الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

المسلم بين الإيمان الحق .. والتأسلم 24

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وتراجع اليمين بعيداً عن معركة الليبرالية والحريات وتجديد الفكر الديني تحت مطارق التكفير وسعياً نحو إرضاء القصر الملكي ، وتطلعاً إلى المشاركة فى حكم البلاد على حساب حزب الوفد وفى مواجهته . وهنا بدأ دور اليسار الذى كان يركز على القضايا الاجتماعية ولا يتلمس مسألة الليبرالية والتجديد فى الدين إلا لماماً . بل كان لا يكف هو أيضاً ، على الهجوم على حزب الوفد ربما بسبب الثأر القديم المتمثل فى قرار سعد زغلول بحل الحزب الشيوعي واتحاد العمال ومحاكمة قادته . والمعارك اليسارية مع الوفد طويلة ، لكنني أختار منها نموذجاً فريداً لشاعر فريد هو أيضاً ويساري شجاع هو محمود رمزي نظيم الذى كانت قامته فى ذلك الحين قريبة من قامة بيرم التونسى ومع ذلك طواه النسيان الذى فرضته عليه القوى الرجعية بكافة أطيافها . ولدينا قصيدة عنوانها “,”بين برلمانين“,” كتبها نظيم بعد حل البرلمان الوفدي وبدء انتخابات جديدة . ونقرأ دو شتوني ولا شيء جديد فلا غلب ولا حال سعيد جموستي شركة العمدة وجحشي بتاع الشيخ والغفرا شهود وزعبوطى المقطع من زمان هو الزعبوط والزفت العتيد ثم هو يوجه كلامه لنواب الوفد الذين حل برلمانهم قائلاً : أدى حالتى مطينة تبكى فإيه اللى عملتوه يفيد خششتوا البرلمان فكان حرباً على كام قرش يأخذها العبيد خنقتونا وزدتوها هباباً على الفلاح هل هذا حميد ؟ ودى أنتم قد وقعتم تحت ايدنا وللايام تصريف مجيد وأنتم يا جداد إذا انتخبتم فماذا تعملوا ماذا تريدوا ؟ شفونا يا خلايق أحنا منكم ومن مصر ومحناشى هنود . [ الحساب – 306 – 1925] . وتمضى الحساب فى معركتها الطبقية فى ظل مناخ تفرغ فيه الكثيرون للصراع الفكري حول الخلافة وكتاب “,”في الشعر الجاهلي“,” وكتاب “,”الاسلام وأصول الحكم“,” وتجديد الفكر الديني ويعاود محمود رمزي هجومه الطبقي الحاد إذ يطالب العمال والفلاحين بالهجرة بعيداً عن الظلم الطبقي الذى يمارس ضدهم ويقول : وسيبوا مصر للملاك تسكنها يجندوا جيشها من خير شجعان وسيبوا النيل للأسياد تحرسه وقت العلو وقد اضحى كطوفان ودوروا لنا على العمال إخوتنا م إسكندرية لدمياط لأسوان وسيبوا الشغل للملاك تعمله ليصبحوا بين نجار وسنان وساعدوهم على لم العزال وأنا سايق حميركم وحاطط ديلى فى سنانى ثم يمضى فى قصيدة طويلة قائلاً : يكفى بقى غلبنا يكفى فضيحتنا واللي جرى ينكتب فى كل جرنان قال يتركونا وعن صحة سلامتنا لا يسألوا فى انتخاب جاي من تاني والأغنيا بس مندوبون ينتخبوا للبرلمان فهم أرباب سلطان والحاملين شهادات مقلوظة كالأغنياء فهم أصحاب عرفان وسبعة وتسعين فى الميه مكممه عن الكلام وإن كانوا كسحبان أما الثلاثة فى المية فإنهموا أهل الرياسة فى أنس وفى جان فإن يقولوا فمصر كلها نطقت ومن بمصر سواهم غير جدعان [ الحساب – 18-5-1925 ] ولكى أتباعد القارئ عن الدهشة من إيراد كل هذا القدر من الشعر ، فإنني أعترف بتعمدي ذلك . لكى تأتى إمكانية المقارنة بين التعبير الفني فى المحتوى الطبقي لليسار وبين ما كان بعد ذلك منذ بداية ثلاثينيات القرن الماضى من كتابات ورسوم تشكيلية وإشعار كتبت أصلاً بالفرنسية ثم ترجمت بعربية غير مفهومة ، ومقالات سيريالية النسيج ورسوم من نوع لوحه اسماها صاحبها “,”التعبير عن مشاعر كرسي عندما تجلس عليه“,” وشعارات جميلة لكنها لا تقترب من ذهن المواطن العادي مثل “,”الفن معمل بارود“,” أو “,”من حق الإنسان أن يعيش حراً 24 ساعة فى اليوم“,” . وقصص كتلك التى كتبها البير قصيرى فلما لم يجد من يفهمها فى مصر غادر الى باريس وأبدع هناك بالفرنسية . انه محتوى راق وليبرالي بل وأكثر من ليبرالي ولكنه بعيد عن مذاق الفلاح والعامل .. والحقيقة أن هذه الليبرالية قد تداخلت مع مساحة ما من النضال السياسي الذى جذب عديداً من مثقفي البرجوازية الصغيرة المصريين فتولد من ذلك صراع سياسي أفضى الى التحرر من هذه الأفكار المغموسة فى السيريالية وأيضاً التحرر من أصحابها .