الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوادث وقضايا

حيثيات الحكم بإعدام قاتل «مدرس إنجليزى» بسبب فلوس جمعية بالجيزة

صحفي البوابة يجري
صحفي البوابة يجري حوارًا مع أسرة الضحية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ألقى الحزن بظلاله على قرية «ذات الكوم»، التى تقع بمركز منشأة القناطر، أقصى شمال محافظة الجيزة، وعَكَّر أجواءها الريفية الهادئة، بعد وقوع جريمة قتل لأحد أبناء المنطقة، وعثورهم على جثة «مدرس إنجليزى»، ممزقة بعدة طعنات، وملقاة وسط زراعات الذرة فى أرض زراعية نائية.
كان المدرس مشهودا له بالسمعة الطيبة، ونبل أخلاقه فى القرية، وسادت حالة من الحزن فى قريته، عقب معرفة خبر وفاته وطريقة مقتله، بعدما تم تسديد أكثر من ١٥ طعنة له، بسبب الخلافات على فلوس «جمعية» بينه وبين صديقه المتهم «محمد محمود الدويك»، ٢٥ سنة، الذى كان يماطل فى دفع المبالغ المستحقه عليه، ليقرر استدراج المجنى عليه إلى منزله وينهال عليه بالطعنات وبعدها يتخلص من جثته بالزراعات.
وبعد سلسلة من الجلسات التى شهدتها قاعات القضاء، أسدلت محكمة جنايات الجيزة الستار على الواقعة، وذلك بعدما أودعت المحكمة حيثيات حكمها بالإعدام شنقا على المتهم، وصدر الحكم برئاسة المستشار إبراهيم عبدالخالق إبراهيم، وأمانة سر طلعت عبده حسانين، وصبحى عبدالحميد.
ووفقا لأوراق القضية فإن حيثيات الحكم جاءت برقم «١٦٢٨٩ لسنة ٢٠٢٢» جنايات مركز منشأة القناطر والتى قيدت برقم «٣٦١٥ لسنة ٢٠٢٢ كلى شمال الجيزة»، حيث إن النيابة العامة اتهمت المتهم لأنه فى يوم الواقعة بدائرة شرطة منشأة القناطر محافظة الجيزة، قتل عمدا المجنى عليه مع سبق الإصرار، بأن عقد العزم وبيت النية على إزهاق روحه وأعد لهذا الغرض سلاحين بيضاوين – خنجر وسكين – واستدرجه لمكان ناء عن أعين الناس محل العثور على جثمانه – وما إن ظفر به حتى باغته بعده طعنات باستخدام هاتين السلاحين، وإنهال عليه ضربا بهما بعدة ضربات استقرت فى أنحاء متفرقة فى جسده، محدثة إصاباته الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتى تسببت فى وفاته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأضافت الحيثيات، أنه بعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة والمداومة قانونيا، وحيثما استقرت فى يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها وارتاح لها ضميرها، مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، تبين أن ثمة علاقة قد نشأت بين المتهم “محمد.م” والمجنى عليه “محمود ماهر” امتددت بينهما قرابة ٦ سنوات انتهت بمشاركة بعضهما فى عمل “جمعية” ولكن تم فضها لعدم إمكانية إتمامها انتهت بمديونية فى حق المتهم للمجنى عليه.
ظل الأخير يطالبه بصفة مستمرة بسداد ذلك الدين وإزاء ذلك ونظرا للضائقة المالية التى كان يمر بها المتهم وضيق ذات اليد، وقد طرأت فى نفسه فكرة وسيطرت على وجدانه وما وسوس إليه شيطانه من التخلص من المجنى عليه، فقد عقد العزم وبيت النية على إزهاق روحه، فقد فكر وتدرب وأعد مخططا إجراميا وأعد لها الغرض سلاحين خنجرا وسكينا، وقام باستدراج المجنى عليه بإقناعه أن يذهب برفقته إلى أحد الأشخاص للحصول على المبلغ المدين به.
وافق المجنى عليه على ذلك رغبة منه فى اقتناء حقه، فقد اختار المتهم منطقة زراعية نائية ووقتا متأخر من الليل قرابة الساعه ١١مساء فى سكون الليل، ظنا منه أن الناس نيام ولكن هيهات لما يجعله المتهم - فإذا كان الناس نيام فرب الناس لا ينام- وسار معا فى الطريق الذى حدده المتهم سلفا.
وانتهز الأخير كل هذه الظروف التى أتاحت له فرصة انفراده بالمجنى عليه خلو الطريق من المارة وعقب وصولهما للمكان الواقعة، قام المتهم بتسديد طعنة للمجنى عليه من ظهره، ولما تنبه الأخير بذلك واصل المتهم بالاعتداء عليه مسددا عدة طعنات قاسيات بكلتا يديه فى البطن والصدر إلى أن سقط المجنى عليه أرضا غارقا فى دمائه فواصل المتهم الاعتداء عليه بالسلاح الآخر الذى كان بحوزته حتى تيقن من إزهاق روحه محدثا الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريعية والتى أودت بحياته، وما أحدثه من تمزقات بالأوعية الدموية الرئيسية المارة يمين ويسار العنق والرئتين والقلب والبطن، مما أدى إلى حدوث صدمة نزيفية أدت للوفاة.

