الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البابا تواضروس.. ربان الكنيسة المصرية يتجاهل آلام الجسد وينساها بالخدمة والرعاية

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عهد استثنائى وإدارة حكيمة فى ظروف صعبة
«العصب السابع» آخر الأزمات.. والسكر وأوجاع الظهر رفيق الرهبنة حتى الباباوية
 

رجل الظروف الاستثنائية الذى قدرت الظروف وحددت القرعة الهيكلية أن يكون خليفة كاروز الديار المصرية القديس مار مرقس الرسول ليتولى شأن وإدارة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأبنائها داخل القطر وخارج الحدود، إنه البابا تواضروس الثانى بابا وبطريرك الكرازة المرقسية الـ118 فى عداد سلسلة باباوات الكنيسة.


أعباء المهام الجسيمة وإدارة الشأن الكنسى ليست هينة، إذ مر البطريرك بعدة حقب متغايرة وظروف غاية الحساسية أدارها بحنكة ورشد، ولكن يبدو أن ما بين الإدارة والرعاية تجاهل أتعابه حتى تزايدت حدتها.
مؤخرا غاب البطريرك نحو 30 يوما عن مقره الباباوى فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعد تعرضه لوعكة صحية طارئة عقب صلاة قداس عيد حلول الروح فى كينج مريوط، وتبين إصابة البابا بالتهاب فى العصب السابع استدعى العلاج طيلة شهر كامل مع الراحة، ولم يغب عن التهنئة الرسمية فى عيد الأضحى على الرئيس السيسى وشيخ الأزهر والمسئولين.
 

وبعد تعافيه بصورة كبيرة حرص على اجتماع أساقفة المجمع حتى يطمئن عليه الجميع ويستمع إليهم ويناقش أمور الخدمة وتحدث مع الأساقفة والمطارنة عن حالته الصحية، وأن ما جرى جاء نتيجة مجهود كبير قام به خلال رحلته الرعوية الأخيرة، عاد بعدها ليبدأ مباشرة جلسات المجمع المقدس، التى تخللتها لقاءات مكثفة مع أعضاء المجمع لعرض وبحث العديد من الموضوعات الرعوية.
 

 طالب الجميع بضرورة الحذر من التغيير المفاجئ فى درجات الحرارة الناتج عن التواجد فى أماكن مكيفة الهواء يليها التواجد فى أماكن شديدة الحرارة وهو ما يسبب بعض الأضرار من بينها التهاب العصب السابع.


كما شهد البابا تواضروس الثانى حفل تكريم خريجى معهد القديس ديديموس للمرتلين بالقاهرة، والذى أقيم على مسرح الأنبا رويس فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والذى ينظمه المعهد بالتنسيق مع كلية القديس أثناسيوس اللاهوتية فى لوس أنچلوس، وفقا لاتفاقية التعاون الموقعة بين الكلية والمعهد.


واصطفت فرق الكورال على سلالم مبنى المسرح وأنشدوا مجموعة من الترانيم فى استقبال قداسة البابا الذى حرص على التقاط الصور التذكارية معهم، بينما تقدم خورس شمامسة معهد ديديموس موكب أثناء دخول البابا إلى قاعة المسرح، مرتلين ألحان استقبال الأب البطريرك.

يبدو أن متاعب الجسد تتغلب أحيانا ولو تجاهلها بالعمل والخدمة، فإن البطريرك تعرض لحالة إعياء خلال احتفال عيد الميلاد المجيد يناير العام الحالى، كما ظهر فى إذاعة قداس العيد على الهواء، إذ شعر البابا بالإجهاد الشديد والإعياء جعله يستأذن الحضور فى الجلوس أثناء العظة، وتلاها عدة فحوصات للاطمئنان على الحالة الصحية.
 

الرجل الذى حمل على قلبه سلامة مصر وسط ظروف غاية الحساسية وجاء بعد قيادة الأنبا شنودة لقيادة الكنيسة طيلة 41 عاما حتى لقبه المسلمون والمسيحيون بأنه حبيب الملايين، وأحمال المسئولية دعت الرجل لتجاهل الحالة الصحية التى يعانيها منذ دخوله درب الرهبنة قبل 35 عاما وبدأت فى تصاعد مستمر ليعانى آلام الظهر والسكر.
 

كان الأنبا تواضروس يعانى آلاما شديدة فى الظهر، وبعد تنصيبه أسقفا استطاع الأب الروحى للبطريرك الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة والخمس مدن الغربية، أن يحصل للأنبا تواضروس على تأمين صحى شامل فى إحدى المصحات الموجودة بفيينا فى النمسا، ومنذ ذلك الحين يتابع البابا حالته الصحية والمرضية فى النمسا بشكل منتظم.
 

