الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ليا رازو ديلا فولتا تكتب: هذه المنظمة.. هل يجب أن نخاف من ميلى جوروش فى أوروبا؟ (1)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

Milli Göruş ميلى جوروش اسم غير معروف نسبيًا، وقد تم ذكره فى الصحافة أثناء بناء مسجد ستراسبورج حيث كان يحوم فى المكان ظل أنقرة. هذه المنظمة، التى ولدت فى السبعينيات، هى وريثة عقيدة التداخل التركى الإسلامى، التى رسخت نفسها كمدافع عن القيم الإسلامية والتركية العثمانية. فهل تشكل هذه الحركة تهديدًا للعلمانية الفرنسية؟.
لفهم ما هو الاتحاد الإسلامى للميلى جوروش، عليك الذهاب إلى موقع الفرع الفرنسى لهذا الاتحاد، ومن خلال الروح والصورة التى يرغب الأخير فى إعطائها عنه وفك شفرتها بقراءة سريعة من أجل توصيل الرسالة المطلوبة.
تقدم ملى جوروش نفسها على أنها منظمة دينية وفريدة من نوعها، وتعطى تعريفًا لما هى عليه من خلال ربط مصطلح «mill» فى اللغة العربية هو كلمة «ملة «وهى كلمة نُقلت مرات عديدة فى القرآن الكريم» حيث يشير هذا المصطلح إلى المجتمع حول النبى، الذى يؤمن به وبالقيم والتقاليد التى يعلّمها النبى والتى يتم نقلها من نبى لأخر.
المصطلح العربى فى الواقع هو ملة، ولكن فى تركيا يتم إضافة تاء فى النهاية ويتم نطقها طبقًا للمصطلح العثمانى «ميليت»، وهو نظام سياسى إدارى سارى المفعول فى ظل الإمبراطورية والذى نظم المجتمع العثمانى فى مجتمعات على أساس دينى وبالتحديد «أهل الكتاب» وهم المسيحيون واليهود.. وحتى المسلمون يرأسهم شخص يدعى «باشى»، محاور الإدارة الإمبراطورية.
منذ بداية التاريخ الهجرى، أخذت كلمة «ميلى» معانٍ عديدة؛ لكن فى التركية الحديثة، تعنى كلمة ميلى «قومي» وفى الوقت نفسه، فإن كلمة «جوروش» هى من أصل تركى وتعنى حرفيًا «الرؤية» وتعنى كلمة Milli Göruş بمعنى أوسع النموذج، وهكذا: يشير مصطلح «ميلى جوروش» إلى جميع المسلمين الذين يعتبرون أنفسهم جزءًا من سلالة إبراهيم (ع) فى مسائل الرأى والإيمان بينما يتبعون رسالة محمد (ص)، آخر رسل الله.
على الرغم من تقديم موقع Milli Göruş على أنه حركة دينية بحتة، إلا أنه يجب أن يكون مؤهلًا، لأن الرؤية الدينية والوطنية هى جزء من المجموعة الأيديولوجية للتوليف الإسلامى التركى، مما يجعلها حركة سياسية فى حد ذاتها وتدافع عن القيم الدينية، مثل الثيوقراطية.
ميلى جوروش.. وريثة التوليف التركى الإسلامى
عندما تم إعلان جمهورية تركيا فى عام ١٩٢٣، كان على مصطفى كمال (١٨٨١-١٩٣٨) أن يبنى دولة جديدة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية التى كانت فى حالة تمزق تام. لم يكن وريثًا للإمبراطورية منارة الإسلام، الخلافة، وألغيت عام ١٩٢٤ على يد «أبو» تركيا الحديثة. باتباع النموذج الغربى، قرر تبنى الدولة القومية. غالبًا ما يتم اختزال المشاريع الضخمة التى تم تنفيذها فى عهد مصطفى كمال فى العلمانية وحدها، لكن مؤسس الدولة الجديدة التزم بالتعليم العلمانى، لتحديث اللغة باعتماد أبجدية جديدة وكلمات جديدة لم تكن فرسًا ولا عربًا، بل تركية. فعل خلفاؤه الشيء نفسه، حيث كان الجيش هو الوصى على المؤسسات ومنذ عام ١٩٥٠، ظهرت حركة «إنسانية»، ولا سيما مع أرفى مفيد مانسيل (١٩٠٥-١٩٧٥) عالم الآثار، الأكاديمى المتخصص فى الآثار اليونانية الذى أدار العديد من الحفريات على ساحل 
الأناضول.
 


