رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأناضول: الاضطرابات السياسية تهدد مصير قرض النقد الدولي


وزير التخطيط والتعاون
وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري أشرف العربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

باتت الاضطرابات السياسية في مصر أمرًا متكررًا يفرض نفسه دائمًا على مفاوضات القرض الدولي الذي تطلبه الحكومة المصرية من صندوق النقد منذ أكثر من عام، حتى أصبح القلق يساور البعض بشأن مصير تلك المفاوضات والمساعدات الاقتصادية التي تطلبها مصر من عدة جهات تمويلية.
وتشهد العاصمة القاهرة أحداث عنف منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي، كما حاول متظاهرون اقتحام القصر الرئاسي مساء أمس الأول، بالإضافة إلى اندلاع أعمال عنف في بعض مناطق مدن بورسعيد والسويس والإسماعيلية التي تقع على امتداد خط قناة السويس.
وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي المصري أشرف العربي، في تصريحات لوكالة الأناضول للأنباء، إن العديد من الجهات التمويلية علقت مساعداتها المالية لمصر لحين حصول الأخيرة على قرض صندوق النقد الدولي الذي يعد بمثابة شهادة جدارة ائتمانية للاقتصاد المصري.
وأضاف العربي في تصريحات لـ“,”الأناضول“,” أن مصر تحتاج إلى 14.5 مليار دولار قروض بجانب قرض صندوق النقد الدولي، لسد الفجوة التمويلية بعد زيادة عجز الموازنة العامة للدولة.
وأشار إلى أن جهات تمويلية عديدة، منها بنك التنمية الإفريقي والمفوضية الأوروبية وجهات أخرى عربية وأجنبية ستكون على قائمة مفاوضات المنح والمساعدات المقدمة إلى مصر خلال المرحلة المقبلة.
ولا تحتاج مصر لمزيد من الدعم المالي الخارجي لسد عجز ميزانياتها الذي قد يتعدى 30.3 مليار دولار للعام المالي الجاري فحسب، وإنما تحتاجه أيضا لتمويل احتياطي النقد الأجنبي الذي تراجع إلى 15.5 مليار دولار، تكفي تغطية الواردات لمدة 3 أشهر فقط، ولتمويل خطتها الاستثمارية التي تبلغ 55.6 مليار جنيه للعام المالي الجاري، للبلد الذي تعدت فيه نسبة البطالة نحو 12%.
وقال الدكتور أحمد جلال، رئيس منتدي البحوث الاقتصادية وكبير الاقتصاديين بالبنك الدولي سابقا، إن الظروف الحالية ستؤثر بالتأكيد على مفاوضات المساعدات والقروض التي تطلبها الحكومة المصرية.
وأضاف جلال أن ما يتردد بأن صندوق النقد يرهن الموافقة على قروضه بمواءمات سياسية وليست اقتصادية مع الدول المقترضة، لا يعني أن الصندوق سيغامر بأمواله في تلك الظروف الصعبة التي تمر بها مصر حاليًا، خاصة في ظل تراجع التصنيف الائتماني لمصر.
وتحتاج مصر لقرض صندوق النقد لتحسين وضعها على مؤشر التصنيف الائتماني الدولي، الذي تراجع أكثر من مرة على مدار العامين السابقين، وانعكس هذا التقييم السلبي على تصنيف البنوك المصرية كذلك، التي انخفض تصنيفها الائتماني بالتبعية.
وخفضت مؤسسة “,”فيتش“,”، نهاية الأسبوع الماضي، التصنيف الائتماني السيادي لمصر درجة واحدة من “,”+B“,” إلى “,”B“,” مع نظرة مستقبلية سالبة، وذلك بسبب الاضطرابات السياسية واتساع عجز الموازنة، وارتفاع أسعار الفائدة على الاقتراض.
كما قامت وكالة “,”موديز إنفستورز سيرفيس“,”، للتصنيف الائتماني، في يناير الماضي، بوضع تصنيف سندات الحكومة المصرية، قيد المراجعة، لخفض محتمل في التصنيف، بسبب حالة عدم التيقن بشأن الأوضاع السياسية في البلاد ومدى قدرة مصر على الحصول على تمويل دولي.
وأوضح رئيس منتدي البحوث الاقتصادية: “,”من المعروف أن الدول الأعضاء المساهمة بنسبة كبيرة في رأسمال صندوق النقد لديها دوافع سياسية قد تكون محركا أساسيا لقرارات الإقراض التي يتخذها مجلس إدارة الصندوق، لكن الأخير يشدد في الوقت ذاته على ضرورة معرفة البرنامج الاقتصادي للدولة المدينة حتى تستطيع سداد القرض خلال فترة محددة“,”.
وأكد رئيس منتدي البحوث الاقتصادية “,”العديد من الجهات التمويلية ترغب في مساعدة مصر خلال تلك المرحلة، لكن على الحكومة المصرية أولا رسم خطط محددة للخروج من المأزق الحالي قبل طلب أي قروض“,”.
ولفت إلى أن الحالة الاقتصادية في مصر حاليا ليست أكثر سوءا من الحالة التي كانت عليها البلاد نهاية ثمانينيات القرن الماضي، مطالبا بعدم الاستسلام لحالة الهلع التي تنتاب البعض، لكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة إسراع الحكومة في البحث عن أدوات لتحسين الوضع الاقتصادي.
ولا يختلف المحللون على الأثار السلبية الشديدة التي يتحملها اقتصاد مصر بسبب الاضطرابات السياسية، والتي تصيب إيرادات الدولة في مقتل، ما يزيد من عجز الموازنة (قد يصل إلى 12% من إجمالي الناتج المحلي للعام المالي الجاري)، وبالتالي تتعقد مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، إذ يشترط الأخير تقليص العجز لتمرير قروضه.
من جانبه يرى د.محمد جودة، المتحدث باسم اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة، أن تخفيض التصنيف الائتماني لن يؤثر على المساعدات الاقتصادية التي تطلبها مصر من المؤسسات المالية الدولية لا تقدم مساعداتها وفقا لتصنيف ائتماني ولكن بموجب خطط وإجراءات محددة.
وأضاف “,”موافقة إدارة صندوق النقد على خطة الإصلاح المالي والنقدي ستدفع الجهات الأخري لمساعدة مصر“,”.
وأضاف جودة في اتصال هاتفي مع “,”الأناضول“,” أن نظام الاقتراض من تلك الجهات المانحة يختلف عن الاقتراض من البنوك التجارية التي ربما ترفع من تكلفة الإقراض بعد تخفيض التصنيف الائتماني لمصر، موضحا أن الطابع السياسي يكون غالبا علي مفاوضات الاقتراض من الجهات الدولية المانحة مثل صندوق النقد الدولي.
من جانبه قال السفير جمال بيومي، رئيس وحدة الشراكة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي، إن مصر بإمكانها الحصول على مساعدات وقروض من جهات عديدة شريطة تحقيق الاستقرار الداخلي أولا.
وقال بيومي لـ“,”الأناضول“,” إنه يأمل أن تتفق القوى السياسية مع الرئيس المصري محمد مرسي على مبادرة لحل الأزمة المشتعلة منذ الأسبوع الماضي.
وقال وزير المالية المصري المرسي الحجازي، الأسبوع الماضي، إن المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي مستمرة، حيث تعكف وزارة المالية على الانتهاء من مراجعة الإطار الاقتصادي الكلي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في ضوء التغيرات الأخيرة وما أسفر عنه الحوار المجتمعي من تعديلات على بعض عناصر البرنامج الإصلاحي الذي قدمته الحكومة في نوفمبر 2012.
الأناضول