الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

المفكر الكبير على الدين هلال يكتب عن عبد الرحيم علي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عبّر  المفكر الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الحاصل مؤخرًا على جائزة النيل للعلوم الاجتماعية، عن تقديره للمسيرة الفكرية والسياسية للكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، رئيس مجلسى إدارة وتحرير مؤسسة البوابة نيوز، مثمنًا على الجهد البحثي والإكاديمي لـ"علي" في كشف مخططات جماعات "الإسلام السياسي" وممارساتها لكافة أشكال التضليل والزج باسم الدين لتحقيق أهدافها الخاصة.

وكتب د. علي الدين هلال مقالًا نشر اليوم الأحد 4 يونيو بجريدة الأهرام القومية تحت عنوان: "تحدى مُكافحة الفكر المُتطرف مازال قائمًا"..  نعيد نشره هنا:

تحدى مُكافحة الفكر المُتطرف مازال قائمًا

بقلم: د. علي الدين هلال

انشغل الباحثون المصريون وغيرهم بحركات الإسلام السياسى التى تستخدم الأفكار الدينية لتبرير أهدافها السياسية، ويخلط خطابها السياسى مبادئ الدين المستقرة بالأغراض السياسية المتغيرة. كما انشغلوا بمُتابعة الأفكار التى تروج لها هذه الحركات والكشف عن أغراضها ومراميها. وظهرت مئات الكتب والبحوث بمختلف اللغات عنها، خصوصا بعد الدور الذى قامت به فى مرحلة الانتفاضات العربية، ووصولها للحكم فى أكثر من دولة، ثم فشلها وانحسار نفوذها فى مراحل لاحقة.

تابعتُ هذه الظاهرة، وعكفتُ على دراستها فى حقبة السبعينيات، وصدر لى كتابان مُحرران باللغة الإنجليزية، وهما الإسلام والسلطة الصادر فى لندن عام 1981، والإحياء الإسلامى فى العالم العربى الصادر فى نيويورك عام 1982. وبحكم استمرار هذا الاهتمام، اطلعت على أغلب الدراسات فى هذا الموضوع، وتعرفت على تطور أفكار مؤلفيها من كتاب لآخر.

ومن بين الكثيرين، لا أعرف أحدا استمر بدأب فى متابعة تلك الحركات أكثر من الأستاذ عبدالرحيم على الذى كتب عشرات الكتب والبحوث والمقالات فى هذا الشأن. كما أنشأ مركزا متخصصا لمتابعة أخبار وأنشطة تلك الحركات وتحليل دلالاتها، واستمر فى الكتابة عنها لمدة تزيد على ثلث قرن. لذلك، فقد كانت مفاجأة سارة لى أن أطلع على المٌجلدات السبعة التى جمعت بين دفتيها الأعمال الكاملة للمؤلف.

وكما تُشير مُقدمة الأعمال، فقد نبع اهتمام المؤلف بهذا الموضوع من خبرته الحياتية المباشرة وهو فى مقتبل الشباب، وما شاهده فى مدينته المنيا التى مرت حسب قوله بتحولات صاخبة، وانطلقت منها أفكار بدأت محافظة ثم تحولت إلى متشددة... ثم انقلبت عنيفة... لتنتهى دموية، وأن مجموعة من الشباب أطلقوا لحى كثيفة، وارتدوا جلابيب بيضاء قصيرة سعوا لفرض آرائهم على المُجتمع دون أن يوقفهم أو ينصحهم أحد، بل إن بعض المسئولين المحليين سايروهم وتملقوهم.

أوجدت هذه الخبرة المباشرة للمؤلف بأقوال وأفعال حركات الإسلام السياسي، شعورا عميقا بأن هدفها الغلبة والسيطرة على الحكم، وإن كان ذلك لا يمنعها من القيام بمهادنات مؤقتة مع الحكومات حسب تغير الظروف. وعبر عن تفكيره هذا مبكرا فى كتابيه المخاطرة فى صفقة الحكومة وجماعات العنف عام 2000، والمقامرة الكبرى... مبادرة وقف العنف بين رهان الحكومة والجماعة الإسلامية عام 2003. والذى انتقد فيه تصور البعض إمكانية تغيير هذه الجماعات لمواقفها المبدئية، أو إيمانهم بأنهم وحدهم دون غيرهم يمثلون الإسلام الصحيح.