شهادة والد الضحية 
وفى تحقيقات النيابة العامة، كان قد شهد والد المجنى عليه أنه أخبره بمقابلته للمتهم مساء، لاستلام مبلغ مالى، وفى اليوم التالى تبلغ له من الجيران بمقتل نجله، فانتقل لديوان مركز منشأة القناطر، وتبين صحة ما تبلغ، وعزى له أن المتهم هو القائم على قتل نجله المجنى عليه، وشهد بأنه تلقى اتصالا هاتفيا من المتهم يخبره بقيامه بقتل المجنى عليه.

شهادة رئيس مباحث المركز 
وجاء بأوراق القضية شهادة المقدم إكرامى البطران رئيس مباحث مركز منشأة القناطر وقتها، أن تحرياته أسفرت عن أنه على إثر خلاف مالى بين المتهم والمجنى عليه، عقد المتهم العزم وبيت النية على قتل المجنى عليه، وأعد لهذا الغرض سلاحين سكينا وخنجرا ثم هاتفه مطالبا مقابلته فى مكان ناء بعيدا عن الناس، وغفله وسدد له عدة طعنات استقرت بأماكن متفرقة بجسده قاصدا إزهاق روحه محدثا إصابته التى وردت بتقرير الصفة التشريحية.
وبضبطه للمتهم أقر بارتكاب الواقعة وأرشد عن السلاحين المستخدمين، وتم ضبطها، وأقر المتهم بتحقيقات النيابة العامة بقتله المجنى عليه، على إثر تعثره فى سداد مبلغ مالى مدين به للمجنى عليه، ولمطالبة الأخير به مرارا وتكرارا، فعقد العزم وبيت النية على الخلاص منه، وأعد لهذا الغرض السلاحين، وأخذه إلى مكان ناء، وسدد له عدة طعنات تسببت فى وفاته فى الحال.

