من انسحاب رئيس الوزراء من مؤتمر صحفي في تونس بسبب سؤاله عن تورطه في قضية القصور الرئاسية، وتم تسريب أخبار من ماركة توبيخ الرئيس له بسبب انسحابه، ومنذ شهور قليلة ويتبرع بعض مقدمي البرامج وبعض الكتاب الصحفيين بالهجوم الشديد علي "محلب" وانتقاده في كل صغيرة وكبيرة، والملفت للنظر أن من فعلوا ذلك إعلاميين وصحفيين محسوبين علي النظام الحاكم منذ أن جاء، كما أنهم من الوجوه الدائمة الظهور بجانب وخلف السيسي أينما ذهب.. مما أوحي لمن يتأمل الصورة بهدوء أن الضوء الاخضر قد صدر لهؤلاء لمهاجمة "محلب" وحكومته، وخاصة أن ذلك كان يتم بكثافة مع كل غضب شعبي بسبب أمر ما، وخلال اليومين الذين سبقا استقالة الحكومة، شن بعض الإعلاميين من خلال برامجهم هجوما ضاريا علي محلب، وبشكل لافت للنظر لدرجة أن حتي معارضي النظام وحكومته قالوا "مش للدرجة دي" وشعر البعض انهم ينفذون الاوامر فقط، كما تم تسريب شائعة عن خلافة رجل ينتمي للمؤسسة العسكرية لرئاسة الوزراء بديلا عنه.. وكانت مجرد شائعة لتهيأت الرأي العام لاستقالة الحكومة، وحدث ما حدث.
فإن خزينة أسرار الدولة تحتوي أيضا علي أسماء الأذرع التي تستخدمها الدولة للتخلص من مسؤول ما أو رجل أعمال أغضب الآلهة.. بعد أن رفض مقاسمتهم له في رزقه، مثلما حدث مع رجل الأعمال "حسام أبو الفتوح" على سبيل المثال لا الحصر.. ولكل ذراع مهمتها.. وبئس المهام.. ومازالت الخزينة تحتوي علي الكثير.