الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

نجيب محفوظ يكشف لماذا اختار طريق الأدب وفن الرواية

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في كتابه “ صفحات من مذكرات نجيب محفوظ” يتحدث الكاتب رجاء النقاش عن أديب نوبل الذي تحتفل الأوساط الأدبية هذه الأيام بذكرى رحيله كاشفا لماذا اختار نجيب محفوظ فن الرواية وهو الطريق الصعب على الرغم من أنه خريج كلية الآداب بجامعة القاهرة وسار في طريق الدراسات الفلسفية؟ 

نجيب محفوظ يتحدث عن هذا الامر قائلا : أنه في المرحلة الابتدائية قرأ لكبار الكتاب والأدباء وحاول تقليد أسلوبهم ، ونجد هذا في محاولة له تقليد اسلوب المنفلوطي في كتابه “ نظرات وعبرات” ، وحاول ايضا كتابة قصة حياته على غرار “ طه حسين ” في كتابه “ الأيام" وأسماها "الأعوام" .

يبين نجيب محفوظ ان عام 1936 كان هو الفيصل في حياته الذي قرر فيه احتراف كتابة القصة بعد ان خاض شوطا كبيرا في المفاضلة بين الفلسفة  والادب لكنه اختار الطرق الصعب وهو طريق الادب وذلك لعدة أسباب هو أن الادب العربي كان يفتقر الى فن الرواية بشدة ، وكان التراث الروائي الموجود في ذلك الوقت محدودا للغاية والاعمال الموجودة قليلة وهي اقرب الى فن السيرة الذاتية مثل عودة الروح  لتوفيق الحكيم وزينب للدكتور محمد حسين هيكل والايام لطه حسين ، كما ان الطريق كان يقتضي منه قراءات واسعة في الادب العربي والعالمي على حد سواء ، وما كان ممهد له هو طريق الشعر لانه كان يحب الشعر وكان بالامكان ان يستمر نجيب محفوظ في كتابة الشعر كما يقول خاصة ان الشعر له تراث عميق في الادب العربي لكن ما جعله يتراجع عن ذلك هو افتقاده لملكة الحفظ التي يقوم عليه الشعر .

وبين محفوظ ان فن الرواية وجد نفسه فيه وكانت اعماله الاولى عبارة عن روايات تاريخية كتبها تأثرا بقراءاته في التاريخ الفرعوني القديم خاصة اعمال “ رايد هارجارد” صاحب رواية “ عائشة” الي حصل على لقب “ سير” ، وأعمال “ هوك كين ” الاديب الانجليزي الذي اشتهر بكتابة التاريخ الفرعوني، ولما بدأت قراءات محفوظ تتسع في التاريخ الفرعوني ويتعمق في كتابة الادب الحديث قل حماسه في الكتابة التاريخية وبعد تعمق في الادب الحديث تأكد محفوظ ان الرواية لها دور مؤثر بشكل كبير في معالجة قضايا المجتمع والتعبير عن هموم الانسان ومشاكلهم ومنها اتجه الى كتابة الرواية الواقعية .

يوضح محفوظ أن المذاهب الأدبية لا تجذبه لذاتها بل يظل المذهب الفني بالنسبة له مجرد أداة وليس هدفا في ذاته وذلك مثلما حدث مع توفيق الحكيم الذي كان في أوقات كثيرة يتجاوب مع المذاهب الفنية لذاتها،وعلى الرغم من أن المذاهب الأدبية لم تكن تستهوي محفوظ إلا أنه كان يتابعها جيدا وينظر إليها بعين الناقد ،فرفض بعضها خاصة تيار اللا رواية فقد قرأ ما كتبه رموزه لكنه وجد صعوبة في فهم ما يقصدون .

بين محفوظ أنه لم يكن يرغب من وراء فهم هذا التيار تقليده لكنه كان يريد الاستمتاع الفني لذاته، وواجه كثيرا من المتاعب في فهمه لهذا التيار، على العكس تماما لم يجد أي صعوبة في فهم المدرسة التعبيرية فالاصل في هذا المذهب أن الفنان لا يصور الأشخاص والأحداث عن طريق التقليد والمحاكاة للواقع بل يعتمد على إحساسه الخاص بالواقع كما يبدو له داخل نفسه وليس كما يراه في واقع الحياة.