السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

فاتورة باهظة.. معاقبة الصين فى أزمة تايوان يكلف الاقتصاد العالمي 3 تريليونات دولار

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حظيت زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى الصين الأسبوع الماضي، باهتمام دولي كبير لما لها من تأثير مباشر على مجريات الأحداث حول العالم في ظل التنافس المحموم بين واشنطن وبكين في جوانب متعددة.
واتسمت الزيارة بتشدد صيني حيال قضية تايوان التي تعد نقطة خلافية كبيرة مع الولايات المتحدة، وقال مسئولو الشئون الخارجية الصيني وانج يي لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن بكين لن تقدم "أي تنازلات" بشأن تايوان، مضيقا أنه "من الضروري الاختيار بين الحوار والمواجهة، وبين التعاون والخلاف".
وعلى الرغم من تصريح الرئيس الصيني شي جينبينج بأن هناك "أرضيات تفاهم" بين بكين وواشنطن، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثار غضب العملاق الآسيوي، بعدما وصف نظيره الصيني بـ"الديكتاتور".
وفي ظل كل هذه التوترات بين الولايات المتحدة والصين، بدأ الباحثون في الإعداد لسيناريوهات التداعيات المحتملة لغزو صيني إلى تايوان، حيث أعد مجلس الأطلسي ومجموعة Rhodium تقريرا توقع فيه أن يخسر الاقتصاد العالمي ٣ تريليونات دولار أمريكي، حال فرضت عقوبات على الصين إذا حاولت السيطرة على تايوان.
وأوضح التقرير الذي نشرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الخميس الماضي، أن الصناعات الرئيسية التي يمكن أن تستهدفها مجموعة السبع بالعقوبات، تشمل قطاعات الكيماويات والمعادن والإلكترونيات وبناء السفن والطيران في الصين، في حالة نشوب حرب على تايوان ستؤدي إلى خسائر فادحة تبلغ ٣ تريليونات دولار أمريكي على الاقتصاد العالمي - وهو ما يعادل تقريبا الناتج السنوي لبريطانيا، وقارن التقرير بين الاقتصاد الصيني والروسي، حيث يمثل الأخير عشر اقتصاد بكين.
وقال التقرير المعنون بـ"معاقبة الصين في أزمة تايوان: السيناريوهات والمخاطر"، إن "تكاليف التصعيد في مضيق تايوان مكلفة للغاية على الجميع، لكن التصعيد يحدث وقد رأينا ذلك بعبارات شديدة الوضوح في أوكرانيا لذلك من المهم أن يفكر الناس في الآثار المترتبة على ذلك ويفهموها".
ويحدد التقرير المؤلف من ٣٥ صفحة ثلاثة أهداف واسعة النطاق لعقوبات مجموعة السبع في أعقاب محاولة للسيطرة على تايوان بالقوة: القطاع المالي في الصين، والصناعات المرتبطة بالجيش الصيني؛ والأفراد أو الشركات المرتبطين بالقيادة العسكرية والسياسية لبكين، ومن المرجح أن تختار مجموعة السبع عقوبات مالية، وضوابط تصدير وعقوبات أخرى من شأنها أن تلحق الضرر بالصين أكثر من الغرب، حتى مع سعي الصين للحماية من نقاط ضعفها وفقا للتقرير.
وأوضح التقرير أن العقوبات الاقتصادية تستغرق وقتا طويلا، أطول من الحرب الناجحة، وعند هذه النقطة يصبح التركيز عقابيا وكلما طالت مدة وجودها، أصبح من الأسهل على الشركات والبلدان المستهدفة التكيف وتحويل التجارة وإيجاد حلول بديلة، كما رأينا مع روسيا، مضيفا أن العقوبات الاقتصادية وحدها غير كافية لتجنب الصراع، وتحتاج إلى العمل جنبا إلى جنب مع الجهود العسكرية والدبلوماسية.
