الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الصيادلة": لا يحق لنا إعطاء حقنة.. وصيدلانية: نقدم الخدمة للمواطنين مراعاة لظروفهم الاقتصادية.. "الأطباء": مسئوليتنا التشخيص والعلاج

-
-
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حادثة وفاة الطفلتين «إيمان» و«سجدة»، بمينا البصل بحي غرب الإسكندرية، بعد حقنهما بعقار طبى داخل صيدلية دون إجراء تحليل الحساسية لهما مما أدى الى وفاتهما، لاتزال تلقى صداها في الشارع المصري، وتفتح الباب لقضية أكبر؛ وهي «الصيادلة الذين يمارسون مهنة الطبيب». الصيدلة من المهن الإنسانية التي تتعامل مع المرضى بشكل مباشر، حيث يساهم الصيادلة بما لديهم من خبرات طبية، في وصف العلاج لعدد من المرضى ولا سيما في المناطق الشعبية، خاصة في الأمراض البسيطة، التي تداهم البسطاء الذين لا يملكون ثمن الكشف الطبي عند الأطباء فيتوجهون مباشرة للصيدلى للحصول على الأدوية التي تخفف هذا الألم.

ليس هذا هو الخطر، ولكن الخطر يكمن في الحقيقة التي لا جدال فيها وهي أن هناك بعض الصيدليات التي لا يوجد فيها صيدلي متخصص، فمن الممكن وجود شخص يعمل داخل الصيدلة، لكنه في الواقع يؤدي دور الصيدلي.

هذه الصيدليات مليئة بأشخاص يرتدون «الروب الأبيض» ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالطب والصيدلة ويقومون بدور الصيادلة في إعطاء الوصفات الطبية لمن يعاني الصداع والبرد وغيرها من الأمراض أو إعطاء الحقن لكبار السن أو الأطفال دون الالتفات للسن أو الأمراض الأخرى التي يعاني منها فهم يرتكبون أحيانًا جرائم عديدة، ما بين صرف الأدوية بالخطأ، ورغبتهم المستمرة فى تقمص دور الطبيب والقتل الخطأ لبعض المرضي.

لا مجاملة لأحد

عصام عبد الحميد - بوابة دار المعارف الإخبارية.. بوابة إلكترونية تهدف إلى إثراء المحتوى الرقمي العربي من خلال الفنون والقوالب الصحفية المتنوعة والمتميزة

ويقول الدكتور عصام عبدالحميد، القائم بأعمال نقيب الصيادلة: «ممنوع منعًا باتًا إعطاء أي أنواع من الحقن داخل الصيدلة وصاحب الصيدلية هو المسئول عن ذلك، مشيرًا إلى أن الصيدلي لا يحق له إعطاء الحقنة داخل الصيدلة وإلا ستتم إحالته للجنة التحقيق فورًا؛ ورسالتي إلى جميع الصيادلة «لا مجاملة لأحد».

ويقول الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن الطبيب هو المنوط به تشخيص المرض ووصف العلاج الذي أحيانًا يتضمن الحقن، موضحًا أن الممرضة هي المختصة بمنح الحقنة للمريض، وتحت إشراف طبي لأن العديد من أنواع الحقن تحتاج إلي اختبار حساسية قبلها، للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات.

وأضاف «الطاهر» في تصريح خاص لـ«البوابة»: «في جميع دول العالم هناك عدد محدود من الأدوية التي يتم إعطاؤها دون وصفة طبية، مثل بعض أدوية البرد، ولكن معظم الأدوية، وكذلك جميع أنواع الحقن، يتم إعطاؤها فقط بوصفة طبية من أجل المحافظة على حياة المرضي».

وأوضح عضو مجلس نقابة الأطباء، أن القيمة العالية لكشف بعض الأطباء لا تبرر الإضرار بحياة المرضى، خاصة أن الخطأ قد يسبب مشاكل صحية أو يتسبب في الوفاة، مؤكدا أن المريض يمكنه أن يذهب إلي أي مستوصف أو مستشفى حكومي للفحص وتقليل التكلفة.

