رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الدوافع الحقيقية لإعلان تركيا الحرب ضد الإرهاب "2 - 2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عرضنا فى الأسبوع الماضى أهم الاسباب التى دفعت النظام التركى فى الفترة الاخيرة لإعلان الحرب ضد الإرهاب، وذلك على خلفية تعرض تركيا لموجة من الضربات الإرهابية سواء من داعش أو التنظيمات الكردية المسلحة. ولقد أكدنا أن الأزمة السياسية الداخلية جاءت عقب إعلان نتيجة الانتخابات التركية
حيث تراجع نصيب حزب (العدالة والتنمية) وعجز عن الفوز بعدد من المقاعد تسمح له بتشكيل حكومة، وحيث وصلت نسبة ما حصل عليه من مقاعد حوالى ٤٠٪ فقط، بينما حصلت المعارضة على ٦٠٪ من المقاعد. وبناء على ذلك فقد عجز الحزب عن تشكيل حكومة ائتلافية توافقية مع أحزاب المعارضة. وهذا أحد الأسباب التى دفعت النظام التركى لإعلان الحرب على الإرهاب خارج الحدود التركية فى محاولة لكسب تعاطف الشعب التركى والإيحاء بالمخاطر الخارجية والمؤامرات التى تحاك ضد تركيا. ثم يأتى توقيع (الاتفاق النووى) بين إيران ومجموعة ٥+١ كأهم الأسباب التى تدفع تركيا لإعلانها الحرب على الإرهاب خاصة خارج حدودها.
مع التوقيع (الاتفاق النووى) سنشهد بالتأكيد تقاربًا فى العلاقات بين إيران وأمريكا، حيث ترغب الأخيرة فى توجيه اهتماماتها إلى آسيا لمواجهة النفوذ الصينى والروسى فى منطقة شرق آسيا. وتدرك أمريكا أن إيران لها دور محورى فى ضبط إيقاع الصراع فى منطقة الشرق الأوسط.
ومن هنا ستدعم أمريكا إيران للقيام بدور بارز فى المنطقة ولكن دون الإخلال بعلاقة أمريكا مع دول الخليج. وسيسمح رفع العقوبات عن إيران بالإفراج عن مليارات من الدولارات المقيدة قد تصل إلى ١٥٠٠ مليار دولار، وهذه المليارات ستسمح لإيران بمضاعفة قوتها العسكرية وبالتالى ستزيد من دعمها لحلفائها فى المنطقة. وتعتبر سوريا أكثر مناطق الصراع جدلا بين طهران وأنقرة.
وطهران تعمل بكل قوة للحيلولة دون سقوط نظام بشار الاسد وتدفع بميليشيات (حزب الله) وميليشيات (فيالق القدس) المنبثقة عن الحرس الثورى الإيرانى لدعم نظام بشار الأسد عسكريا.
بينما ترى تركيا أن حل الأزمة السورية لن يتم إلا فى حالة إقصاء نظام بشار الأسد عن الحكم، وتتوافق تركيا مع دول الخليج فى استراتيجية حل الأزمة السورية، فإذا كانت دول الخليج قد دعمت وما زالت تدعم تنظيمات عسكرية سنية فى مواجهة نظام بشار الأسد و(حزب الله) والتمدد الإيرانى فإن تركيا تعمل فى نفس الاتجاه بالتعاون الوثيق مع قطر فى دعم (جبهة النصرة).
بل إن تركيا قد ساهمت فى تأسيس تنظيم داعش عندما سمحت بالآلاف من المتطوعين بالتدريب على أرضها والعبور للأراضى السورية والعراقية، إضافة إلى أن تركيا تشكل غطاءً سياسيًا لتنظيمات الإسلام السياسى مثل (الإخوان المسلمين) فى مصر و(حماس) فى غزة و(حزب النهضة) فى تونس علمًا بأن هذه السياسة التركية لا تتوافق مع سياسات بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات.
