الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الفيس بوك يقتل فرحة العيد في الريف.. زكريا: الجغرافيا شردت العائلات..حماد: تقلص الروابط الأسرية وقلة التزاور.. ترك: الفروق الطبقية قضت على بهجة الاحتفال

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بهجة العيد حاليا اختلفت بالقطع في ظل أجواء التكنولوجيا التي نالت من الحميمية التي كانت تلقى بظلالها على الناس، حتى في الريف اختلفت مظاهر الاحتفال بالعيد حاليا عما مضى، ففى الماضى كانت العائلات تتبادل الزيارات إضافة إلى زيارة الأصدقاء، لكن في الوقت الحاضر اختلف الأمر وقلت الزيارات بشكل لافت للنظر بسبب تقدم التكنولوجيا وتباعد المسافات بين الأهل، فقديما كان الأهل والأصدقاء يسكنون في قرية واحدة بل في شارع واحد أما حاليا فتجد من يسكن في قرية وأخوه أو صديقه يسكن في المدينة أو في القاهرة ومع صعوبة المواصلات، أصبح التزاور مشقة كما كان الاحتفال بالعيد قديما يتمتع به الجميع فقيرا كان أم غنيا أما الآن الفقير ازداد فقرا لدرجة أصبح العيد يمر عليه وقد لا يشعر بالسعادة أو فرحته بسبب زيادة الأعباء الاقتصادية عليه، مما يجعله لا يشترى الكعك أو ملابس العيد لأبنائه، "البوابة نيوز" تقابلت مع خبراء علم النفس والاجتماع والأهالي في الريف وكانت هذه مقارنتهم بين العيد في الريف في الماضى والحاضر.
فقد قالت الدكتورة هدى زكريا، أستاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق، إن الاحتفال العيد هدفه نفسى اجتماعى إنسانى وقد تختلف الفرحة به باختلاف الظروف، فلدى مقولة أرددها دائما وهى "قتل الله الجغرافيا؛ لأنها شردت العائلات"، فقديما كنا نزور الأقارب والإخوة في الشارع الذي بجوارنا، أما حاليا فإنه لزيارة صديق أو قريب لابد من قطع مسافة بعيدة، فيضيع اليوم في السفر بين المناطق لزيارة الأهل والأصدقاء، مضيفة أن العائلات ذات الأصول الريفية أكثر تمسكا بطقوس الأعياد، في حين أصبح أهل المدينة يفضلون قضاء العيد في المناطق الساحلية، خصوصا من الاغنياء الذين يملكون شاليهات أو لديهم القدرة المالية.
وقال الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، إن التطور التكنولوجي الهائل في آخر 20 عاما تسبب في تغيير الكثير من العادات والتقاليد أو على الأقل في اهتزاز أو ضعف التمسك بها فمثلا في الأعياد كانت هناك عادات راسخة في الريف المصري، مثل تحرك الناس والعائلات جماعات بعد صلاة العيد، لكي يتبادلوا التهنئة فينقسم رجال العائلة إلى مجموعتين.
مجموعة تذهب للعائلات الأخرى، وأخرى تظل في الدوار لانتظار استقبال الضيوف، فكانت تسفر هذه العادات عن إذابة الشحناء والخصام بين العائلات وتطييب النفوس، مضيفا أن الناس أصبحوا يقضون العيد في البيت أمام القنوات الفضائية أو الفيس بوك مما أدى لقلة التواصل وصلة الأرحام، والاكتفاء بالاتصال التليفوني أو حتى المعايدة على فسيبوك هذا حدث على مستوى العائلات والأسر، وعلى مستوى الأفراد أصبح الأفراد أكثر انهماكا في مواقع التواصل والشات والدردشة حتى وهم في الأعياد بدلا من الخروج والتزاور كل هذا يؤدي في النهاية لضعف التماسك الاجتماعي وضعف الروابط الاجتماعية وأنانية الأفراد وانحسارهم داخل ذواتهم.
وقال حسن ترك رئيس حزب الاتحاد الديمقراطى، إن طريقة الاحتفال بالعيد حاليا تعكس واقع الحياة المصرية وتوضح الصورة التي نعيشها الآن أو الواقع المرير الذي تعيشة مصر الآن وهناك جملة مشهورة ارتبطت بالعيد وهى العيد فرحة وكل مصرى يعرفها وكان يفرح فعلا لسماعها لأنها مرتبطة بالعيد ارتباطا وثيقا، فالعيد كان قديما فرحة بالفعل، لعدة أسباب في الماضى الفرق بين الطبقات لم يكن بهذه البشاعة الآن ناس في قمة الجبل وهم تعداداهم يصل إلى المليون تقريبا وهم مجموعة من الشخصيات الذين استفادوا من النظام السابق وعقدوا صفقات معه في أعمال أو شغلوا وظائف مهمة في مراكز حساسة وكلاهما كان يستفيد من النظام ولا يهمه البلد، وباقى الشعب كان ولا يزال تحت خط الفقر وهناك فئة قليلة بين الفئتين السابقتين ومع مرور الوقت تنزل هذه الفئة إلى خط تحت الفقر ولا تصعد.
