الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خطة الحكومة لتوفير استهلاك المياه بـ«الرى الحديث».. وزير الزراعة يستعرض فوائد المنظومة.. خبير: ري التنقيط يوفر أكثر من ٨٠٪ من مياه «الغمر»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تسعى الدولة المصرية متمثلة في وزارة الري ووزارة الزراعة في تطوير أساليب الري الحديثة حيث تبنت الدولة استراتيجية كبيرة لتطوير وتحديث نظم الري في مصر خاصة في ظل الظروف المائية الصعبة التي نمر بها مما أثر بالسلب علي المحاصيل الزراعية بصفة عامة والمحاصيل الزراعية الصيفية بصفة خاصة حيث تبنت الحكومة برنامجًا متكاملًا للحفاظ على المخزون المائي، بعد أن أصبحت قضية الأمن المائي الشغل الشاغل للكثير من شعوب العالم.

وبحث وزيرا الإنتاج الحربي، المهندس محمد صلاح، والزراعة، السيد القصير، خلال اجتماع أواخر شهر يونيو الماضي، تنفيذ المشروعات القومية والتنموية المشتركة بين الوزارتين، وعلى رأسها مشروعات تطوير نظم الري الحديث، ومراكز تجميع الألبان.

تناول الاجتماع، آخر المستجدات والموقف التنفيذي لمشروع تطوير المساقى ونظم الري في محافظة بنى سويف والذي يجرى تنفيذه بالتعاون مع وزارة الإنتاج، في إطار جهود حسن إدارة الموارد المائية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة منها، كما تهدف إلى توفير المياه اللازمة لدعم خطة التوسع الأفقي واستصلاح الأراضي لزراعة المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الأمن الغذائي للمواطنين.

وقال وزير الزراعة، إن فوائد منظومة الري الحديث تتمثل أيضا في ترشيد استخدام التقاوي والأسمدة والمبيدات، ما يعود بالنفع على المزارعين، فضلا عن تقليل تكاليف الإنتاج كما تسهم في زيادة الإنتاجية للفدان، وأيضا تقلل من تكاليف استخدام الطاقة.

وأشار وزير الزراعة إلى التعاون مع الإنتاج الحربي في مجال تصنيع آلات ومعدات الميكنة الحديثة لخدمة صغار المزارعين، وتجهيز وتأثيث مجمعات الخدمات الزراعية التي تأتي ضمن المبادرة الرئاسية حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

الري الحديث الحل الأمثل

وناقشت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، خلال اجتماعها في التاسع عشر من شهر يونيو الماضي، برئاسة المهندس عبدالسلام الجبلي، الاقتراح برغبة المقدم من النائب أحمد فوزى، بشأن تذليل المعوقات التي تواجه قطاع الزراعة والإنتاج الزراعي في مصر.

واستعرض النائب أحمد فوزى، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، أهم المشكلات التي تواجه القطاع، من بينها ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والتقاوي والمبيدات، وإهدار كميات كبيرة من المياه نتيجة الري بالغمر وخاصة في الأراضي القديمة، وارتفاع مستوي المياه الأرضي وزيادة ملوحة الأراضي الزراعية في الأراضي القديمة، وكثرة الآفات والأمراض الحشرية، وزيادة نسبة الفاقد من المنتج الزراعي نتيجة سوء التداول والحصاد والنقل وقلة التكنولوجيا، وعدم توفر شبكة ري حديثة عند أغلب المزارعين سواء للري بالرش أو التنقيط، وعدم توفر مرشدين زراعيين وشبكة إرشاد تكون حلقة الوصل بين مراكز الأبحاث والمزارعين.

من جانبه؛ قال الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة: إن الدولة قامت بعدد من الخطوات المهمة، للنهوض بقطاع الزراعة، منها ما يتعلق بالتوسع الأفقي، لمواجهة التحديات العالمية المتعلقة بتوفير الأمن الغذائي، وتحديات التغيير المناخي، مشيرا إلى إعادة إحياء مشروع توشكي وشرق العوينات، بالإضافة إلى مشروع الدلتا الجديد، ومشروع الترعة الصناعية الجديدة.

