الجمعة 07 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الأخبار

20 عامًا من الشد والجذب في العلاقات الجزائرية المغربية وقضية جديدة تسكب الزيت على النار

الحدود الجزائرية
الحدود الجزائرية المغربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تاه الهدوء مرة أخرى على طريق العلاقات الثنائية بين الجارتين المغرب والجزائر، فما أن تلوح في الأفق بوادر انفراجة في العلاقات الثنائية بينهما، مبشرة بقرب ذوبان الجليد الذي يعكر صفوها منذ 1994، إلا وتظهر قضية جديدة تصب الزيت على النار، فقد أطلق عنصر من الجيش الجزائري 3 عيارات على 10 مدنيين مغاربة عند الشريط الحدودي لقرية أولاد صالح الواقعة على بعد 30 كيلومترا شمال شرق مدينة وجدة " على حد إعلان الجانب المغربى "، وتوترت العلاقات بشكل خطير مرة أخرى بين الجارتين، بعد هذا الحادث.
وقال وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، إن الحكومة تعتبر الحادث "خطيرا ولا يمكن السكوت عنه أو المرور عليه؛ لذلك فقد تم استدعاء السفير الجزائري بالرباط لإبلاغه احتجاجنا الشديد وشجبنا هذا السلوك الذي نعتبره سلوكا غير مسئول بين الأشقاء"، معتبرا أن هذا "التصعيد غير مسبوق، ويتنافى مع قواعد حسن الجوار وروابط الدم التي تجمع بين الشعبين الشقيقين".

ومن جانبها اتهمت وزارة الخارجية الجزائرية، الرباط بفبركة سيناريو الحادث الذي وقع، يوم أمس الأول على الحدود مع المغرب لجرها إلى النزاع مجددا، مشيرة إلى أن مواطنين مغاربة قاموا برمي الحجارة على حرس الحدود الجزائريين الذين ردوا بطلقتين تحذيريتين في السماء فقط، ولم يسجل أي إصابة.

العلاقات الجزائرية المغربية يسيطر عليها منذ عشرين عاما حالة من الشد والجذب، أشبه بالحرب الباردة،فبعد أن كان الشريط الحدودي عنوان تضامن وانصهار لإرادة العمل المشترك، في مواجهة المد الاستعماري الفرنسي، بات بؤرة توتر لا يأتي منها إلا ما يقلق الجانبين، ويدفع إلى تصعيد الأزمة وفقد الأمل حيال إمكان التطبيع الإيجابي أو المتعدد الأطراف.

وتعود الخلافات الحدودية بين الجزائر والمغرب لعدة عوامل تاريخية وجغرافية وإيديولوجية فضلا عن العوامل الدولية، وهي عوامل تشكلت طوال الأربعين سنة الماضية، دون إغفال رواسب الماضي، فقد تم إغلاق الحدود الجزائرية المغربية منذ عقدين من الزمان كرد فعل من السلطات الجزائرية على فرض الرباط تأشيرة الدخول على رعاياها بعد اتهامها لها بالتورط في تفجيرات استهدفت فندقا بمراكش.

الخلاف الذي تبدو فيه الصحراء الغربية بطلته، تدافع فيه الجزائر عن حدودها كما تركها الاستعمار الفرنسي في مقابل المغرب الذي يطالب بحدوده كما كانت قبل مجيء هذا الاستعمار والتي تمثل معاهدة لالة مغنية 18 مارس عام 1845 إطارا مرجعيا لها، وهي المعاهدة التي وقعها المغرب مع فرنسا بعد هزيمته بمعركة إيسلي في 14 أغسطس عام 1844 بسبب دعمه لثورة الأمير عبد القادر الجزائري.

وفي تلك المعاهدة تم النص على استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب وتركيا لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر، إلا أن الاتفاقية أبقت منطقة الصحراء الشرقية في الجنوب (أي منطقة تيندوف) في وضعية غامضة، وقد تلت هذه الاتفاقية عدة اتفاقيات أخرى في عامى1901 و1902 كانت ترتبط بدرجة تقدم التوغل الاستعماري لفرنسا في المغرب وسعيها لتثبيت وجودها في الجزائر مما كان يفضي للانتقاص التدريجي من التراب المغربي.

ومنذ حصول المغرب على استقلاله ومشكلة الحدود مع الجزائر مطروحة، إلا أنها تؤجل حتى لا تعتبر طعنا للثورة الجزائرية، إلى أن حصلت الجزائر على استقلالها في يوليو عام 1962 حيث تجدد طرح القضية، ونجم عن هذا الخلاف الحدودي مواجهات عسكرية بين البلدين عرفت بحرب الرمال.

وعلى مر العقود السابقة كانت هناك الكثير من الجهود لحل الأزمة فبين اقتراح المغرب حكما ذاتيا موسعا تحت رعاية الملك محمد السادس، وإصرار الجزائر وجبهة "البوليساريو" على الانفصال، لا تزال قضية الصحراء الغربية واحدة من أكثر الملفات الساخنة على صعيد العلاقات الثنائية المشتركة بين البلدين ولم تنجح أربع جولات من المفاوضات الرسمية وتسع جولات من المحادثات غير الرسمية في كسر الجمود.

بوادر إرادة علنية لكسر الجمود والانطلاق نحو علاقات ثنائية طبيعية، تستشرف المستقبل، وتضع أسس تعاون اقتصادي يعود بالمنفعة على شعبي البلدين الجارين تلوح ثم تخبو، فقد بدا واضحا أن عشرين عاما غير كافية لإذابة الجليد الذي يسود العلاقات وأن الأزمة بين البلدين باتت مرشحة للتصعيد.