وقال التقرير إن أزمة تايوان المحتملة والاستجابة المحتملة لها تخضعان لمزيد من التدقيق في واشنطن وعواصم مجموعة السبع الأخرى وبكين في أعقاب الحرب الأوكرانية، وأضاف أن عوامل مختلفة تزيد من خطر حدوث تصعيد، بما في ذلك الوضع الراهن بين الصين وتايوان، وتصاعد التوتر الجيوسياسي الصيني الأمريكي، وتنامي القوة العسكرية للصين، والسياسات الأمريكية الأكثر تشددا تجاه بكين والانتخابات الرئاسية المقبلة في تايوان.
وتشمل الصناعات الرئيسية التي يمكن أن تستهدفها مجموعة السبع للعقوبات قطاعات الكيماويات والمعادن والإلكترونيات وبناء السفن والطيران في الصين - والتي توظف ٤٥ مليون عامل، وتنتج أكثر من ٦.٧ تريليون دولار من العائدات السنوية بعض هذه القطاعات تخضع بالفعل للعقوبات.
وتابع التقرير القول إن قطع مكونات وتقنيات الطيران الرئيسية سيوجه ضربة كبيرة لصناعات السفر والخطوط الجوية التجارية في بكين، إلا أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر أيضا على ٢.٢ مليار دولار على الأقل من صادرات مجموعة السبع، وهو رقم قد يرتفع إلى ٣٣ مليار دولار إذا فرضت الصين إجراءات انتقامية.
وستواجه دول مجموعة السبع أيضا صعوبة في صياغة استجابة منسقة، بالنظر إلى المصالح الوطنية المتباينة، والاستعداد المتنوع لتحمل الآلام الاقتصادية والجوانب الفريدة لعلاقاتها مع واشنطن، في حين فوجئ العديد من المراقبين بالالتئام السريع لمجموعة الدول السبع بشأن العقوبات ضد روسيا بشأن أوكرانيا، وأكد التقرير أنه سيكون هناك صعوبة لتحقيق إجماع بشأن العقوبات المتعلقة بالصين مما كان عليه في السيناريو الروسي.
ولفت التقرير إلى إن القيمة الصافية المقدرة لأغنى ٢٠٠ شخص في الصين تبلغ حوالي ١.٨ تريليون دولار، من بينهم ٢٩ أعضاء في الكونجرس الشعبي الوطني أو المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، ووضع عقوبات ضد النخبة الصينية للتأثير على صنع القرار السياسي - كما فعلت مجموعة الدول السبع ضد المسؤولين الروس وأوليجارشية وأفراد الأسرة، وكما فعلت الولايات المتحدة ضد المسئولين في جيش التحرير الشعبي وهونج كونج وشينجيانج - يمثل تحديات.
كما أظهرت تسريبات بنما، هناك طرق عديدة لإخفاء الأموال من خلال الشركات الوهمية والتكتيكات الأخرى، ويلتزم العديد من المسؤولين الذين سيتم استهدافهم بشدة بسياسة الصين تجاه تايوان ومن غير المرجح أن يتأثروا بسهولة بالعقوبات المالية ضدهم الشخصية.
وتظل قوة العقوبات الأكثر فاعلية لمجموعة السبع هي قبضة واشنطن على النظام المالي العالمي، من خلال الدولار الأمريكي وشبكات مثل نظام Swift الذي تستخدمه البنوك لتبادل الأموال على مستوى العالم وقامت الصين ببناء نسختها الخاصة من Swift، والتي تسمى نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك، لكن المشكلة بالنسبة للصين هي أن النظام المالي العالمي يثق بالدولار وسيادة القانون الأمريكية ونظامها المنفتح نسبيا. واختتم التقرير بالقول إن "هذا ليس هو الحال مع العملة الصينية اليوان، بالنظر إلى ضوابط رأس المال وقدرة بكين على تغيير القواعد بشكل تعسفي وإجبار البنوك والشركات للعمل من أجل مصلحتها السياسية"، مضيفا "لا يوجد حقا خيار جيد للصين على المدى القريب، بسبب انتشار الدولار الأمريكي في كل مكان، وأهمية الاقتصاد الأمريكي والنظام المالي".