هذا التحول العلمانى والاعتراف باليونان القديمة كمصفوفة للنموذج الحضارى أثار حفيظة بعض القوميين ورجال الدين، الذين كانوا يرفضون الخضوع لقيم الغرب، وحاولوا موازنة هذا التأثير المؤيد للغرب بإطلاق تيار آخر يؤكد على أن هوية تركيا مسلمة وآسيوية ويحمل هذا التيار اسم «التركيبات التركية الإسلامية» أو Türk Islam Sentezi.
تم تطوير «التركيب التركى الإسلامي» فى الأصل من قبل مجموعة من المثقفين، إبراهيم كافيسوجلو (١٩١٢-١٩٨٤) وأحمد أرفاسى (١٩٣٢-١٩٨٨) وكانا من أنصار هذه العقيدة. فى الستينيات من القرن الماضى، كان هناك نادٍ يُدعى «بيت المثقفين» أو Aydinlar Ocaği يهدف صراحة إلى تطوير بنية نظرية لتستخدمها الأحزاب اليمينية التركية. وفى مواجهة الحركة الطلابية عام ١٩٦٨، شجعت سياسة الاحتواء الأمريكية إحياء القومية التركية، معتقدة أن الإسلام والقومية التركية يمكن أن تشكل حصنًا ضد الاتحاد السوفيتى وتغلغل الشيوعية.
بعد ذلك، اتخذ التركيب الإسلامى التركى، تحت تأثير أحمد أرفاسى، منعطفًا أكثر شراسة من خلال تحوله إلى قوميين ومعادين للأجانب ومعادين للسامية، وهذا على الرغم من حقيقة أن أعضاء النادى اعتبروا أنفسهم مجموعة نقاش بعيدة عن السياسة. وفيما يتعلق بالمبادئ التى وضعتها كانت تهدف إلى توحيد اليمين بما فى ذلك الحركات القومية التى كان لها دور فعال فى تعزيز الحركات السياسية اليمينية فى تركيا كما تم تشكيل «التركيبة التركية الإسلامية»، كشعار وجوهر الأيديولوجية الجديدة التى سعت، من خلال توجهها البراجماتى، إلى دمج الإسلاموية والقومية ومن أبطال تداخل الدين والقومية نجم الدين أربكان.
أربكان يؤسس الملة ويرفض «الكمالية» 
بدأت الحياة السياسية لأربكان فى عام ١٩٦٠: انضم إلى حزب العدالة بزعامة سليمان ديميريل (١٩٢٤-٢٠١٥) الذى كان على رأس تركيا. نجم الدين أربكان قريب من ملاك الأراضى، من البرجوازية الإقليمية، كما كان عدنان مندريس من قبله. تعارض هذه الفئات الاجتماعية قيادة الحزب التى تتهمها بالدفاع عن مصالح الطبقات الحاكمة الغربية والمعادية للدين. ولم يكن المتحدث الرسمى باسمهم سوى نجم الدين أربكان، ولكى يضع حدًا لما كان ينفصل عن الحزب، قررت قيادته فى عام ١٩٦٨ انتخاب نجم الدين أربكان لمنصب سكرتير غرفة التجارة والصناعة. واعتقد رئيس الوزراء ديميريل أن بإمكانه السيطرة على أربكان وكبح السخط؛ لكن نجم الدين أربكان رفض الانصياع لأوامر حزب العدالة وبدأ فى صياغة لوائح اتهام عنيفة ضده وضد البرجوازية الكبيرة الغربية، مما سمح له بإثبات شعبيته بين الطبقات الدينية الشعبية.
وتبنى بعد ذلك عقيدة «التركيبة الإسلامية التركية التى تفتح الطريق أمام ظهور الإسلام السياسى فى البلاد» حيث أعيد التفكير فى مكانة الإسلام من خلال مزيج ذكى من الهويات التركية العثمانية والإسلامية.

معلومات عن الكاتب: 
ليا رازو ديلا فولتا.. حاصلة على درجة الدكتوراه فى علوم وتقنيات اللغة والقانون العام. لها العديد من الكتب عن المافيا فى العالم. وعضو مركز الأبحاث بجامعة كوت دازور (CERDACFF) والمؤسس المشارك لمؤسسة Think Tank Status Quo Media المتخصصة فى الجغرافيا السياسية وعلم الجريمة.