واستعرض "الشناوي"، أيضا جهود التنمية في سيناء وما تم مؤخرا بشأن إعادة دخول سماد اليوريا للزراعة في سيناء، موضحا أن هناك خطة قومية لمواجهة حشرة الحشد، واستعدادات بمبيدات متخصصة متوفرة بجميع أنحاء الجمهورية عبر الإدارات الزراعية، كما استعرض الجهود بشأن تغيير نظام الري إلي نظم الري الحديث.

وبدوره رأى المهندس عبدالسلام الجبلي رئيس الزراعة والري بمجلس الشيوخ، أهمية دراسة إعادة النظر في تطبيق نظم الري الحديث، خاصة في ظل عدم الإقبال من المزارعين علي التحول لذلك النظام بسبب التكاليف حتى وإن كان من خلال قرض ميسر.

واقترح الجبلي، دراسة قيام الحكومة بتولي مهمة تغيير كافة الأراضي لنظم الري الحديث، علي أن تحصل التكاليف من أصحاب الأراضي بأقساط وآليات محددة تناسب المزارعين، وذلك لضمان تطبيق المنظومة الحديثة في مختلف الأراضي بالشكل والجودة المطلوبة وبشكل سريع يحقق الهدف وهو ترشيد الاستهلاك من المياه.

حصة مصر ثابتة من مياه النيل

في هذا السياق يقول حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، أن الفترة الأخيرة شهدت أزمات عديدة بسبب نقص المياه مما أثر بالسلب علي بعض المحاصيل الزراعية خاصة المحاصيل الاستراتيجية التي لا يمكن بأي حال من الأحول الاستغناء لأنها تعد عصب الحياة مثل القمح والذرة والأرز وغيرهما من المحاصيل المهمة.

وأضاف "أبو صدام"، في تصريحات خاصة لـ"البوابة"، لابد وأن يكون لدينا خطة جديدة لتغيير طرق الري بالغمر والاتجاه إلي الري بالنظم الحديثة لتوفير المياه خاصة وأننا نحتاج الي أكثر من ١١٠ مليارات متر مكعب من المياه كل عام لذلك لابد من تطبيق الري الحديث في أقرب فرصة ومنع الري بالغمر والطرق القديمة لأنها السبب الرئيسي في استهلاك كميات كبية من المياه.

وتابع أبو صدام، أن المياه وقلتها سبب رئيسي في قلة الإنتاجية وارتفاع فاتورة الاستيراد خاصة أن هناك أزمة حقيقية يواجهها الفلاحون في الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار التقاوي والمبيدات والأسمدة مما جعل هناك أزمة حقيقية نواجهها في الزراعة بشكل عام بخلاف أزمة المياه التي زادت بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية لذلك طالبنا مرات عديدة بالاعتماد علي الطرق الحديثة للري واستنباط أصناف تقاوي جديدة تستهلك كميات مياه أقل خاصة في المحاصيل الاستراتيجية التي نستورد منها كميات كبيرة للغاية.

وأوضح أبو صدام، أن مياه نهر النيل تعد المصدر الرئيسي للمياه في مصر نستخدمه في جميع المجالات سواء كان الزراعة أو الصناعة او غيرهما موضحًا أن الأزمة تكمن في أن رغم الزيادة السكانية واستصلاح بعض الأراضي الزراعي في أرض توشكي أو الوادي الجديد أو غرب المنيا أو غيرهما إلا أن حصة مصر من المياه ثابتة ٥٥ مليار متر مكعب كل عام وأكد أبو صدام  أن تغيير نظم الزراعة لتناسب مواردنا المائية في ظل التغيرات المناخية خاصة وأن مصر تعد دولة زراعية في المقام الأول.

في السياق نفسه؛ يقول الدكتور نادر نور الدين خبير الموارد المائية، إن طرق الري الحديث لها أهمية كبيرة لما توفره من كميات كبيرة من المياه موضحًا أن الري بالتنقيط يوفر أكثر من ٨٠٪ من ري الغمر أو ما يسمى بالري القديم مؤكدًا أن سيستم الري الحديث سيعمل بشكل كبير علي زيادة الانتاجية ويحقق الاكتفاء الذاتي الي جانب زيادة الصادرات الزراعية للخارج خاصة وأن هناك  مساحات أراضي زراعية لم يتم زراعتها حتي الآن بسبب مشاكل المياه.