البوابة تجري حوارًا مع أسرة الضحية 
وفى هذا السياق؛ التقت «البوابة» بأسرة المجنى عليه، والذين كشفوا كواليس الجريمة، فقالت والدة المجنى عليه، إنها لم تكن تعرف أن نجلها قد قتل، فالأخبار التى كانت سائدة فى البلد هى عبارة عن مقتل شخص غريب عن القرية، وإلقائه فى الأرض الزراعية، لم تشغل الأم بالها بما حدث، لأن القتيل يقولون فى بداية الأمر إنه من خارج القرية، وإنه لو كان من القرية لتعرفوا عليه، حيث إن أهالى المنطقة يعرفون بعضهم جيدا.
مرت بضع ساعات، واتصلت والدة المجنى عليه بنجلها، لتطمئن عليه بعد تأخره فى عمله، وعدم رجوعه إلى منزله، إلا أن هاتفه كان مغلقا، مر الوقت ولم يرجع بعد، ازداد قلق الأم على نجلها لتأخره، لتكشف الحقيقة بعد ذلك، ويخبرها أهالى المنطقة أن الشخص المقتول فى الزراعات هو نجلها، انفطر قلب الأم، فى تلك اللحظات العصيبة، لتخرج هائمة على وجهها فى الشارع، لرؤية نجلها والاطمئنان عليه، لكن الأهالى حاولوا الإمساك بها، وتم نقل الجثمان إلى مشرحة زينهم لإنهاء إجراءات الدفن.
وذكرت والدة الضحية لـ«البوابة»، أن نجلها محمود ماهر، يبلغ من العمر ٢٩ عاما، وكان يعيش وقتا طويلا فى السعودية، من أجل كسب الرزق، وأنه متزوج حديثا ولديه طفل لم يكمل عامه الأول، ورجع إلى مصر بعدما ضاقت به الظروف فى السعودية خلال فترة «كورونا» ليعمل مدرسا خاصا فى إحدى مدارس المنطقة.
والتقط أطراف الحديث شقيق الضحية، ويدعى «أحمد ماهر»، ويعمل محاسبا، قائلا، إن شقيقه اشترى قطعة أرض ليبنى بها منزلا، وكان ينقصه مبلغ ٦٠ ألف جنيه، من أجل إتمام شرائها، فقرر عمل جمعية، لجمع المبلغ، واشترك مع المتهم.
وعندما جاء موعد سداد المتهم للمبلغ المستحق عليه فى الجمعية، أخذ يماطل فى السداد، ويتهرب «كان كل شوية يقول بكره بعده»، وكان المتهم يعطيه مواعيد للدفع، لكنه لم يلتزم كالعادة، ليقرر بعدها «المجنى عليه» الشكوى إلى كبير عائلتهم، كما هو متبع فى عادات أبناء الريف، ليغضب المتهم، ويقرر الانتقام منه.
وبعدها استدرج المتهم الضحية لمقابلة أحد الأشخاص، بحجة إعطائه الفلوس، ليسيطر عليه شيطانه ويقتل صديقه، بطعنات متفرقة فى جسده، والتى تجاوز عددها ١٥ طعنة، ثم يلقى جثته فى زراعات الذرة الموجودة بالمنطقة.
وأوضح شقيق الضحية، أنه عندما توجه إلى مشرحة زينهم للتعرف على جثة شقيقه، لم يعرفها فى بداية الأمر، نظرا للتغيرات الكبيرة التى طرأت على جثمانه، فالطعنات الكثيرة التى بجسده وتشويه وجهه وجسده المنتفخ، بسبب حرارة الجو، وإلقائه فى الزراعات، جعلت شكله يتغير بدرجة كبيرة، لكنه تعرف عليه بصعوبة فى النهاية، وذلك عن طريق تفحص يده، والتأكد من وجود خياطة «غرز» آثار عملية جراحية كان قد أجراها قبل ذلك، فتلك العلامة هى التى عرف من خلالها جثة شقيقه، وطالبت الأسرة بسرعة بمعاقبة المتهم، والقصاص العادل منه.

بلاغ الواقعة 
وكانت البداية بتلقى المقدم إكرامى البطران، رئيس مباحث مركز شرطة منشأة القناطر، بمديرية أمن الجيزة، قد تلقى إشارة من غرفة عمليات النجدة، مفادها العثور على جثة أحد الأشخاص مقتولا، وملقى بمنطقة زراعية بدائرة المركز.
وبالانتقال والفحص؛ تبين العثور على جثة مدرس؛ به آثار طعنات، وبجمع المعلومات وعمل التحريات، وفحص علاقات المجنى عليه، تبين أن وراء ارتكاب الواقعة، صديق المجنى عليه، والذى يعمل صاحب سوبر ماركت، بسبب خلاف على مبلغ مالى قدره ٦٠ ألف جنيه، اقترضها المتهم من المجنى عليه، ورفض سدادها، وعند تكرار مطالبة المجنى عليه له، قرر التخلص منه، فاستدرجه إلى مكان بعيد، وسدد له عدة طعنات أودت بحياته، وتم نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة؛ أمكن تحديد مكان اختباء المتهم وضبطه وجرى اقتياده إلى ديوان المركز، وتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات، وقرر قاضى المعارضات بمحكمة جنح مركز إمبابة وكرداسة، استمرار حبس مالك سوبر ماركت، ١٥ يوما، على ذمة التحقيق، لاتهامه بقتل صديقه، بسبب خلافات مالية، وبعد إحالة المتهم للجنايات، وبعد عقد عدة جلسات فى ساحات القضاء، أصدرت المحكمة حكمها المتقدم، بإعدام المتهم شنقا.
 


 

F357E68C-5466-44E6-93B6-86808EBD5700
F357E68C-5466-44E6-93B6-86808EBD5700
426124C1-41DF-43F3-B264-BB42CF42F9E7
426124C1-41DF-43F3-B264-BB42CF42F9E7