الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

10 سنوات فى مكافحة الإرهابية.. مصر قدمت مقاربة شاملة للعالم لمواجهة التنظيمات العابرة للحدود

الجيش المصري
الجيش المصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد ثورة الثلاثين من يونيو عام ٢٠١٣، كشفت جماعة الإخوان الإرهابية عن وجهها الإجرامي كاملا، وظهرت بوجهها القبيح الدموي، في محاولة منها لترهيب الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتخويف الشعب، من أجل العودة إلى الوراء ولو خطوة واحدة، لكن عزيمة الجيش المصري تصدت بصلابة وإيمان للأعمال التخريبية والتدميرية التي قامت بها الجماعة الإرهابية، كي تعبر بالشعب المصري إلى بر الأمان، حيث كسرت شوكة الإرهاب وأجبرت أصحابه على التخفي، والبحث عن طرق أخرى غير المواجهات المسلحة للانتقام من الدولة المصرية.


مقارنة الوضع الأمني بين ما بعد ٢٠١٣ والفترة الحالية بعد عشر سنوات، يُظهر للمتأمل حجم ما بذلته مصر من دم الشهداء ومن تكلفة اقتصادية كي يصل الشعب لوقت ينعم فيه بالأمن، ويطمح فيه للتنمية والعمران.


نجحت مصر باقتدار كبير في دحر الإرهاب، داخل المدن المصرية، وداخل سيناء الحبيبة، حيث تراجعت العمليات الإرهابية بشكل كبير، خاصة وأن قوات الأمن أحكمت سيطرتها بمعاونة الأجهزة الأمنية المختصة على ملاحقة العناصر الإرهابية، وتتبع العناصر الفارة، والقضاء على المجموعات النوعية المسلحة التي شكلتها جماعة الإخوان الإرهابية بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة.
في ذروة المواجهة الأمنية للجماعات الإرهابية، طالب الرئيس عبدالفتاح السيسي ومنذ العام الأول لتوليه السلطة، بضرورة تصحيح الخطاب الديني، وتجديده، وألح على هذا المطلب ما يؤكد أن الرئيس يدرك بصورة جادة وعميقة دور الفكر والثقافة وتصويب الخطاب الديني في دحر الإرهاب، والانتصار عليه، وظهر ذلك جليًا في خطابات الرئيس في مناسبات دينية عدة، في الاحتفال بليلة القدر عام ٢٠١٤، طرح الرئيس مبادرة تصحيح الخطاب الديني، قائلا إن "الإسلام هو دين الصدق والإتقان والسماحة، والخطاب الديني يتطور بالتطور الإنساني مع التسليم بثوابت الدين". وفي عام ٢٠١٦ وجه الرئيس خلال توصيات مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، الحكومة بالتعاون مع الأزهر والكنيسة وجميع الجهات بالدولة بوضع ورقة عمل وطنية تمثل استراتيجية لوضع أسس سليمة لتصويب الخطاب الديني في إطار الحفاظ على الهوية المصرية بكل أبعادها. وفي يوليو ٢٠١٧، أصدر الرئيس السيسي، قرارا بإنشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، من أجل حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره، وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا، والتنسيق مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل. وذلك بحسب ما وثقته الهيئة العامة للاستعلامات في تقرير لها بعنوان "مصر ومحاربة الإرهاب".


مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب


تؤمن مصر بأن الإرهاب ظاهرة عالمية وعابرة للحدود، مؤثرة عالميا، لذلك من الواجب تضافر جميع القوى من أجل دحر هذه الظاهرة، ووفقا للتقرير الوطني حول مكافحة الإرهاب لعام ٢٠٢١ الذي تصدره وزارة الخارجية المصرية، فإن الإرهاب "ظاهرة عالمية عابرة للحدود، تتسم بأنها مركبةُ الأبعاد ولا ترتبط بدين أو ثقافة أو منطقة جغرافية بعينها، وأنها أصبحت خطراً وجودياً يُهدد الكافة وينال من مُكتسبات التنمية ومُقدرات الدول، سواء كانت نابعة من أيديولوجيا متطرفة تستند إلى تفسيرات دينية مغلوطة، أو من عقيدة منحرفة مرتبطة بتفوق جنس بعينه أو بالعنصرية وكراهية الأجانب".
وعرض التقرير الوطني المشار إليه، مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب تعتمد على مواجهة كافة التنظيمات الإرهابية دون استثناء بالنظر إلى انبثاقها عن ذات المصدر الأيديولوجي وهو تنظيم الإخوان الإرهابي. والتوصل لاتفاق حول تعريف الإرهاب وعدم استبداله بمصطلحات تخفف من وطأة جرائمه أو تبررها. ضمان مُحاسبة الدول التي ترعي الإرهاب وتحتضن عناصره، وتوفر له الملاذ الآمن. عدم الفصل أو التمييز بين العمل الإرهابي المادي وبين الفِكر أو الخطاب المُتطرف التحريضي المُؤدي إلى الإرهاب. تعزيز التعاون الدولي لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة.


مجموعات نوعية.. عمليات متنوعة ومصير واحد


أضرمت جماعة الإخوان الإرهابية النار في الوطن بعدما جرفتها ثورة الثلاثين من يونيو، شكلت مجموعات نوعية مسلحة تحمل مسميات (حركة حسم – لواء الثورة – أجناد مصر) تعمل تحت قيادة الإخواني محمد كمال، الذي قُتل في مواجهة مع قوات الأمن في عام ٢٠١٦.