ومع اعتلاء الأنبا تواضروس سدة الكرسى المرقسى، زادت أعباء خدمته الكنسية والرسمية، ووقع على عاتقه مسئوليات عدة وأعباء إضافية، حالت دون متابعة الأنبا تواضروس لحالته الصحية بشكل منتظم، مما أدى إلى تفاقم آلام الظهر التى وصلت إلى مرحلة لا يستطيع السير فيها والحركة بشكل طبيعى، إلا أنه يحاول رغم شدة الآلام ممارسة أعماله بنفسه.


قام البطريرك بعدة رحلات علاجية منذ توليه البطريركية فى نوفمبر ٢٠١٢، سافر البابا للعلاج فى فيينا بالنمسا ما يقرب من ٦ مرات، بمعدل مرة واحدة سنويا، إلا أنه ومع اشتداد الآلام عليه سافر خلال عام واحد مرتين، بالإضافة إلى سفره المفاجئ فى مقتبل عام 2017، عندما وصلت آلامه إلى درجة لا تحتمل، خاصة بعد تأجيل زيارته العلاجية أواخر عام 2016، بسبب حادث تفجير البطرسية وفشلت الأدوية والمسكنات معه.


وفى هذه الرحلة، خضع البابا تواضروس لجلسات علاج طبيعى وكورس علاجى للتخفيف من الآلام لفترة زمنية حتى تتحسن حالته الصحية، إلا أنه ولعدم التزامه بالراحة المطلوبة هاجمته الآلام مرة، مما جعلته يخضع لمتابعة علاجية وعلاج طبيعى فى رحلته لإنجلترا فى شهر مايو عام 2017، واستقرت الأمور قليلا إلا أنه قبل سفره لرحلته الرعوية الأخيرة لأستراليا واليابان عادت الآلام لمهاجمته مرة أخرى، وخضع للعلاج الطبيعى فى مصر إلا أن حالته لم تتحسن، وبعد عودته من الرحلة الرعوية اشتدت الآلام عليه مرة أخرى، وخضع للعلاج الطبيعى فى أكثر من مركز داخل مصر دون جدوى إلى أن تم تحديد موعد عملية الحقن الأخيرة بألمانيا.

وبحسب تصريح المتحدث الرسمى آنذاك، أن البابا يعانى آلاما شديدة جدا بالظهر، تمنعه من ممارسة مهامه والحركة المستمرة كما كان فى السابق؛ والبابا لديه ٤٠ مساعدا فى كل مجالات الكنيسة الخدمية والروحية من الكهنة والعلمانيين من الجنسين، كل منهم يقدم تقريرا عما أنجزه من مهام كنسية للبابا بشكل دورى.


ورغم أن البابا تواضروس لا يعانى أى شىء آخر سوى آلام الظهر والسكر الذى أصيب به مؤخرا؛ فإن الأطباء نصحوه بعدم التدخل الجراحى، مشيرا إلى أنه قد يعود هذا إما لحالة ظهره أو بسبب مرض السكر، بالإضافة إلى أن هناك بعض الوعكات الصحية التى تظهر بشكل عرضى على البابا، ويتم علاجها بشكل فورى مع الأطباء المعالجين للبابا فى فيينا.


ولا يزال البابا تواضروس يمارس مهام الخدمة والرعاية ولا يكل عن جهوده المبذولة سواء داخليا أو خارجيا من زيارات ولقاءات وتفقد لجموع أبناء الكنيسة فى سائر الإيباراشيات المترامية الأبعاد.


ولا يزال يحتفظ بالنسق الرهبانى فى التجرد والبذل، ويقدم خدمات ويعمل جاهدا على توظيف المعطيات العصرية والحديثة للخدمة من تقنيات وكان على عاتقه من الوهلة الأولى إعادة بناء البيت من الداخل وتنظيم الأمور الكنيسة بصورة مؤسسية تواكب المرحلة الراهنة لتكون رحلة خدمة ممتدة ولكل بطريرك طبيعة ولكل مرحلة معطيات وظروفها الخاصة، ولا يمكن بطبيعة الحال تعميم التجارب أو الحكم بالمقارنة بين الحقب وبعضها، فإن لكل حدث حديث، ولكل مقام مقال، ولكن يجتمع عداد البطاركة فى نسق واحدة هو الخدمة الروحية والرعاية الأبوية.