الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تقرير أمريكي يفضح انتهازية الإخوان.. "كارنيجي" يستعرض إخفاقات "الإرهابية".. ويعترف بفشل الجماعة في قراءة المشهد السياسي.. والعزلة عن جميع أطياف المجتمع

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
 نشرت مؤسسة "كارنيجي" الأمريكية للأبحاث تقريرا مفصلا عن إخفاقات جماعة الإخوان الإرهابية من النواحي السياسية والإيديولوجية والتنظيمية.
ويسرد التقرير الصادر مؤخرا الجوانب المختلفة للجماعة الإرهابية والتي أدت إلى إخفاقها سياسيا ومجتمعيا إلى الحد الذي جعل الشعب المصري ينتفض ضدها في 30 يونيو 2013، حيث أكد التقرير أن الجماعة لم تتمكن من القيام بعملية تحول في بنيتها الإيديولوجية والتنظيمية بما يتماشي مع روح العصر، كما أن اشتغالهم بالعمل السياسي واندماجهم في النظام القائم قبل ثورة 25 يناير لم يؤد إلى تبنيهم أفكار الديمقراطية والحداثة كما توقع البعض، كذلك فإن قيادة الجماعة لم تنجح في استرضاء أركان الدولة القوية في مصر، كما عجزت عن جذب النخب والفاعلين السياسيين ذوي الأهمية والتأثير في الشارع المصري.
ووصف الكاتب فكر الإخوان السياسي بالضحالة والانتهازية، مما أثر بالطبع على ادعاءاتهم بالشرعية وبامتلاك مشروع لإقامة دولة ذات نظام حكم إسلامي، وفي هذا الإطار لم تتمكن الجماعة من ترجمة الانتصارات الانتخابية التي حققتها إلى سيطرة حقيقية على المشهد السياسي، وقد أدي كل ما سبق إلى فقدان الثقة في" شعار "الإسلام هو الحل" الذي رفعه الإخوان.
وحدد التقرير ثلاثة أخطاء رئيسية وقعت فيها جماعة الإخوان على النحو التالي:
فعلى المستوي السياسي، لم تتمكن الجماعة من قراءة الوضع السياسي في مصر على نحو سليم، حيث اندفعت بقوة نحو محاولة السيطرة على المشهد في عملية تخللتها أخطاء تكتيكية فادحة، حيث لم يدرك قادة الإخوان وجود قوي مؤسسية تقليدية ممثلة في الجيش والشرطة والقضاء والجهاز الإداري للدولة.. معتبرين الانتصارات الانتخابية التي نجحوا في تحقيقها بمثابة تفويض شعبي مطلق، متناسين أهمية عدم تهميش النخب العلمانية وضرورة تقديم بعض التنازلات لكسبهم في صف الإخوان.. فقد خاضت الجماعة معركة لا يمكن حسمها أو تحقيق النصر فيها، متسلحين بالحماسة الإيديولوجية وأوهام العظمة وليس بناء على تقييم واقعي للحقائق الموجودة على الأرض.

وفي ذات السياق، لم يفطن قادة الإخوان للديناميات الإقليمية المحيطة والتي تجلت في دعم السعودية والإمارات وبدرجة أقل الكويت لمؤسسات الدولة التقليدية في مصر، حيث ألقت الدول الثلاث بثقلها السياسي والاقتصادي والإعلامي خلف المعسكر المناهض للإخوان وذلك خوفا من تنامي النفوذ الإخواني داخل هذه الدول الثلاث.

وعلي المستوي الإيديولوجي، ظهرت الانتهازية بشكل جليّ في تطويع بعض الأفكار لتحقيق انتصارات سياسية على المدي القصير، إلا أن هذا لم يمحو من ذهن المصريين الأفكار المتطرفة التي تعتبر ركيزة أساسية في فكر الجماعة، كما أن الانفصال الواضح بين فكر الجماعة ومواقفها السياسية قد أظهر للجميع عدم التوافق بين فكر الإخوان والقيم الديمقراطية الحديثة.

أخيرا على المستوي التنظيمي، كانت الهيراركية/ التدرج في هرم السلطة / الجامدة التي تتصف بها الجماعة من الناحية التنظيمية، فضلا عن المركزية الشديدة وعدم الشفافية في صنع القرار، والانغلاق على الأعضاء والعزلة عن بقية أطياف المجتمع، عقبة أمام قدرة الجماعة على التكيف مع المتغيرات المجتمعية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة، حيث أن حرص الجماعة المبالغ فيه على تحقيق الوحدة التنظيمية وإسكات الآراء المخالفة قد أدي إلى ابتعاد العقول المميزة وانشقاقها عن الجماعة، كما أن عقلية القادة التنظيميين للإخوان والتي يطغي عليها الانطواء والتحجر قد ساهمت أيضا في إعاقة قدرتها على بناء شبكة من الحلفاء الداعمين لها.
ويستعرض التقرير كيف اتسمت جماعة الإخوان وقادتها بضيق الأفق السياسي الذي لم ير في ثورة 25 يناير سوي فرصة سانحة للقفز على المشهد والانقضاض على السلطة، غافلين العوامل التي أدت إلى اندلاع تلك الثورة وعلي رأسها رغبة المصريين في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي كان افتقاد الإخوان للرؤية وعدم قدرتهم على بلورة أجندة إصلاحية أحد أهم أسباب سقوطهم المدويّ.
وجد الإخوان في نموذج "أردوجان" مثالا يحتذي به، بغض النظر عن غياب الكوادر المؤهلة داخل صفوف الجماعة والقادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية وبناء التحالفات السياسية على غرار ما قام به أردوجان في تركيا وبالتالي كان اندفاعهم نحو السلطة بمثابة انتحار سياسي سريع.
ويتناول التقرير بالشرح إيديولوجية الإخوان التي يغلب عليها الجمود والتمسك بأفكار حسن البنا وسيد قطب شديدة التطرف والتي تجاوزتها الحركات الإسلامية في الدول الأخرى مثل تونس والمغرب والسودان، مثل فكرة "دولة الخلافة" وغيرها من الأفكار غير القابلة للتحقق والمتنافية مع روح العصر، إضافة إلى تفسيراتهم الخاصة للنصوص الدينية والتي أقل ما توصف به أنها شديدة العنصرية والتمييز ضد المرأة والأقليات وكل ما هو غير مسلم، كما لا يخفي على أحد التناقض بين ادعاء الالتزام بالشريعة والقيم الإسلامية وبين اتباع سياسة اقتصادية تقوم على آليات السوق والالتزام بسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين، إلى غير ذلك من التناقضات التي يحفل بها فكر الجماعة.
وكان من الطبيعي بعد كل ما سبق أن ينصرف الشعب المصري عن هذه الجماعة، ويعلن لفظه لها من خلال المظاهرات العارمة التي اجتاحت محافظات مصر في 30 يونيو 2013، إيذانا ببدء مرحلة جديدة يسطر فيها الشعب المصري صفحة ناصعة من صفحات الوطنية والانتماء والتكاتف من أجل رفعة مصر داخليا وخارجيا.