كانت وتيرة العمليات الإرهابية مرتفعة جدا في عام ٢٠١٤ حيث بلغت نحو ٢٢٢ عملية من بينها عمليات بارزة وخسائرها ضخمة مثل عملية كرم القواديس في شمال سيناء التي أسفرت عن استشهاد ٣٠ جنديًا وإصابة ٣١ آخرين، وفي عام ٢٠١٥ بلغت العمليات نحو ٥٩٤ عملية أبرزها هجوم ١ يوليو في الشيخ زويد بشمال سيناء والذي يعد ملحمة سطرها أبطال القوات المسلحة، إذ كان هو الهجوم الأكبر والأعنف على قوات الجيش منذ ظهور الإرهاب في سيناء وحتى الآن، وأفشلت الخطة الأمنية المحكمة ومهارة المقاتلين المصريين الهجوم الذي كان يهدف إلى السيطرة على المدينة. وتكبد الإرهابيين خسائر فادحة. وفقا لبيانات الهيئة العامة للاستعلامات.


في عام ٢٠١٧، تراجعت وتيرة العمليات الإرهابية، ونقصت حتى وصلت إلى ٥٠ عملية إرهابية، لكن الجماعات الإرهابية سعت إلى محاولة تصدرها المشهد مرة أخرى على غرار الأعوام السابقة، وقامت بتنفيذ هجوم دموي على مسجد الروضة ببئر العبد، وأسفر عن استشهاد ٣٠٥ من المواطنين الأبرياء وكان من بينهم أطفال، وإصابة ١٢٨ آخرين.
وفي تقرير "مصر ومحاربة الإرهاب"، فإن الأمن نجح في هدم أكثر من ٤٠٠٠ نفق كانت تستخدم في نقل السلاح والدعم اللوجيستي والعناصر المدربة لتلك التنظيمات من الخارج، كما نجح في تدمير آلاف المخازن للأسلحة والذخائر، مما أدى إلى نقص كبير في الموارد لدى تلك الجماعات، ومع تشديد الرقابة على الحدود، وكذلك ممرات التمويل الخارجي لجأت التنظيمات المتطرفة في سيناء إلى زراعة " الحشيش" كمصدر تمويل بديل، لكنها فشلت في ذلك أيضا بسبب الصحوة الأمنية والملاحقات المستمرة لها.
فى ٧ يوليو ٢٠١٧، تمكنت عناصر من القوات المسلحة بالتصدى لهجومٍ إرهابي قامت به العناصر التكفيرية على إحدى نقاط التمركز بجنوب رفح فى شمال سيناء. وقامت القوات على الفور بالتصدى الحاسم لهذا الهجوم الإرهابي الغادر، مما أسفر عن مقتل أكثر من ٤٠ إرهابي وتدمير عدد ٦ عربة وتعرض قوات إحدى النقاط لانفجار عربات مفخخة نتج عنها استشهاد وإصابة عدد ٢٦ فرد من أبطال القوات المسلحة، واستشهد في هذا الهجوم قائد الكتيبة ١٠٣ صاعقة العقيد أحمد المنسي.

وفي ٤ أغسطس ٢٠١٩، انفجرت سيارة مفخخة أمام معهد الأورام وذلك أثناء سيرها عكس الاتجاه أمام المعهد هربًا من المطاردة الشرطية، وأسفر الحادث عن وفاة ١٩ شخصًا وإصابة ٣٠ أخرون والحاق أضرار جسيمة بمبنى معهد الأورام.
الجماعة الإرهابية بعد الهزيمة الأمنية
بعد هزيمة التنظيمات الإرهابية هزيمة ساحقة، وبعدما تأكدت جماعة الإخوان الإرهابية من صمود وصلابة الجيش المصري، بدأت الجماعة في أكثر الطرق التواء ومكرا، حيث أعلنت تخليها عن الصراع على السلطة، بحسب تعبيرها، وتخليها عن العمل السياسي، متجهة إلى تكثيف طاقتها من أجل العمل الدعوي والتربوي فقط.


في هذا الإطار، أكد الكاتب عمرو فاروق الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، أن جماعة الإخوان تتبع خطابا سياسيا يعمل على التهدئة مع النظام السياسي والشارع المصري، بعد سقوط القناع الحقيقي عن الجماعة ومشروعها في الوصول إلى السلطة بالقوة، من قبيل منحها قبلة الحياة مرة أخرى في إطار الدور الدعوي الاجتماعي الذي لا يحمل أجندة سياسية.


ولفت "فاروق" في تصريحات سابقة لـ"البوابة" إلى أن هذا الخطاب يمثل نوعا من المراوغة السياسية، إذ أن الجماعة تدرك تماما أنها لم تعد في حاجة للدخول في صدام أو صراع مع الأنظمة السياسية، عقب اتخاذها خطوات جادة في التركيز على مشروع "التيار الفكري"، والتخفف من البناء التنظيمي، فضلا عن انتقال المعركة من الميدان العملي، إلى ميدان الفضاء الأزرق، من خلال بناء مئات المؤسسات الفكرية الافتراضية التي تروج للمشروع الإخواني، وتستهدف استقطاب الأجيال الحديثة فكريا وليس تنظيميا.
وهذا ما يؤكده لجوء الجماعة الإرهابية مرارا إلى أن يدها ممدودة للجميع، كما أعلنت رغبتها من قبل في الوصول إلى طاولة الحوار الوطني، متجاهلة كل جرائمها الإرهابية، فهي بعدما تأكدت من فشل طرقها المسلحة في إخضاع الدولة اتبعت طريقا أكثر مرونة للالتفاف على الرفض المصري لها.

في العدد الورقي