الإثنين 10 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

تعرف على القديس روبير سذل الشهيد

تعرف علي القديس روبير
تعرف علي القديس روبير سذل الشهيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ولد روبير سذل العام 1561م في قصر والديه بإقليم نورفولك ، بإنجلترا . وعندما اشق الملك هنرى الثامن  عن الكنيسة وفرض على جميع المدارس أن تعلم العقائد الأنجليكانية التي تقر بسلطته المدنية والروحية ، نال روبير تعليمه الأساسي في القصر ، لأن والديه حرصاً على أن لا يشوب إيمانه البدع المنتشرة في المدارس . 

 

وحين شب الصبي ، ذهب لهروبير سذل في باريس بالاب توما داربيشير اليسوعي ، وأحس بأن الله يدعوه إلى أمر جليل . فواظب على الصلاة اليومية، وجعل يقوم بأعمال تقوية ، حتى تبين له أن الرب يريده أن يكون يسوعياً .

 

 فعجل في طلب دخول الرهبانية، لكن طلبه رفض نظراً لحداثة سنه، إذ لم يكمل بعد السادسة عشرة من عمره. ولم يثنه هذا الرفض عن مشروعه ولا حط من عزيمته. فسافر إلى روما ، وأمضى فيها اسبوعاً قضاه في الصلاة والتقشف، ثم قابل رئيس الرهبنة العام ، وتوسل إليه أن يقبله في الرهبنة.

 

 لما راي الرئيس العام حماسته وغيرته على العمل الرسولي ، سمح له بدخول الإبتداء في دير القديس أندراوس سنة 1578م. شعر روبير في اثناء تكوينه الرهباني ، بأن الله يدعوه إلى رسالة مهمة ببلده إنجلترا ن فطلب من رؤسائه بعد سيامته أن يذهب إلى هناك ، لكنهم عينوه مديراً للإكليريكية الإنجليزية في روما نظراً لمواهبه الأدبية الفذة، ومعرفته الدقيقة للغة الإنجليزية ، فشغل هذا المنصب ثماني سنوات ، لم ينقطع فيها عن تتبع أخبار الكنيسة الإنجليزية ، والصلاة إلى الله لكى يمن عليه بنعمة الرسالة في ذلك البلد . 

 

 

استجاب الرب لصلواته ، حين طلب منه الرؤساء أن يذهب مع الأب هنرى غارنت إلى بلاد الإنجليز. في 8 فبراير عام 1586م ابحر مركب المسافرين من إيطاليا وعلى متنه شابان إنجليزيان يرتديان ثياب تجار للخيول . ولم يكن هذان الاثنان إلا الأبوان سذل وغارنت اللذان سافرا متنكرين لكى لا تمنعهما السلطات الإنجليزية، التى تراقب المرافئ بدقة، عن الدخول . وبهذه الطريقة عبرا حواجز التفتيش في ميناء فولكستون ، ثم سلك كل واحد منهما طريقاً مختلفاً ليصل إلى لندن ، لكى لا يثيرا الشبهات .

 

 إمتد نشاط الأب سذل من الضواحي في لندن حتى أقاليم ميدلاند فكان يزور الفقراء والمتألمين ويرشد أبناء الطبقات العليا في المجتمع ، ويذهب على المرفأ متنكراً بزي سائس للخيول، ويبحث سراً عن الكهنة القادمين إلى البلاد ، على أنهم سياح أجانب، فيؤجرهم العربات والخيول ويسالهم عن الجهة التي بقصدونها ويقترح عليهم زيارة مناطق أخرى هي بالحقيقة مواضع رسالتهم. ويتردد أيضا على السجون ويشدد عزائم المحبوسين لأجل إيمانهم ويمنحهم الأسرار المقدسة. 

