الأربعاء 12 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيسي والظهير السياسي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مر عامان منذ أن تحررت مصر من نظام حكم فاش شاءت إرادة الله قبل إرادة الشعب أن يتم إنقاذ البلاد منه، فى لحظة ظن البعض أنه جاثم لعشرات السنين القادمة، ولا شك أن استنشاق هواء نظيف بعد ٣ يوليو ٢٠١٣ أعاد الأمل من جديد للخروج من نفق مظلم دخلت فيه مصر، وفى الوقت نفسه نحتفل بمرور عام واحد على إنجاز الاستحقاق الثانى لثورة الثلاثين من يونيو، وهو انتخاب رئيس الجمهورية، والواقع أن انتخاب عبد الفتاح السيسى جاء متوائما ومتوافقا مع ما تريده أغلبية المصريين، فلم يكن رئيسا بـ ٥٠٪، إنما حقق نصرا وفوزا جماهيريا ساحقا رغم أنف الحاقدين على مصر واستقرارها فى الداخل والخارج، والحق يقال إن الرجل لم يأخذ المهمة تشريفا أو بحثا عن جاه أو سلطة إنما أخذ المهمة تكليفا شعبيا منذ السادس والعشرين من يوليو ٢٠١٣ عندما فوضه الشعب بمكافحة الإرهاب.
وبعد هذا التاريخ كان السيسى أمل الجماهير فى الخروج من عنق الزجاجة، ولأنه جندى لم يهرب من المعركة، وكان أسهل له وأيسر أن يظل فى منصبه وبزيه العسكرى، وكانت موافقته على التكليف موافقة أخرى على التحدى بكل أشكاله، وتحديا للإرهاب الذى لجأ له المعزولون وأشهروا سلاحا فى وجه مصر الجديدة، وتحديا للأوضاع الاقتصادية الصعبة، وخزانة شبه خاوية، ومعدل نمو متدنيا، ومشكلات فى الصحة والتعليم، وزيادة معدلات البطالة، وتحديا يمثله وجود إعلام غير مسئول وغير منضبط وخطاب دينى يحتاج إلى مراجعة شاملة للعودة إلى وسطية صحيح الدين، بلا زيادة أو انتقاص من شكله ومضمونه، وتحديا للأوضاع الأمنية الداخلية وإن كان الإرهاب جزءا منها، غير أن الشارع المصرى كان يحتاج أيضا إلى انضباط أمنى من خلال الالتزام بالقانون وفرض قوة إنفاذه، بالإضافة إلى المشكلات المزمنة التى تحتاج إلى تشخيص وعلاج منذ عشرات السنين، والتى تراكمت وأصبحت حالة مزمنة مثل العشوائيات والفساد وتلوث البيئة.
وحتى تكتمل صورة التحدى الكبير الذى واجهه الرئيس فى بداية مشواره لا بد أن نوضح أن التحدى لم يكن داخليا، فقط بل كان خارجيا أيضا، لأن هناك قوى إقليمية من مصلحتها تقزيم الدور المصرى، وكذلك قوى دولية لا تريد لمصر القيام من كبوتها لأسباب يطول شرحها، ولكن من بينها أن الجماعة الإرهابية تسخر أبواقا دعائية تروج ضد النظام السياسى المصرى الحالى، من هنا كان لا بد أن يكون الشعب المصرى ظهيرا للرئيس فى معركة التحدى، وهذا بالفعل ما حدث حتى من قبل انتخابه، ولكنه كان ظهيرا جماهيريا وليس سياسيا، وعبر التاريخ نجد أن الظهير الجماهيرى والشعبى يظل مطلوبا فى حالة الاحتشاد القومى فى مواجهة الأخطار العابرة واللحظات الحاسمة فى تاريخ الوطن.
ولكن مع استمرار التحديات وما سميناه المشكلات المزمنة يحدث تآكل طبيعى للظهير الشعبى بشكل تدريجى ما لم تتحرك السلطة التنفيذية والمؤسسات المعاونة للرئيس لوضع حلول لهذه المشكلات التى تؤرق حياة المواطن، وطبيعى أن هؤلاء الذين تخصصوا فى الاصطياد فى الماء العكر يحاولون استغلال الموقف لصالحهم، وعليه يصبح من الضرورى أن يكون هناك ظهير سياسى للرئيس يتمثل فى حزب سياسى قوى له جذور فى الشارع المصرى، يستند إليه الرئيس فى تحركاته فى مواجهة التحديات التى أشرنا إليها، سواء كانت داخلية أو خارجية.
وتتعاظم أهمية الظهير السياسى كلما اقتربنا من الاستحقاق الثالث لثورة الثلاثين من يونيو، وهو انتخابات مجلس النواب، ورب ضارة نافعة.. إن تأجيل إجراء هذه الانتخابات جاء فى صالح الرئيس للتفكير جديا وعمليا لتكوين حزب جديد، وهذا ما أفضله فى قيادة المرحلة القادمة من العمل الوطنى، خاصة أن الأحزاب الحالية الموجودة على الساحة السياسية قد عجزت عن القيام بواجبها تجاه الوطن فى أشد المراحل خلال السنوات الأربعة الماضية، لكن إذا كنا نطالب بقيام حزب جديد يمثل الظهير السياسى للرئيس حتى ولو لم يكن الرئيس زعيمه، فإننا نحذر من استنساخ حزب وطنى جديد، ومن أن تكون رموز نظام حسنى مبارك مؤسسيه، نريد حزبا بعيدا عن هذه الطغمة التى كشفتها ثورة ٢٥ يناير، وكم أتمنى أن يتجه الرئيس بنفسه لتشكيل هذا الحزب من الشباب الذى يعلق عليه آمالا كبيرة.