وطالب النائب أحمد مهنى، عضو مجلس النواب، بعقد دورة من وزارة الصحة لتأهيل الصيادلة للسماح بإعطاء الحقن، ويتم ذلك من خلال شهادة معتمدة مرتبطة بالصيدلة، بالإضافة إلى تقديم دورة الإسعافات الأولية للصيادلة، وتعطى شهادات بذلك؛ للسماح له بإعطاء الحقنة أو عمل الإسعافات الأولية.

وأضاف «مهني» في تصريح خاص لـ«البوابة»، أن وقائع موت المرضي داخل الصيدليات التي تكررت خلال الفترة السابقة أصبحت ناقوس خطر نتيجة ضعف الرقابة والإهمال في حالات الأطفال، وبالتالي فوضى صرف الأدوية لعلاج المرضى من الصيادلة دون وصفة طبية بالإضافة إلى صرف بدائل أخرى عن الأدوية الموجودة بالروشتة الخاصة بالمريض.

وتابع أن معظم الصيادلة يرتكب مخالفات جسيمة أبرزها فتح صيدلية والحصول على ترخيص لها مع عدم التواجد فيها، وهذا يعني أن الغالبية العظمى تعتمد على الأشخاص الذين ينفصلون تمامًا عن قطاع الصيدلة أو الدواء ويقومون باستقبال المرضى وصرف الوصفات الطبية والأدوية، وأنهم غير متعلمين فيما يتعلق بالأدوية سوى كونهم يعرفون القراءة والكتابة.

هيئة التمريض فقط

تعليق الحق في الدواء على تداول صور لبيع الأدوية على الرصيف بسوق الجمعة - بوابة الأهرام

ويقول محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن مأساة وفاة الأطفال أو كبار السن بسبب أخذ الحقن داخل الصيدليات متكررة، مؤكدًا أنه بحسب رصد قام به المركز هناك ٢٨ حالة توفيت منذ يناير الماضي.

وأضاف «فؤاد» لـ«البوابة»، أنه سبق وتقدم المركز للبرلمان في عام ٢٠١٦ ببعض الطرق القانونية للتغلب علي هذه الإشكالية لأنه الأصل أن من يعطي الحقن هو هيئة التمريض في المستشفيات والمراكز الصحية تحت إشراف الطبيب، مشيرًا إلى أن بعض الأسر المصرية يقوم بالذهاب للطريق الأسهل وهو إعطاء الحقنة في الصيدلية وذلك بسبب الأعباء الاقتصادية علي رب الأسرة.

العيادات الخارجية بالمستشفيات

رئيس شعبة الأدوية: التطبيقات الإلكترونية في الدواء خطر حقيقي | المصري اليوم

ويوضح الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بغرفة القاهرة التجارية، أن القانون لا يسمح بإعطاء الحقن في الصيدليات لأن ذلك يُشكل خطرًا على صحة وسلامة المريض، ويترتب عليه عواقب وخيمة، كما يجب على الفرد المحافظة على صحته وزيارة العيادات الخارجية في المستشفيات فقط في حالة وجوب أخذ حقنة وذلك حتي لا يقع المريض ضحية إهمال طبي.

وأضاف «عوف»، أن هناك بعض الحقن تسبب رد فعل شديد الحساسية للمريض، لذلك يجب الفحص من خلال الطبيب قبل الحصول عليها إذا كان المريض يعاني من الحساسية، فإن المستشفى يتخذ الإجراءات الإلزامية للحفاظ على صحة المريض، ويتم إعطاء حقنة سريعة المفعول لتجنب أي أعراض جانبية والحفاظ على سلامته.