وأكد ترك أن العيد زمان كان يعنى ملابس جدىدة وفسح وكعك وكان كل الشعب يستطيع أن يفعل ذلك الملابس رخيصة وخامات الكعك رخيصة وكل الناس الغير مقتدرة كانت تصنع الكعك وترسله إلى الأفران للتسوية أما المقتدر فكان يشترى الجاهز، وهذا كان يتم في كل أنحاء مصر من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، مضيفا أن الجنوب كما نعلم لا توجد به تنمية أو مصانع فهو قائم أصلا على الزراعة، والزراعة في الماضى كانت مربحة نوعا ما عن الآن ونتيجة تدخل الكيماويات والأسمدة ووجود تلاعب في أسعار الأسمدة فصارت تخسر المزارعين علاوة على نقص المياه ووجود سدة شتوية واختلاط ماء الصرف بالمياه النقية فصار الناتج من المحصول لا يجلب العائد المادى الجيد.
علاوة على هجرة كثير من العناصر الطموحة إلى المدن فكل مدن الصعيد ازدادت فقرا على فقر فانتهت فيها مظاهر العيد من فترات بعيدة. أما بالنسبة لأهل المدن فهم منقسمون إلى قسمين: الأول يضم من هم تحت خط الفقر وهؤلاء يمثلون ٧٠% من أهل المدن وهذه المجموعة كل ما يتمنوه أن يمر يومهم بدون أن ينام أحد منهم جوعان فمنهم من يأكل وجبة واحدة في اليوم لكى يوفر لإخوته وهذة الفئة تجدهم يبحثون عن توفير مبلغ الربع جنيه فهم يركبون المواصلات الأرخص، أما الفئة المتوسطة ونسبتهم٢٠ في المائة فهم الذين يشترون ويزحمون المحال أما الـ١٠% الباقية فهم الأغنياء الذين حققوا ثراء فاحشا في ظل النظام السابق، وأولئك يملكون أكثر من شالية في أكثر من قرية فايامهم كلها أعياد مشكلتهم تكمن في أنهم لا يريدون أعياد لأن الأعياد تجعل القرى السياحية ممتلئة وهم لا يريدون ذلك الزحام.
وأوضح محمد أبو الفضل، منسق نادي الصعيد العام، أن العيد هو المكافأة التي ينالها العبد بعد صيام رمضان إيمانا واحتسابا، والعيد فيما سبق كانت له نكهة خاصة، وكان أكثر وبساطة مما هو عليه الآن، وكان المجتمع يشعر بالفرح والسعادة وقيمة الاحترام والتواصل الأخوى ومراعاة الآخرين. فالناس في السابق كانت تنتظر العيد بفارغ الصبر وبلهفة الشوق التي تظهر على وجوه الكبار والصغار فحينما كان يصلنا خبر قدوم العيد حتى تهب رياح الفرح والسعادة ونتزاور فيما بيننا، هناك حنين لدى الجميع للعيد سابقا وللعادات والتقاليد الموروثة خلال أيام العيد، التي اندثرت وحل محلها طقوس بلا طعم ولا لون يتسم بالجفاء وجفاف المشاعر بعد أن كانت الأواصر الاجتماعية هي الأقوى بين الناس، فكانت تسودها المحبة والوئام والإخوة فتجد الكل يسأل عن بعضه بعكس تلك الأجيال التي تشعر بالغربة الدائمة مثقلين بهموم وأعباء الحياة.
على عثمان سليم عمدة قرية الأقواز، يؤكد أنه لا يوجد وجه للمقارنة بين الماضى والحاضر فكنا قديما نعد لفرحه العيد مسبقا في كل شىء من بداية من عمل الكحك وتفصيل الجلباب البلدى الجديد والاستعداد مع الزملاء والأصدقاء لأخذ العديه من الأب والأقارب والزيارات على الأقارب مع الأب في جو كله مرح وحب وموده وكانت لأيام العيد مذاق خاص غير الآن، إضافة إلى انتظار الأقارب المقيمين في القاهرة لحضور العيد معنا فكانت فرحه العيد الوقفه وثلاثة أيام العيد، أما الآن فرحه العيد نحو ساعه أو ساعتين على الأكثر "حاجة كده تيك أواى على السريع"، ففرحة العيد كانت زمان طبيعية الآن مصنعة على النت وشاشات التليفزيون، فقديما كان للعيد طعم ومذاق خاص غير الآن صلاه العيد غير زمان طعم الكحك الجاهز غير طعم كحك زمان المصنع في المنزل حتى لعب الأطفال غير زمان، هناك فروق كثيره في أشياء كثيرة كانت زمان كل حاجة طبيعية الآن كل حاجة صناعية حتى الفرحة.
ورأى محمد الأخارسى الباحث في الشأن السيناوى، أن فرحة وبهجة العيد ومظاهر الاحتفال والاحتفاء به اختلفت في الوقت الحاضر عن الماضي، ففي الماضي كان تجمع العائلة في آخر ليلة من رمضان هي الطقس المميز لبهجة استقبال العيد، فيجتمع جميع أفراد الأسرة بمنزل العائلة والمتواجد به كبير العائلة مثلًا، أما في الحاضر اختلف الأمر حيث تأثرت القرى الريفية أو البدوية إن صح التعبير بحياة الحضر فاستقل كل فرد بأسرته وضعفت صلة الأرحام واقتصر الأمر في العيد على صلاة العيد والتزام المنزل أو الخروج إلى المنتزهات، وربما يتقابل أفراد الأسرة الواحدة قدرًا بمنتزه مثلًا، لكن أرى إن الحال قد تغير كثيرًا عن الماضي.