السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خريطة جديدة على وقع الزلزال التركى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رسائل متطابقة حملها وزير الخارجية المصرى سامح شكرى إلى كل من سوريا وتركيا تعبر عن دعم مصر حكومة وشعبًا للبلدين فى مواجهة الآثار الكارثية التى خلّفها زلزال الأناضول ٦ فبراير الماضى.

زيارة شكرى الرسمية تعد الأولى للدولتين منذ أكثر من عقد كامل، ورغم أنها جاءت فى سياق جسر الإغاثة المصرى نحو دمشق وأنقرة، إلا أن كواليسها وتداعياتها قد تسفر عن زلزال سياسى ليعيد صياغة خريطة التحالفات والعلاقات فى منطقة الشرق الأوسط.

على الصعيد التركى عَبَرَ مسار المفاوضات بين القاهرة وأنقرة عدة مراحل، بدأت على مستوى رجال الاستخبارات ثم المؤسسات الأمنية وصولًا إلى اللقاء الذى جمع بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى ورجب طيب أردوغان فى الدوحة أثناء افتتاح بطولة كأس العالم.

 فى المقابل لم ينقطع حبل التواصل بين دمشق والقاهرة على مدار السنوات العشر الماضية على مستوى التنسيق السياسى والأمنى، وإن لم تعبر عن ذلك اتصالات دبلوماسية علنية رفيعة المستوى، وقد بذلت مصر جهدًا كبيرًا فى سبيل إعادة سوريا إلى عضوية جامعة الدول العربية؛ وهو الجهد الذى واجهته عدة تحديات وعراقيل تمثلت فى تحفظ بعض الدول.

٦ فبراير الماضى جاء زلزال الأناضول ليسرع من عملية الاتصال بين مصر وتركيا، وليزيل بعض العراقيل والتحديات أمام عودة سوريا إلى حاضنتها العربية.

اتصال الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى بنظيريه التركى رجب طيب أردوغان والسورى بشار الأسد لتعزيتهما فى ضحايا الزلزال المدمر والتأكيد على وقوف الدولة المصرية إلى جانب شعبى البلدين فى هذه الكارثة، ربما لم يكن يحدث قبل مرور عام على الأقل عندما تؤتى التفاعلات الدبلوماسية ثمارها سواء على صعيد العلاقة بين القاهرة وأنقرة، أو على صعيد إقناع الدول المعارضة لعودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة العربية للتخلى عن رفضها وتحفظاتها.

مباحثات شكرى مع نظيريه مولود تشاوش أوغلو والسورى فيصل المقداد تؤكد توازن الموقف المصرى على نحو يؤهل القاهرة للعب دور كبير بالنسبة لملف استعادة مقعد دمشق فى الجامعة العربية، ودور أشمل على صعيد استقرار الشرق الأوسط لحلحلة الأزمتين السورية والليبية عبر رفع مستوى التفاهم والتنسيق بين المسئولين فى مصر وتركيا.

الجميع بترقب القمة العربية المزمع انعقادها فى مايو المقبل بالمملكة العربية السعودية، وبدأ المراقبون يتساءلون عما إذا كانت هذه القمة ستشهد قرارًا عربيًا جماعيًا لعودة مقعد دمشق.

سبقت زيارة وزير خارجية مصر إلى دمشق زيارتين على نفس الدرجة من الأهمية لكل من وزير خارجية دولة الإمارات عبد الله بن زايد ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدى وبحسب تقارير صحفية دولية ربما يشد الرحال إلى العاصمة السورية عدد آخر من وزراء الخارجية العرب خلال الأسابيع المقبلة.

كل ذلك يأتى فى سياق ضغوط عربية لرفع قيود ما يسمى بقانون قيصر الأمريكى على سوريا؛ غير أن ما يجعل دمشق مؤهلة للعودة إلى الحضن العربى ومن ثم لأدوارها السياسية الحيوية لحفظ الأمن الإقليمى بالتعاون مع نظرائها من القوى الإقليمية هو حلحلة أزمتها الداخلية وإنهاء مشكلتها السياسية مع الدولة التركية.

مصر تستطيع وخلال مفاوضاتها مع الجانب التركي إيجاد صيغة لتفكيك هذه الأوضاع المعقدة بالتنسيق مع الدولة السورية عبر إيجاد صيغ تفاهم وتنسيق بين روسيا وتركيا والإدارة السورية.

لو نجحت مصر فى هذا الدور بفضل مواقفها المتزنة سيمكن حل المشكلات القائمة بين بغداد وأنقرة بسبب الملف الكردى وكذلك السدود التركية التى تحجب المياة عن نهرى دجلة والفرات وقد نرى تفاهمًا مصريًا تركيًا حول إدارة الأزمة الليبية.

صحيح أن المهمة المصرية ليست سهلة لكن ثمة إشارات عديدة تؤكد أن عناصر نجاحها قائمة أولها الأزمة الاقتصادية العالمية؛ وتعقيب وزير الخارجية التركى تشاوش أوغلو على زيارة سامح شكرى والمساعدات المصرية بقوله أن "الصديق الحقيقى يظهر وقت الشدائد"، وتصريح سامح شكرى أثناء المؤتمر الصحفى مع نظيره التركى بأن مصر مهتمة بالمضى فى عملية تسريع استعادة العلاقات الكاملة مع الدولة التركية وأن الجهود المصرية تبنى على نتائج لقاء الرئيسين السيسي وأردوغان فى الدوحة.