الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

طلعت رضوان (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتخذ التجديد أحيانا مسلكا يفسر به معانى يساء فهمها عن عمد، بهدف تشويهها فى أذهان الجماهير. ومن ذلك كتاب يستحق الاهتمام عنوانه «العلمانية والعلاقة بين الدين والسياسة» لطلعت رضوان.
وهو على صغره حافل بالمعلومات وقادر على إيقاظ العقل. ويبدأ الكاتب كتابه بتصدير يتضمن عبارتين تلخصان كل ما يريد أن يقول؛ «الأولى نقلا عن رواية (كرسى الرئاسة) للمبدع كارلوس فوينتس يقول فيها: «كنت أسعى إلى الفضيلة كى نتمكن من ممارسة حريتنا على نحو أفضل. كنت أؤمن ببلد يخص الجميع، يضم الجميع، مهما كان جنسهم أو عرقهم أو دينهم أو عقيدتهم؟».. وعبارة أخرى لفولتير.. «من يبدأ بحرق الكتب ينتهى بحرق البشر». 
وبعد أن يسعى الكاتب لتفسير كلمة علمانية تفسيرا قاموسيا نقرأ «تتأسس العلمانية على فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية، أى أنها لا تعنى فصل الدين عن المجتمع. وهى تفرق بين الشخص الطبيعى الذى له حق اعتناق ما يشاء من أديان ومذاهب وفلسفات وبين الشخصية الاعتبارية (الشركات والهيئات والوزارات) فهى ليس لها دين ولا تتعامل بالدين وإنما بقوانين ولوائح» (ص٩).
ويمضى الكاتب: «إن الفصل بين المؤسسات الدينية والمؤسسات السياسية هو السبيل الوحيد لدرء توظيف الدين الثابت والمقدس لصالح السياسة المتغيرة وغير المقدسة. 
إن ذلك الخلط بين مؤسسات شئون التقديس وشئون السياسة جعل رأس المواطن أشبه بكرة القدم، فالإصلاح الزراعى حلال لأن السلطة السياسية فى عهد عبدالناصر أرادت ذلك.
ثم هو حرام عندما تغير موقف الحكم فى زمن السادات» (ص٩). ويقول المؤلف وحتى «الاكتشافات العلمية بما فيها الطب تخضع لمرجعية مؤسسات شئون التقديس وليس للعلماء، فينحط البحث العلمى ويتحمل البشر الخاضعون للشيوخ ضريبة التخلف»، ثم هو يقصف الفتاوى المغرضة قائلا «ولعلنا نتذكر ضحايا شركات توظيف الأموال (أو نهب الأموال) الذين رددوا وراء موظفى الدين هل نأخذ العوائد الحلال المرتفعة وندخل الجنة، أم نودع أموالنا فى بنوك الدولة وندخل النار؟ (ص٣).
وينعى الكاتب على التعليم والإعلام عدم القدرة أو عدم الرغبة فى التمييز بين دعاوى معادية للوطنية مرتدية ثياب الدين مثل قول حسن البنا: «نحن نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وليس بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية»، أو مهدى عاكف الذى لم ير بأسا بأن يحكم مصر خليفة من ماليزيا لمجرد أنه مسلم»، وبين أقوال وطنية لا يتذكرونها وإن تذكروها لا يذكرونها مثل قول أحمد لطفى السيد «الإسلام ليس للمسلم بوطن، فوحدة الاعتقاد الدينى ليست كافية لإقامة وحدة التضامن الوطني» (الجريدة – ٣-١٠-١٩٢٣).
ويمضى المؤلف سريعا ليجعل من العلمانية أساسا لرصد الواقع والتعامل معه ومن ثم تكون الليبرالية بشقيها الفكرى والسياسي، الأول تعنى إطلاق حرية الفكر والتعبير عنه دون أى قيود وإعلام حر، وحرية البحث العلمى ومناخ يكرس دعائم الدولة العصرية.
والثانى «تكريس حق الاختلاف وحق الخطأ بما يعنى حلم التحضر وحق تكوين الأحزاب بمجرد الإخطار» (ص١١).
ونمضى قدما لنطالع كتابا يستحق المطالعة، فإلى لقاء.