الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

ذا ديبلومات: هل تنجح إندونيسيا في تعزيز أهمية دور رابطة "آسيان" خلال رئاستها الحالية؟

 الرئيس الإندونيسي
الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد نجاح رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، تعلق إندونيسيا آمالا كبيرة على تكرار هذا النجاح أثناء رئاستها مجموعة رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) العام الحالي.
ورأت مجلة "ذا ديبلومات" المتخصصة في الشأن الأسيوي، أن هذا النجاح قد أعطى دفعة دبلوماسية قوية لقيادة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الذي تسلم رئاسة الرابطة من رئيس وزراء كمبوديا هون سين في نوفمبر الماضي؛ وتأتي رئاسة جاكرتا لمجموعة الآسيان هذا العام تحت شعار: "أهمية الآسيان: مركز النمو"، حيث ستركز على تعزيز قدرات الرابطة وفعاليتها المؤسسية.
وكواحدة من الأعضاء الخمس المؤسسين للرابطة، التي غالبًا ما يُنظَّر إليها على أنها القائد الفعلي للمجموعة، ستحرص إندونيسيا أيضًا على أن تلعب مجموعة الآسيان دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار العالمي وتطبيق القانون الدولي، لاسيما بعدما استغلت جاكرتا رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي لتمديد نفوذها الإقليمي على الصعيد الدولي.
وعن التحديات التي تواجه إندونيسيا خلال رئاستها الحالية لمجموعة الآسيان، أوضحت المجلة أنها لا تختلف كثيرًا عن تلك التي واجهت كمبوديا العام الماضي، والتي تضمنت التعامل مع جائحة كورونا وصراع النفوذ بين الولايات المتحدة والصين والنزاعات الإقليمية والبحرية المستمرة، فضلا عن تداعيات التغيرات المناخية.
كما أشارت المجلة إلى إخفاق الرابطة تحت رئاسة كمبوديا في تحقيق أي تقدم ملموس في التعامل مع الأزمة السياسية والإنسانية في ميانمار بعد استيلاء المجلس العسكري على السلطة عام 2021، مشيرة إلى فشل السياسة التي تبناها رئيس وزراء كمبوديا في بداية رئاسته للمجموعة بهدف إشراك المجلس العسكري في أعمال الرابطة بالرغم من تحفظات بعض الدول الأعضاء.
وأضافت المجلة أن سياسة هون سين لم تحقق نجاحًا يُذكَّر، مما أدى إلى منع قادة المجلس العسكري في ميانمار من حضور اجتماعات الرابطة لحين إظهارهم تقدما ملموسا في تطبيق خطة السلام الخماسية التي تبنتها المجموعة، والتي تهدف إلى إنهاء العنف، والحوار البناء، وتعيين مبعوث لتوجيه جهود الوساطة، وتقديم حزمة مساعدات إنسانية.
وفي محاولات لتحقيق إنجازات دبلوماسية أخرى، عرض رئيس الوزراء الكمبودي الوساطة في محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا على هامش قمتي الآسيان المقامتين في بنوم بنه في نوفمبر، كما طلب على الرئيس الأوكراني إلقاء كلمة مسجلة خلال القمة، إلا أن هذه المحاولات قد باءت أيضًا بالفشل بعدما رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السفر إلى العاصمة الكمبودية لحضور قمة شرق آسيا التي تزامنت مع انعقاد القمتين.
كما جرى إلغاء كلمة الرئيس الأوكراني المسجلة بسبب معارضة بعض دول المجموعة؛ وبالرغم من ذلك، فقد نجحت أوكرانيا في تدعيم علاقاتها بالرابطة بعدما وقعت معاهدة الصداقة والتعاون التي أنشأها الأعضاء المؤسسين للرابطة.
وفيما يخص علاقة مجموعة الآسيان ببكين في ظل رئاسة كمبوديا، أشارت "ذا ديبلومات" إلى استمرار تراجع جهود المجموعة نحو إبرام مدونة قواعد سلوك في بحر الصين الجنوبي بين الصين والدول الأعضاء لخدمة المصالح المشتركة، حيث لم تثمر اجتماعات قادة المجموعة في نوفمبر الماضي إلا عن تقدم محدود في هذا الصدد.
