السبت 01 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

زوارق الموت في المتوسط

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
زوارق الموت والكوارث التى نجمت عنها فى البحر الأبيض المتوسط تستحق من بلدان القارة الأوروبية وبلدان جنوب المتوسط استراتيجية ملائمة للحول دون إعادة إنتاج هذه الكوارث.
المسئولية الأخلاقية والقانونية والسياسية عن هذه الكوارث تتوزع بين الدول الأوروبية ودول جنوب المتوسط، والاثنان معا بحاجة للحوار والاتفاق حول مجموعة من المبادئ والمقترحات الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة.
تتمثل مسؤولية أوروبا فى إغلاق الحدود أمام المهاجرين ومراقبتها بالسفن والطائرات وحظر الهجرة من بلدان الجنوب لاعتبارات ديموجرافية وأمنية وسياسية، بيد أن هذه السياسة تستمد جزءا كبيرا من أسبابها من رضوخ اليمين الليبرالى واليسار الاشتراكى لمقولات اليمين المتطرف العنصرى الذى يحمل الهجرة المسؤولية عن كل المشكلات التى تواجهها أوروبا والمواطن الأوروبى، وتطبيق هذه السياسة من حكومات أوروبا يعنى الرضوخ لابتزاز اليمين المتطرف والوقوع فى فخ مقولاته وأطروحاته العنصرية.
هذا هو الجانب الأول للمسئولية الأوروبية، أما الجانب الثانى فيتمثل فى مسئولية أوروبا والأطلنطى فى تدمير البنية التحتية الليبية وإشاعة الفوضى فى ربوع هذا البلد الذى أصبح ممرا لغالبية المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.
ويكاد يماثل ما فعلته أوروبا وفرنسا تحديدا فى ليبيا ما فعلته قبلها الولايات المتحدة الأمريكية فى العراق، حيث انطلقت فى كلا البلدين موجات الطائفية والعنف التى طالت الجميع، بالإضافة إلى ذلك فإن الدعم الأوروبى لبلدان الجنوب من أجل الاستقرار واستعادة الأمن والدولة وتحقيق تنمية مناهضة الفقر والبطالة لم تكن بمستوى التحديات المطروحة.
أما مسئولية دول جنوب المتوسط فتتمثل فى فقدان الإرادة السياسية لبناء الدولة والأمن وتفكك الدولة الوطنية وظهور الفاعلين الجدد أى المنظمات الإرهابية والمتطرفة وتحكمها فى رقاب البلاد والعباد، ونتيجة لذلك يسود العجز عن تحقيق التنمية ومحاربة الفقر وبناء دولة القانون وهو الأمر الذى يدفع أعدادا كبيرة من المواطنين للبحث عن مأوى وملاذ آمن عبر المغامرة بحياتهم فى زوارق الموت.
كلا الأمرين أى إغلاق الحدود الأوروبية وتفكك الدولة الوطنية وضعف سياسات الاندماج الوطنى والتنمية والتوزيع العادل للثروة الوطنية يدفعان نحو إنتاج ظاهرة زوارق الموت التى حولت البحر المتوسط لمقبرة بحرية.
معالجة هذه الكوارث تقتضى من الجانب الأوروبى فتح الحدود وبيع التأشيرات وتطبيق سياسات للهجرة تحدد عدد المهاجرين المسموح بهم لكل دولة أوروبية حسب طاقتها الاقتصادية والديموجرافية وفى نفس الوقت تطبيق سياسة أمنية تكفل منع تدفق الإرهابيين والمتطرفين من داعش وغيرها من التنظيمات إلى أوروبا، ذلك أن إغلاق الحدود يشجع الهجرة السرية ويعزز سماسرة تهريب المهاجرين خاصة أن السياسة الحالية المطبقة أوروبيا لم تفلح فى تقليص حركة الهجرة غير الشرعية عبر البحار أو عبر الحدود البرية.
أما دول الجنوب فينبغى أن تتوفر لها الإرادة على استعادة الدولة والأمن وتحقيق التنمية المستدامة وكفالة المساواة بين المواطنين والتوزيع العادل للثروات ولن يتأتى ذلك إلا عبر التخلص من الإرهاب والتطرف واستعادة التوافق حول الدولة المدنية وأن تحظى هذه البلدان بمساعدة أوروبية فعالة من أجل تحقيق هذه الأهداف وأن تكون أوروبا قادرة على تصحيح أخطائها وسياساتها.