 

 

كتب الأب سذل كتاب اسمه " رسائل التعزية " وكان المسيحيون المضطهدون يقرأونه فيقوى إيمنهم، وينتعش الرجاء في قلوبهم. واستمر الأب سذل في ؤسالته الرعوية والفكرية لم يعرف فيها كللاً ولا مللاً ، ولم يتوان عن تلبية نداء المعوزين، رغم بحث السلطات عنه ومطاردتها له وسعيها لاعتقاله. فأرشدت عنه فتاة نكرت إيمانها الكاثوليكي ، فجاء السلطات وقبضت عليه، فحاولت السلطات ان تحصل منه على معلومات كاملة عن وجود الكهنة الكاثوليك في البلاد، لكنه لم يبوح باى شيء ، وعندما عجزوا عن إجباره على الاعتراف أمروا بنقله إلى سجن غتهاوس ، وكان له هناك غرفة خصوصية تحوى أدوات للتعذيب لم تخطر على بال بشر. وربط الجلادون يدي الأب سذل برجليه وعلقوه متدلياً من السقف. وجعلوا يجلدونه بالسياط حتى يسيل من جسمه، ثم يرشون الجروح بالماء المالح. 

 

دام التعذيب اسبوعاً كاملاً والسجين على عناده، لم يعط معلومة واحدة تفيد في القبض على اشخاص آخرين . وشرع الجلادون يعذبون الأب لاوبير ثلاث عشرة مرة اسبوعياً ، وهو صامد لا يلين. وفى الفترات القليلة التي يخلو فيها الى نفسه، كان يصلى إلى الله ويتضرع فينال من العلي قوة سماوية تساعده على تحمل الآلام . وبعد أسبوعين يئس رئيس السجن من إجباره على الاعتراف ، فأودعه سجن العبيد ليعاني فيه البرد والجوع والعطش. واستطاع والد الأب سذل، بفضل علو مقامه في الدولة، أن يأتي لزيارة ابنه. فوجد الديدان تغطي جسمه، والحشرات الزاحفة تنهش لحمه. وكانت رائحته كالجيفة العفنة . 

 

فهاله المنظر ، وبعث برسالة إلى الملكة يطلب فيها محاكمة ابنه:" فإذا كان بريئاً فليطلق سراحه ، وإن كان مذنباً فليقتل بدل ان يتعذب على هذا النحو". ولاقى طلب الوالد أذناً صاغية عند الملكة، فنقل الأب روبير إلى سجن البرج. وأرسل إليه الأب غارنت أوراق وقلم ليتسلى في الكتابة. وجمعت أعماله الأدبية في السجن.

 

 وطبعت بعد موته في كتاب اسمه " مراثي القديس بطرس"، نذكر منها قصيدة كتبها في عيد الميلاد بعد ساعة من التعذيب. وبعد سجن دام سنتين ونصف ، حرم في أثنائها الأب سذل من الزيارات والمراسلة ، استطاع أن يبعث سراً برسالة إلى اللورد برغلي حملها إليه أحد السجناء اللذين افرج عنهم ، طلب منه فيها أن يعجل محاكمته أو يطلق سراحه. فأمر اللورد باجراء المحاكمة فوراً ، وبدا استجوابه في قاعة وستمنستر. وفى صباح يوم 21 فبراير دخل السجان إلى زنزانة الأب سذل ، فوجده جاثياً يصلى.

 

انتظر حتى أنهى صلاته، وأمره بأن يتبعه لأن حكم الإعدام قد صدر ، وسيتم التنفيذ حالاً . فابتسم الأب سذل وقال :" لم اسمع في حياتي نبأ اسعد من هذا، وكنت أود أن أقوم بكثير من الأعمال، ولكن إرادة الله هي فوق رغباتي". ووضع على منصة الإعدام ، وجثا يصلي. فأمسكه الجلاد من كتفه ورفعه بشدة ووضع حبل المشنقة حول عنقه. فصاح يقول : بين يديك يارب استودع روحي". 

وما أن لفظ هذه الكلمة حتى أنطلقت العربة من تحت قدميه . وإذ لم يكن الحبل ملفوفاً حول عنقه جيداً ، ظل معلقاً من رقبته يتالم، ويحاول أن يرسم إشارة الصليب بذراعه المكبلتين. ولاحظ الجلاد آلامه ـ فأشفق عليه، وشده بعنف من ساقيه، فتوفي في مثل يومنا هذا يوم 21 فبراير عام 1595م.

 

جاء الجنود وانزلوا جثته، وقطعوا راسه وأطرافه ووضعوا الرأس على مدخل الجسر والأطراف على أبواب المدينة. وأعلن البابا بيوس الحادي عشر الأب روبير سذل طوباوياً يوم 15 ديسمبر 1929م ، وزاد البابا بولس السادس في إكرامه فأعلنه قديساً يوم 25 أكتوبر 1970م .