إذًا كيف ستستطيع تركيا حل هذا التناقض فى مواقفها مع دول الخليج. إن إعلان تركيا الحرب على الإرهاب ومطالبتها بمنطقة عازلة على الأراضى السورية وقيامها بتدريب ما يعرف بمتطوعين تحت اسم الجيش السورى الحر سيضمن لها التواجد المباشر على الأراضى السورية، وتدريب وتسليح قوة جديدة بالاتفاق مع دول الخليج لتقديم الدعم اللازم لعمليات التسليح والتدريب. على أن إعلان تركيا بالحرب على الإرهاب لا يعنى الحرب على داعش فقط بل يعنى أيضا حربها التاريخية ضد الأكراد، ومن هنا أيضا يظهر الخلاف التركى/ الإيرانى.
فتركيا دائما ما تتهم إيران بدعم الأكراد، خاصة حزب العمال الكردستانى، وتؤكد تركيا أن فيالق القدس تدعم حزب العمال الكردستانى فى حربه ضد تركيا. وتخشى أنقرة بعد توقيع (الاتفاق النووي) أن يتزايد مستوى الدعم الإيرانى للأكراد لمواجهة تركيا. وستصبح الحرب على الإرهاب هى المخرج الإعلامى ومحاولة إضفاء شرعية لحرب تركيا ضد الأكراد.
وستكون الساحة السورية، خاصة الشمال السورى، هى نقطة الانطلاق العسكرى التركى فى مواجهة الأكراد، ومنذ أن سمحت أمريكا للأكراد بإقامة الحكم الذاتى فى شمال العراق وكان هدف أمريكا من وراء ذلك تهدئة الأوضاع الداخلية فى العراق ثم الدفع بقوة ثالثة هى الأكراد لتناوش بين معسكرى الشيعة والسنة فى العراق. لقد استفاد الأكراد من هذه الفرصة فى بسط نفوذهم فى شمال العراق وفى سوريا.
وعموما فإن المسألة الكردية تقع فى أول اهتمامات الدولة التركية وتجعلها تدرس حساباتها جيدا فى علاقاتها مع الدول التى تضم الأكراد مثل إيران وسوريا والعراق، ومن العوامل المهمة والأساسية التى فرضت على تركيا إعادة علاقاتها مع إيران شعورها بخطر ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطى التى حققت مكاسب عسكرية على الأرض فى مناطق شمال شرق سوريا على الحدود التركية مستفيدة من الصراع بين المعارضة السورية وقوات داعش.
ثم يأتى حزب العمال الكردستانى بخبرته العسكرية الممتدة لعشرات السنين، والذى استطاع إعادة تجديد دمائه وقام بتجنيد عناصر كردية من داخل وخارج تركيا كما استطاع أن ينفذ عدة عمليات قوية على أهداف داخل الأراضى السورية.
أما فى الداخل التركى فقد أثرت نتيجة الانتخابات التركية فى قدرة الأكراد على الحشد والتعبئة والدخول كلاعب مهم فى الساحة السياسية حيث أسفرت النتائج عن فوز حزب «الشعوب الديمقراطية» بـ٨٠ مقعدًا لأول مرة فى البرلمان، وجاء ذلك الفوز نتيجة للثقة التى اكتسبها الأكراد خلال الثلاث سنوات الأخيرة، والملاحظ أن عملية المداهمة والتفتيش التى جاءت عقب الأحداث الأخيرة كانت تشمل العديد من العناصر التركية، وأن هجمات الطيران التركى على المواقع الكردية كانت أكثر من الهجمات على تنظيم داعش.
إن أردوغان لن يفوت فرصة الدعاية بالحرب على الإرهاب لمحاولة كسر شوكة الأكراد خاصة فى شمال العراق وشمال شرق سوريا وأن أشد ما يخشاه أردوغان هو إعلان الأكراد عن الدولة الكردية الموحدة على الأراضى التركية والعراقية والسورية.