الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

خطيب بورسعيد: تدخل غير المختصين في الدين «جرم عظيم»

 الشيخ محمد عوض الأزهري
الشيخ محمد عوض الأزهري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الشيخ محمد عوض الأزهري، إمام وخطيب مسجد حمزة ببورفؤاد، في خطبة الجمعة، اليوم:"إن المتأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها نهت عن كل أذى يطال المسلم، لعظم حرمته فهو أعظم حرمة عند الله من الكعبة، ولقد حرم الإسلام أن يظن المسلم بأخيه إلا خيرا، لئلا يفضي ذلك إلى وقوع العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع الواحد، ويؤدي إلى انتشار الفوضى وزعزعة الأمن الاجتماعي وقطع الأرحام، وانصرام وشائج المودة وعلائق المحبة بين أبناء الوطن الواحد.
وأضاف "الأزهري":"عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "صعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم المنبر فنادَى بصوتٍ رفِيع فقال: يا معشرَ مَنْ أسلَمَ بلسانِهِ ولمْ يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه.. لا تُؤذُوا المسلمِينَ، ولا تُعيرُوهُمْ ولا تتَّبِعُوا عورَاتِهِم؛ فإنَّ مَنْ تتبَّعَ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَه، ومنْ تتبعَ الله عورتَه يفضحْهُ ولو في جوفِ رَحلِه"، ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة، فقال: "ما أعظمك وما أعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمةً منك كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، وأن نظن به إلا خيرا". [رواه الترمذي بإسناد صحيح]. 
وتابع قائلا: ومن أعظم أنواع الضرر والإيذاء السخرية والاحتقار، والغيبة والنميمة وفيهما نوع من الجبن والخسة، وأعظم من ذلك فجرا وإساءة المواجهة والمجاهرة بالشتم والسب والإساءة الكلامية والمقاطعة في الكلام، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}. 
وأردف قائلًا:"من أعظم أنواع الإيذاء نشر الإشاعات المغرضة المؤذية للمجتمع وأمنه العام أو لآحاد أفراده قال تعالى: { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ }، وقال تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة}. 
ومن أعظم أنواع الإيذاء اتهام الناس بما لم يرتكبوه، وأخذ الأبرياء ظلمًا قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا }، وقال تعالى: {ومن يكسب خطيئةً أو إثمًا ثم يرمِ به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثما مبينا}.
وشدد قائلا: [إن أعظم أنواع الإيذاء لله ولرسوله وللمسلمين تدخل الناس في غير أعمالهم المنوطة بهم فالعامل والفني يتدخل في الدين، والسياسي والعسكري يتدخل في الدين، وهذا جرم عظيم، ومن جاراهم وأخذ الدين عنهم ولم ينههم عن هذا الإثم فهو شريك لهم، وكذلك هناك من المتلبسين المتظاهرين بالعلم الديني يتدخلون في شئون السياسة العامة لا لنشر قيم الدين من الصدق والأمانة بل لمكاسب سياسية خاصة فهذا جرم عظيم أيضًا، فالتدخل في عمل اللغير ممن لا يمت بصلة لهذا العمل أو لهذا العلم وليس عنده أساسياته يعتبر رعونة وهمجية فاحشة، نهيب بمجتمعاتنا التخلص منها، ألا فليتق الله كل واحد فيما أسند إليه من عمل ولا يتدخل في غير شأنه فيسمع ما لا يرضيه]. 
واختتم: لقد بالغت الشريعة الغراء في تحريم وتأثيم وتجريم كل أذى معنويا كان أو حسيا حتى قال سيد السادات ورحمة الله للكائنات: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه"، وقال عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات:"من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه فيها بغير حق أخافه الله يوم القيامة" [الترغيب والترهيب3/483]، إذا كانت هذه هي تعاليم ديننا في النظرة والكلمة فكيف سيقابل الله قوما استحلوا الدماء والأعراض والحرمات؟! ألا فليعد كل منا للقاء زادًا وللسؤال جوابا.