وأضاف "نور الدين"، في تصريحات خاصة لـ "البوابة"، أن أهم خطوة لدعم الري بالطرق الحديثة سواء كان الري بالتنقيط او غيرها من الطرق الجديدة وجود سيستم وخطة جديدة من قبل الحكومة بشكل عام ووزارة الزراعة بشكل خاص خاصة وأن الآلات الزراعية والطرق الحديثة تكلف الفلاحين أموال في غير استطاعتهم في ظل ارتفاع اسعار مدخلات الزراعة من تقاوي وأسمدة ومبيدات وغيرهما لذلك فإن دعم القلاح ومساعدته في التحول من الري بالغمر الي الري بالتنقيط أهم خطوة لتغيير الري بالنظم القديمة.

وتابع نور الدين، أن الزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها مصر خلال العشر سنوات ماضية  لها دور كبير في أزمة المياه لذلك طالبنا مرات عديدة بوجود نظام جديد لتنمية مواردنا  المائية واستغلال مياه الأمطار والسيول بطرق جديدة من خلال زيادة أعداد مخرات السيول وتنظيفها لاستيعاب الكميات الكبيرة من الامطار سنويًا موضحًا أن الاعتماد علي مياه الامطار والسيول بشكل صحيح سيجعل هناك وفرة كبيرة  وزيادة المساحات المنزرعة خاصة وأن أزمة المياه الأخيرة أجبرتنا علي زراعة مساحات معينة من بعض المحاصيل الزراعية  التي تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل محصول الأرز.

وطالب نور الدين، بزيادة الحملات للتوعية بأهمية المياه وانتشار طرق الري الحديث في جميع محافظات الجمهورية الي جانب العمل علي استحدث موارد مياه جديدة واستغلالها بالشكل الأمثل لتذهب كل قطرة مياه في مكانها الصحيح الي جانب العمل علي تغيير نظم الزراعة لتتناسب مع مواردنا المائية في ظل التغيرات المناخية غير الملائمة والتي تساهم في سرعة التبخر والجفاف في الوقت الحالي.

٣٨ مليار متر مكعب

 

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تقريرًا حول النشرة السنوية لإحصاء الري والموارد المائية عام ٢٠٢١، والتي أوضحت انخفاض كميات مياه الري المستخدمة في الزراعة، وذلك لانخفاض المساحة المحصولية بالعروة النيلية، ومن أهم مؤشراتها ما يلى:

حيث بلغت كمية المياه المستخدمة في الري عند خزان أسوان ٤٥.٧ مليار متر مكعب عام ٢٠٢١ مقابل ٤٦.٤ مليـار متـر مكعب عام ٢٠٢٠، بنسـبة انخفاض قدرهـا ١.٣ ٪.

كما بلغت كمية المياه المستخدمة في الري عند أفمام الترع ٤١.٦ مليار متر مكعب عام ٢٠٢٠ مقابل ٤١.٩ مليار متر مكعب عام ٢٠٢٠، بنسبة انخفاض قدرهـا ٠.٨٪.

وبلغت كمية المياه المستخدمة في الري عند الحقل ٣٨.٢ مليار متر مكعب عام ٢٠٢١ مقابل ٣٨.٤ مليار متر مكعب عام ٢٠٢٠ بنسبة انخفاض قدرهــا ٠.٤ ٪، وذلك بسبب انخفاض المساحة المزروعة بالعروة النيلية بنسبة قدرها ١٢.٤٪.

كما أشار تقرير الإحصاء إلي أن العروة الشـتوية تستهلك  ١٢.٤ مليار متر مكعب من المياه بما يعادل ٣٢.٤٪، العروة الصيفية ٢٢.٢ مليار متر مكعب من المياه بما يعادل ٥٨.١٪، والعروة النيلية ٠.٤ مليار متر مكعب من المياه، بما يعادل ١.١٪، الفاكهة ٣.٢ مليار متر مكعب بما يعادل ٨.٤ ٪ من كمية المياه المستخدمة في الري.

أيضا بلغت كمية مياه الآبار المستخدمة لري محاصيل العروات الثلاث والفاكهة ٢١.٢ ألف متر مكعب/ يوم عـام ٢٠٢١  مقابل ٢٠.٠ ألف متر مكعب / يوم عام ٢٠٢٠ بنسبة زيادة قدرهـا ٦٪.