تبين هذه المجلدات الجوانب المختلفة لبحوث الأستاذ عبد الرحيم، فهى تضم كتب الإسلام وحرية الرأى والتعبير عام 2004، فتاوى الإخوان وأزمة تيار التجديد السبعينى عام 2005، وأوراق من دفتر الإخوان: الجماعة من البنا إلى بديع عام 2007، والإخوان المسلمون.. قراءة فى الملفات السرية عام 2013. وامتدت الكتب لتشمل التنظيمات المماثلة خارج مصر كحزب الله والقاعدة، والإعلام العربى وقضايا الإرهاب.

تعمقت هذه الكتب فى قضايا شائكة وموضوعات غير مطروقة اعتمد فيها الكاتب على كُتب قادة الجماعة ومذكراتهم، وأجرى مقابلات معمقة مع عدد منهم، ودرس قضايا من قبيل علاقة الإخوان بالولايات المتحدة، والموقف تجاه العنف، والموقف تجاه حرية الاعتقاد، وحق غير المسلمين فى ممارسة شعائرهم الدينية. وكذلك دور النظام الخاص الذى كان الجناح العسكرى للجماعة، ونشأة التنظيم الدولى وتطوره، وسيطرة أفكار سيد قطب على الجماعة وهى العباءة التى خرجت منها أفكار التنظيمات المتطرفة اليوم.

وأريد أن أتوقف أمام كتابين: الأول كتاب الإخوان المسلمون، ويقع فى قرابة أربعمائة صفحة، والذى رصد فيه التقلبات والانقلابات فى مواقف الإخوان مع كل القوى السياسية، والانتقال من علاقات التعاون إلى العداء مع القصر والوفد وأحزاب الأقلية، واتصالات الجماعة بالإنجليز والسفارة الأمريكية فى القاهرة، والسعى فى عام 1947 لإقامة تعاون بين الحركة والسفارة بهدف محاربة الشيوعية. وهى المعلومات التى كشفت عنها وثائق وزارة الخارجية الأمريكية التى تم الإفراج عنها عام 1993، وأشارت إلى لقاءات بعض موظفى السفارة الأمريكية بالقاهرة مع حسن البنا أحيانًا بمفرده، وأحيانًا أُخرى برفقة أعضاء آخرين من الجماعة.

واستمرت هذه التقلبات مع ثورة 23 يوليو التى بدأت بالتعاون والتقارب وانتهت بالصدام مع الرئيس جمال عبد الناصر، ثم استفادة الجماعة من قرار الرئيس أنور السادات بالإفراج عن المسجونين منهم فى تجديد دماء الجماعة، وإعطاء دفعة للأفكار وتنظيمات الإسلام السياسى الأخرى كالجماعة الإسلامية والجهاد، وهو ما انتهى باغتيال السادات. ثم مرحلة الرئيس مبارك التى ازداد فيها تغلغل عناصر الجماعة والسيطرة على الاتحادات الطلابية ونوادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات والنقابات المهنية.وركز تحليله على المفارقة بين مطالبة قادة الحركة بالديمقراطية فى الوقت الذى يتنكرون فيه لأى ممارسة ديمقراطية داخل التنظيم الذى يقوم على مبادئ السمع والطاعة والسرية.

والكتاب الثانى بعُنوان الفتاوى، الذى اعتمد فيه المؤلف على الفتاوى المنشورة فى مجلة الدعوة الناطقة باسم الجماعة فى حقبة السبعينيات تجاه قضايا: الأقباط والديمقراطية والمرأة والفن، والتى كشفت عن وجه آخر للجماعة يخالف الصورة التى ترسمها التصريحات الرسمية والمقالات الصحفية. أكتب هذا المقال ليس فقط احتفاءً بإعادة طبع هذه المُجلدات، ولكن أيضًا للتنبيه إلى خطر مازال يواجهنا، فأنا من المؤمنين بأن المواجهة مع أفكار التطرف والعنف والاستعلاء وعدم التسامح مازالت قائمة.وإذا كان جيش مصر وشرطتها قد نجحا فى ضرب شوكة التنظيمات الإرهابية، فإن الأفكار المولدة والحاضنة لمثل هذه التنظيمات ما زالت تعشعش فى عقول شريحة معتبرة فى المجتمع.