الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فاروق القاضي "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويبدأ فاروق القاضى فصلًا إضافيًا من كتابه «آفاق التمرد» عن الإسلام وسماه «ثورة الراعى اليتيم» ملاحظًا أنه تفرد عن غيره من الأنبياء «بنمط تحرك بشرى بعيدًا عن الخوارق.. فأعلن «هل كنت إلا بشرًا» (الرعد – ١١) و«لا أملك لنفسى نفعًا ولا ضرًا» و«ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء» (الأعراف – ١٨٨).. وهى لفتة شديدة الذكاء منه، لأنه بهذه الآيات يعلن التمرد على كل هؤلاء الذين يزعمون حكامًا كانوا أو كهانًا متأسلمين أنهم فوق المستوى البشرى أو يدعون العلم بالغيب أو قدرتهم على استجلاب الخوارق، أو كل ما يتنافى مع العقل البشرى وقدراته.
وهكذا يواصل موقفه التجديدي. ثم أن المنحى التجديدى لفاروق القاضى توجه إلى عدم المغالاة والمبالغة فيما هو غير مفروض على المسلم من واجبات. مشيرًا إلى الحملة الضارية التي شنها المتنطعون على د.محمد حسين هيكل بعد إصداره كتاب «حياة محمد» ليس اعتراضًا على كتاب لم يقرأوه وإنما لأنه أورد اسم «محمد» في العنوان دون ذكر «صلى الله عليه وسلم»، وسكت هيكل حتى كانت الطبعة الثانية من كتابه فرد عليهم في مقدمته رافضًا تعنتهم وجهلهم بحقائق الإسلام وقال «فقد ذكر أبو البقاء في كلياته «أن كتابة الصلاة على النبي» يكفى أن يذكرها المسلم مرة واحدة في حياته، وقال ابن نجيم في «البحر الرائق» وأما موجب الأمر فيأتى قوله تعالى «صلوا عليه» (الأحزاب- ٥٦) فهو افتراضها في العمر مرة واحدة في الصلاة أو خارجها، لأن الأمر لا يقتضى التكرار وهذا بلا خلاف، فالصلاة هي الدعاء ومعناها في الآية أن يترحم الله على النبى ويسلم» (ص٤٠٠).
ثم هو يتجول بنا في كتابات عدة ناقشت العلاقة بين النص والعقل ويتوقف بنا مع نصر حامد أبو زيد إذ يقول «لقد انتزعنا آية والله خلقكم وما تعملون من سياقها لنقول إن العمل الذي نؤديه نحن هو من صنع الله، وأكد كثير من أهل السلف أن العمل مخلوق الله، ونسينا أن هذا الكلام إن صح ما كان عبدة الأصنام مسئولين لأنهم إذا كانوا وأعمالهم أثناء شركهم ووثنيتهم من خلق الله فما عليهم من ذنب. (ص٤٠٥) ويقول «إن الخطاب الدينى السلفى أعاد صياغة هذا العقل صياغة لا علاقة لها بالأصل، ولا بمقصود النص، وبرغم كل شيء أصبح العقل والتفكير العقلانى ثم الفلسفى جزءًا لا يتجزأ من الحياة الفكرية في الإسلام، إذ أرسى مبدأ مطابقة صريح المعقول مع صحيح المنقول ليبدأ صراع أبدى لم يزل وسيظل قائمًا بين العقل والنقل» (ص٤٠٥).
ولا حيلة لنا، فكلما تمعنا في أسطر هذا الكتاب الموسوعة نجد ما يستحق الكتابة والانتفاع به فكرًا وفلسفة ونصًا.. ويبقى أن نتوجه بالشكر الممزوج بالاحترام لهذا الجهد الفائق والشجاعة في الفكر والقول. فشكرًا فاروق القاضي.