الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الحوار هو الحل (9)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الختام: استعرضنا في المقالات الثمانية السابقة، طرح آليات وسبل الحوار المجتمعي، والتي تمثلت في ضرورة تحديد الموقف المجتمعي والثقافي من ثلاث قضايا مجتمعية، بالرغم من قدمها، فإنه لم ينته الحوار حولها. تتمثل هذه العناصر الثلاثة، وعلى نحو ما سبق طرحه، في:

- الموقف من التراث

- الموقف من الآخر

- الموقف من المرأة

فهذه القضايا الثلاث، بالرغم من قدمها، فإنها مصيرية. فلا يمكن لمجتمع من المجتمعات أن يتقدم دون أن يكون قد قام بتحديد موقفه من هذه القضايا، نظرًا إلى مركزيتها وأهميتها. فالغرب لم يبدأ مرحلة التقدم إلا بعدما حدد موقفه منها. 

وعربيًا، كيف يمكن للمجتمع العربي أن يتقدم دون حسم موقفه من التراث؟ خاصة عندما نجد أنفسنا إزاء فريقين متعارضين، أولهما يقدس التراث، ولا يريد أن يخرج من عباءته. وثانيهما، يرى في الحداثة أنها الحل للتقدم، دون أن يدرك دور التراث في بناء الحاضر. وبقيت محاولات التوفيق بينهما لا تتجاوز الأمنيات أو الأحاديث النظرية، دون حتى أن تحقق ما سبق أن طرحه فيلسوفنا الكندي، حين قال: "أن نبدأ من القديم، لا على سبيل تكراره، ولكن على أن نتم القول فيما لم يتم القول فيه".

وفيما يتعلق بالحوار مع الآخر، الذي قد يكون آخر دينيا أو إثنيا أو عرقيا أو لغويا، فإنه إذا لم يكن هناك احترام متبادل بين المختلفين دينيا أو لغويا أو عرقيا، فلا يمكن أن يتقدم أي مجتمع إنساني. فالاحترام الديني ركن أساسي في بناء المجتمعات.

ولا يختلف أحد حول دور المرأة مجتمعيًا، ومن ثم فكيف لمن تتعدد أدواره الاجتماعية، ولا يمكن للمجتمع الاستغناء عنه، ألا يحدد المجتمع موقفه منه؟ والمقصود من تحديد الموقف هنا، ضرورة تجاوز الشعارات والمقولات النظرية، بل أن نتجاوز مرحلة إيمان الرجل بحرية المرأة، أي امرأة من نساء العالم، ماعدا أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته. فغالبا عندما يتحدث الرجل عن حرية المرأة، فإنه يقصد كل نساء العالم ما عدا هؤلاء، لذا فالمجتمع لم يقل كلمته المهمة حول حرية المرأة وحقوقها، طالما أن الرجل لم يغير رؤيته للمرأة التي تخصه، وإنما يوجه أحاديثه ونصائحه لامرأة أخرى، وليس لامرأته. 

إن هذه العناصر الرئيسية الثلاثة هي قوام التقدم، ومقياسه في أي مجتمع من المجتمعات، وهي الأمر نفسه بالنسبة للمجتمع العربي، والمصري على وجه الخصوص، وبالتالي فلابد من العمل على حسم مواقفنا منها، حتى نتمكن من تجاوز مرحلة الأمنيات والأحاديث النظرية التي لا تفيد كثيرا في تاريخ تقدم الأمم.