السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

علشان ولادكم.. احسبوها صح.. «البوابة نيوز» تواصل لقاء مستفيدات تكافل وكرامة.. «إيمان»: فلوس الدعم المشروط دخلت حنان وأدهم المدرسة.. وعلمتني في فصول محو الأمية وأصبح في إيدي سلاح

إيمان
إيمان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أطلقت وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة نيفين القباج، حملة "علشان ولادكم.. احسبوها صح"، للتوعية بقضايا الأسرة والسكان والتنمية، والتي ينفذها برنامج وعي للتنمية الاجتماعية، في اطار خطة الوزارة لرفع الوعي لدي الفئات الأولي بالرعاية بالعواقب والتداعيات الناجمة عن بعض الممارسات الخاطئة التي تؤثر علي أعمال التنمية التي تسعي الدولة لتحقيقها.

وتهدف الحملة إلي دعم الرأي العام المؤيد لقضايا التنمية الداعمة لحقوق الأسر الأولي بالرعاية من أجل حمايتهم من المظاهر الاجتماعية التي تجعل تلك الفئات أسيرة للفقر بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافيه .


في هذا الاطار، إلتقت البوابة نيوز، إحدي مستفيدات برنامج الدعم النقدي المشروط " تكافل وكرامة"، الذى ساعدها على بقاء أصغر طفلين من أطفالها السبعة في التعليم.
وأكدت إيمان قبيصى محمدين، أن إلتزامها بشروط استمرار الدعم استطاعت أن تكتشف مرض ابنتها وأن تحصل على العلاج المناسب، كما غير حياتها هي وزوجها في نواحي أخرى. 


كان نفسي أتعلم لكن طلعت من المدرسة عشان المصاريف

"إيمان قبيصى محمدين فرغلي" صاحبة الـ43 سنة، من مستفيدات دعم تكافل، زوجها وابن خالتها "أيمن" يعمل باليومية في حمل الطوب والرمل، وخرجت من المدرسة في السنة الرابعة الابتدائية، وتزوجت في سن الثالثة عشر، ورزقها الله بسبعة من الأطفال بعد أن عانت من الاجهاض المتكرر في سنوات الزواج الأولى.
في كشك مبنى بالطوب في حارة حلقة السمك المتفرعة من شارع محمد الصغير بمصر القديمة، تقف "إيمان" خلف طاسة كبيرة على موقد بشعلتين، تصهد وجهها سخونة الزيت المتصاعدة من قلي أقراص الطعمية، التى طحنت فولها المدشوش المبلول مع خضرتها للتو.
تقول إيمان: "أنا من مواليد مصر القديمة، وأمى من مصر القديمة وأبويا أرزقي من سوهاج وكان بيشتغل عتال على عربية نقل، كنا ست بنات وولدين، واحد منهم رجليه وجعاه ما بيقدرش يمشي عليها من صغره، أبويا كان بيطلعنا من المدرسة عشان مكنش بيقدر على مصاريف التعليم، اللى بيطلع من رابعة واللى بيطلع من سادسة، كنا بنحب التعليم لكن مافيش فلوس، مافيش غير أختى "إنتصار" الأكبر منى هى اللى كملت تعليمها، عشان خالي قال هو اللى هيتكفل بمصاريف تعليمها لغاية ما أخدت الدبلوم، هو كمان ماكانش متعلم، وكان نفسه يشوفنا متعلمين، لكن ماكانش يقدر يصرف على أكثر من واحدة".


"أولادي الخمسة طلعوا من المدرسة..ما قدرناش على مصاريف التعليم"

 

تتذكر إيمان أيام أن تركت المدرسة:" كان نفسي أتعلم، وفضلت زعلانة كتير لما كنت بأشوف أصحابي وهم راجعين من المدرسة وأنا لا، أبويا هو اللى كان بيقول لنا اقعدوا من المدرسة، ووالدتي كانت بتبقى زعلانة عشان نفسها عيالها يطلعوا حاجة، لكن ماكانش بايدها حاجة".
كريم، أول فرحة إيمان، يبلغ الآن 28 عاما، ويعمل سائق توك توك، فقد خرج من المدرسة في المرحلة الابتدائية، وتلاه جمعة وفوزية ثم أميرة ويوسف، "كلهم دخلوا المدارس لكن كانوا بيخرجوا من ثالثة أورابعة ابتدائي والصبيان بتتعلم صنعة في الورش اللي جنبنا، ما كناش بنقدر على المصاريف، التعليم عايز مصاريف، واحنا يادوب نقدر على الأكل".

"تكافل أنقذ حنان وأدهم من الخروج من التعليم"
سيقودك صوت قراءة القرآن الكريم، القادم من راديو ترانزسيتور صغير قديم إلى كشك إيمان،  حيث تحرص على تعليقه بعناية على باب الكشك كل يوم قبل أن تبدأ العمل، تقول: "بأحب أسمع القرآن قوى وأنا باشتغل، لما طلعت من المدرسة كنت باروح مرتين في الاسبوع الجامع اللي على أول الشارع عشان أحفظ القرآن، ولسه حافظة آيات كتير لغاية دلوقت، جوزى كمان طلع من المدرسة وهو صغير واشتغل بيشيل طوب أو رمل، كان عندى 13 سنة وهو أكبر منى بـ7 سنين، لما اتجوزنا، كان هو ده السن اللي بيتجوزوا فيه وقتها، وهو ابن خالتي مش غريب وكمان كنت بحبه".
رزقت إيمان 11 عاما رزقت بطفلها السادس أدهم، وأخيرا بحنان، وفي سن الالتحاق بالمدرسة ذهبا للمدرسة مثلما حدث مع اخوتهما، لكن يبدو أن حظهما أفضل: "لما بقينا ناخد فيزا تكافل، وعرفنا إن لازم العيال ما تطلعش من المدرسة، ما طلعناش أدهم ولا حنان، أدهم في سنة خامسة ابتدائي، وحنان في سنة ثالثة، ولما عرفنا إن أنا وأبوهم لازم نأخد شهادة محو الأمية، بقينا نروح الفصول اللي الرائدات الاجتماعيات عملوها لنا".