كما أشارت المجلة إلى العلاقة الوطيدة التي تربط بين الصين وكمبوديا، فضلًا عن موقف كمبوديا التاريخي من نزاعات بعض دول المجموعة مع الصين في هذه المنطقة، حيث تصر كمبوديا أنها مجرد نزاعات ثنائية ينبغي تسويتها بمعرفة الدول المعنية فقط، وليس على مستوى المجموعة ككيان إقليمي.
من جانبه، ألمح رئيس إندونيسيا إلى بعض هذه التحديات، خلال قمتي الآسيان المنعقدتين في نوفمبر، حيث أكد ضرورة أن تكون منطقة جنوب شرق آسيا ذات نمو اقتصادي قوي وشامل مستدام، مع الحرص على ألا تتحول إلى ساحة حرب باردة جديدة بفعل التغيرات الجيوسياسية الحالية، بل يجب أن تصبح منطقة سلمية ذات دور محوري في تحقيق الاستقرار العالمي.
وحسب للمجلة، يعكس هذا التأكيد أن مسألة تعافي دول المنطقة اقتصاديًا من تداعيات جائحة كورونا والتعامل مع التوترات الحالية في العلاقات بين الصين وواشنطن سيكونان على رأس أولويات الرئيس الإندونيسي خلال عام 2023 كما سيكون عليه إيجاد حل أزمة ميانمار، في ظل توافق الدول الأعضاء في الرابطة على أسلوب التعامل مع المجلس العسكري في ميانمار.
يُذكر أن تايلاند كانت قد استضافت الشهر الماضي محادثات مع وزراء الحكومة العسكرية في ميانمار، بحضور وزراء خارجية لاوس وكمبوديا وفيتنام، مع غياب ممثلي بقية الدول الأعضاء.
وكانت الحكومة الإندونيسية قد أعلنت الأسبوع الماضي اعتزامها فتح مكتب مبعوث خاص لتنسيق جهود المجموعة في التعامل الصراع القائم في ميانمار، ما يشير إلى تبني جاكرتا موقفًا أكثر صرامة تجاه الحكومة العسكرية في ميانمار، مقارنة بموقف كمبوديا.
أما بالنسبة لصراع القوى الكبرى، توقعت المجلة أن تواجه إندونيسيا خلال رئاستها الحالية للمجموعة ضغوطًا متزايدة للاستقطاب من جانب بكين وواشنطن، مشيرة إلى محاولة مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية التأثير على الجانب الإندونيسي خلال أحد الاجتماعات التي تلت قمة مجموعة العشرين التي استضافتها جاكرتا في نوفمبر الماضي.
وناقش وزير الدفاع الأمريكي، لويد جيمس أوستن، خلال الاجتماع إمكانية التشغيل البيني للقوات وتدعيم العلاقات العسكرية بين البلدين، ليعرب وزير خارجية إندونيسيا بدوره عن رفض بلاده الدخول في أي اتفاقات ملزمة في هذا الشأن، مؤكدًا حرص إندونيسيا الدائم على السعي للحفاظ على علاقاتها مع جميع الدول.
ونوهت المجلة بأن الحفاظ على محورية الدور الإقليمي الذي تلعبه مجموعة الآسيان، سواء برئاسة إندونيسيا أو فيما بعد، سيتطلب من الدول الأعضاء العمل معا لإيجاد حلول فاعلة للمشكلات التي تؤرق المنطقة، وعلى رأسها الأزمة الإنسانية في ميانمار، وتنسيق جهود التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا، والتوافق على مدونة قواعد سلوك للتعامل مع نزاعات بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى المشكلات المتعلقة بتغير المناخ.
وترى "ذا ديبلومات" أن ضعف أداء المجموعة في الاستجابة لهذه التحديات قد يقوض الدور المركزي الذي تنسبه المجموعة لنفسها بمنطقة الإندو-باسيفيك، كما قد يفتح الباب أمام دول المجموعة للدخول في شراكات خارجية، كالحوار الأمني الرباعي (المعروف بتحالف كواد) الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، أو التحالف الأمني الثلاثي بين الولايات المتحدة، وأستراليا، وبريطانيا، والذي يُعرف باسم "أوكوس".
كما ترى المجلة أن المهمة الرئيسية التي تواجه جاكرتا خلال رئاستها الحالية للمجموعة تتمثل في العمل على تجاوز الانقسامات بين الدول الأعضاء لتدعيم دور الرابطة كطرف إقليمي فاعل جدير بالثقة.