عودة المرشد الزراعي

في السياق نفسه؛ يقول الدكتور جمال صيام خبير الاقتصاد الزراعي، إن الخطة التي تسير عليها وزارتا الزراعة والري  لترشيد استخدام المياه في الأنشطة الزراعية سنجني ثمارها في القريب العاجل، موضحًا أن تطوير وتحديث نظم الري خطوة تأخرت كثيرًا في ظل الأزمة المائية التي نمر بها منذ سنوات عديدة مما جعل هناك أزمة حقيقية في بعض المحاصيل الزراعية خاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والأرز موضحًا أن تطوير تلك المحاصيل يصب في مصلحة الجميع سواء كان الفلاح او المواطن او الدولة.

وأضاف "صيام" في تصريحاته لـ "البوابة"، أن هناك مطلبا مهما لابد من تطبيقه ورجوعة وهو عودة المرشد الزراعي كما كان ووجود صلاحيات له ومساعدته للفلاح لاختيار المحصول الذي يصلح للتربة مؤكدًا أن غياب المرشد الزراعي أثر بالسلب علي المحاصيل الزراعية وزيادة الانتاج وأوضح صيام أن رفع كفاءة المرشدين الزراعيين بطريقة صحيحة وتدريبهم على الطرق الزراعية الحديثة التي توفر المياه.

وتابع صيام، أن دور المرشد الزراعي مهم للغاية في زيادة المحصول ٣ أضعاف لأنه يعرف كل كبيرة وصغيرة في الزراعة بأساليب علمية متقدمة الي جانب أن المرشد الزراعي يستخدم طرق وأساليب تكنولوجية حديثة في أعمال الزراعة تساهم في تقليل الهدر سواء كان في المياه أو الأسمدة.

وأوضح صيام أن الاعتماد علي اساليب حديثة في الري الي جانب استنباط اصناف جديدة من التقاوي تستهلك كميات مياه قليلة يجعلنا نستفيد من كل متر في الاراضي الزراعية خاصة وأن هناك أراضي زراعية كثيرة لا نستطيع زراعتها بسبب ندرة المياه مما يجعلنا نزرعها في الموسم الشتوي فقط.

ارتفاع أسعار لوازم الري الحديث 

بينما يقول الدكتور طارق محمود أستاذ بمركز البحوث الزراعية، أن هناك أكثر من ٥٠ دولة في العالم بدأت بالفعل في تطبيق الري الحديث واستبداله الري بالغمر في ظل الظروف المناخية الحالية التي أثرت بالسلب على المياه في جميع دول العالم خاصة وأن الزراعة عصب الحياة وبل يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال.

وأضاف محمود في تصريحاته لـ "البوابة"، أن طرق الري الحديثة أثبتت أنها توفر ما يقرب من ٥٠٪ من المياه المهدرة عن الري بالغمر، وأوضح محمود لابد وأن يكون لدينا خطة محكمة للتوسع في تطبيق مشروع تحديث نظام الري بالأراضي القديمة في جميع المحافظات مؤكدا أن الري بالطرق الحديثة يقلل بشكل كبير من الأمراض التي تواجه التربة وتعفن جذور بعض المحاصيل الزراعية.

وتابع محمود، أن الأزمة الكبيرة التي تواجه تطبيق الري الحديث ارتفاع تكلفة أنظمة المعالجة وأجهزة الري الذكية مقارنة الري بالغمر خاصة في الظروف الحالية بسبب ارتفاع التقاوي والمبيدات والأسمدة وجميع لوازم الزراعة موضحًا أن الحل في زيادة الإنتاج وارتفاع الصادرات وتوفير جزء من تلك الأموال في تطبيق الري الحديث إلى جانب دعم الدولة في توفير لوازم الري الحديث للفلاحين بأسعار تتناسب مع إمكانياتهم.

وأشار محمود، إلي أنه بجانب الاعتماد على الري الحديث لابد من الاعتماد بشكل أكبر على استنباط أصناف جديدة من التقاوي والبذور والشتلات التي تتناسب مع المتغيرات المناخية وتوفر في المياه  إلي جانب أن تلك التقاوي أثبتت مع الدراسات أنها تعطي إنتاجية أعلي من التقاوي العادية.

وطالب محمود، أن يكون هناك تسهيلات جادة وفعالة من الحكومة  للحصول على قرض تحويل الأراضي لنظام الري الحديث، موضحًا أن هناك مكاسب عديدة للتحول بالري الحديث من بينها زيادة الإنتاجية المحصولية وتوفير المياه وزيادة الصادرات الزراعية للخارج.