"لما أخدت محو الأمية حسيت إن معايا سلاح"
 

حصلت إيمان وزوجها على شهادة محو الأمية قبل 4 شهور فقط، ضمن مبادرة لا أمية مع تكافل التى تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي لمستفيدي دعم تكافل، "جوزى كان فرحان عشان هيقدر يطلع رخصة سواقة ويقدر يشتغل سواق، بقيت أخلص شغلي وأقفل الكشك الساعة 2 وأتغدى وأغير هدومي ونروح كل واحد على فصله، ونقعد من الساعة 4 لغاية 6 أو 7 بالليل نتعلم وناخد توعية عن تنظيم الأسرة وتربية الأطفال".
بفرحة وأمل تصف إيمان مشاعرها خلال التحاقها بفصول محو الأمية: "كنت باحس إني رجعت لأيام المدرسة تاني، ولو إن التعليم في المدرسة ما يتعوضش، مذاكرة ولعب وفرحة، خسارة إن الواحد مكملش تعليمه، كنت بأسأل حنان لما أرجع البيت عن أى حرف أو كلمة مش عارفه أقرأها، كنت حاسة إني هنجح وبتحمل التعب، ولما أخدت الشهادة حسيت إنى معاى سلاح وفرحت إني حققت هدف تعبت عشان أحققه".


"أنا خلفت سبعة لكن بنتي المتجوزة بتقول 2 كفاية"
تأخذ إيمان قدرا محسوبا من عجينة الطعمية، تضعه برفق على يدها اليسري وتدوّر أطرافه بمهارة وسرعة بيدها اليمنى، مثلما تفعل المصريات مع تدوير كعك العيد، ثم تقلبها في الزيت، ليسمع الزبائن صوت القلي ويشموا رائحة الطعمية فتهفو نفوسهم إليها وكأنهم نسوا أنهم يأكلونها أغلب أيام الأسبوع من يد إيمان.
تقول: "من 14 سنة استأذنا صاحب البيت اللي ساكنين فيه عشان نبني الكشك ده، وراء شقتي، اللي هي كانت شقة خالتي وحماتي وفضلنا قاعدين فيها، فوافق، وساعدتنا الجمعية الأهلية اللي عندنا وجابوا لي الطوب والبوتاجاز والأنبوبة، والمطحنة الحجر اللي قدام الكشك دي، والحوض قدام الكشك، وجبت الثلاجة اللي في شقتي وحطيتها في الكشك عشان لو فضل منى خلطة طعمية أحطها في الثلاجة عشان ما تحمضش، أصلي باقلي بالطلب، لأن الطعمية لازم تبقى سخنة".


تعلمت إيمان خلطة طعميتها المميزة من سيدة كانت تصنع الطعمية في نفس الحارة، لكنها كبرت وأعطت سر خلطتها لإمان، تقول إيمان: "باشترى 2 كيلو فول من البقال وأبلهم وأطحنهم الصبح مع الكرات والكذبرة والثوم وبصلة وفلفل رومي، الطعمية ما يتحطش لها بقدونس وشبت، دول باجيبهم للسلطة ولازم أحط في السلطة حتة ثلج عشان ما تحمضش، وباقلي كمان باذنجان وبطاطس، وأبدأ أقلى من 7 الصبح وأقفل على الساعة 2 أو 2 ونصف، وفي الشتاء الطلبات بتكون أكثر، لكن في الصيف ناس كتير بتفطر متأخر، باجيب الزيت بالكيلو لأنه غلي، بعد كان ب 15 بقى ب 75 جنيه، وبأقفل يوم الجمعة عشان بنتي وجوزها بيجوا لي، عندها بنت واحدة وقالت مش هتجيب غير عيل تاني كمان، أنا جبت سبعة عشان كنت باحب الخلفة، لكن الجيل الجديد دلوقت بيقول 2 كفاية، عشان يتعلموا".

"عرفت إن ابنتى عندها أنيميا من كراسة تكافل"
بنظرة خبير تنظر إيمان إلى القراطيس التى صنعتها مما تبقى من كراسات أولادها، لتعرف ما باعته اليوم من القراطيس، وما بعاته من الساندوتشات" قرص الطعمية بابيعه بجنيه، لكن الساندوتش بـ 2 جنيه، "ساعات بكسب 90 جنيه في اليوم وساعات 70 وساعات مش بيكون فيه بيع، يادوب مكسبي بيخليني أعمل أكل للست عيال، الأكلة دلوقت بتتكلف 300 جنيه".
وصل ما تحصل عليه إيمان من دعم تكافل إلى نحو 600 جنيه شهريا، تستطيع بها توفير الدروس الخاصة للطفلين المنتظمين في التعليم، ومنها أحيانا تشترى الفول وما تحتاجه من مكونات الطعمية ، إذا لم تكن النقود متوافرة، " نفسي أجيب قدرة فول وأوسع شغلي وقدمت في برنامج فرصة لما جولنا مصر القديمة، عشان عيالي يأكلوا كويس، لما كنت بتابع بكراسة تكافل في الوحدة الصحية للحنان اكتشفت ان عندها أنيميا، وأعطوني فيتامينات وأدوية ليها ببلاش، لو ماكنتش باتابع ماكنتش هعرف انها لازم تاكل الأكل الصحي عشان تتغذى".