وأشار إلى، أن جميع العيادات الخارجية في المستشفيات والمراكز الصحية لديها كوادر مؤهلة لضرب الحقن، بدأت خلال الخمس سنوات الماضية ظهور حالات وأعراض الحساسية الشديدة، خاصة عند الأطفال، وبالتالي فإن العيب ليس من طريقة إعطاء الحقن.

الصيادلة»: بدأنا اتخاذ الإجراءات القانونية ضد شركات «تطبيقات بيع الدواء أون لاين» | المصري اليوم

يقول الدكتور جورج عطا الله، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن نص قانون مهنة الصيدلة رقم ١٢٧ لعام ١٩٥٥ على أن أى شخص يمارس مهنة الصيدلة دون رخصة أو مساعدة شخص يمارس مهنة الصيدلة دون ترخيص يعاقب بالحبس لمدة عامين والغرامة قدرها مائة جنيه.

وأضاف، يجب أن يكون المكان والدواء مُرخصين والشخص الذي يبيع الدواء شخصا حاصلًا على مزاولة الصيدلة، من وزارة الصحة المصرية حيث إنه لا يصرح ببيع الدواء إلا من خلال الصيدلي فقط.

نص تعديل القانون

ويقول، عمرو محمد الوكيل الخبير القانوني: «كانت الغرامات ضعيفة بشكل رهيب كما فشل القانون في ردع المخالفين من الصيادلة»، مشيرًا إلى أن الدولة أصرت على إصدار هذا القانون، خاصة في الوقت الحالي، بسبب تطور تجارة الأدوية ومستحضرات التجميل غير المصرح بها، بالإضافة إلى تجاوز الكادر غير الطبي من خلال التواجد في الصيدليات بدون وجود الصيدلي.

وأضاف «الوكيل» لـ«البوابة»، أن كوراث موت الأطفال داخل الصيدليات بسبب إعطاء الحقن زادت خلال الفترة  السابقة، مؤكدًا ضرورة التدخل السريع من قبل الجهات المختصة لوقف صرف أي أدوية من أي صيدلية إلا بوصفة طبية معتمدة من الطبيب المختص ووقف ظاهرة إعطاء الحقن للمرضى داخل الصيدليات بحيث لا تتكرر مثل هذه الحوادث التي تؤدي إلى وفاة أطفال أبرياء بسبب مثل هذه الأخطاء الضارة.

وأوضح، أن نص تعديل القانون جاء فيه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه، ولا تجاوز مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص، أو حصل على ترخيص بفتح مؤسسة صيدلية بطريق التحايل، أو باستعارة اسم صيدلي، وكل صيدلي أعار اسمه، تحقيقًا لأحد الأغراض المتقدمة.

كما نص التعديل على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز مليوني جنيه، كل من فتح أو أنشأ أو أدار مؤسسة صيدلية بدون ترخيص، كما يعاقب بذات العقوبة كل من أقام صناعة أخرى، أو مارس نشاطًا آخر في مؤسسة صيدلية غير المرخص له بإدارتها، وذلك على النحو الذي يحدده قرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.

وتضمن التعديل أيضًا تشديد العقوبات المقررة في حالات أخرى من بينها كل من يجلب أو ينتج، بقصد الاتجار أو البيع، أيًا من الأدوية أو المستحضرات الطبية أو الحيوية، أو المستلزمات الطبية، أو مستحضرات التجميل التي لم يصدر قرار من رئيس مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية، باستعمالها أو بتداولها.

كما استحدث المشرع حكمًا يجيز مصادرة الأدوية أو المستحضرات الطبية أو الحيوية، أو المستلزمات الطبية، أو مستحضرات التجميل، موضوع المخالفة، والأدوات التي ارتكبت بها عند مخالفة أحكام مواد القانون.

ونص التعديل على منح رئيس مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية، بقرار مسبب منه سلطة غلق المؤسسة الصيدلية، في عدة أحوال محددة، ويستمر الغلق حتى صدور قرار بالفتح بعد تصحيح المخالفة أو استيفاء الاشتراطات المقررة، على ألا تقل مدة الغلق عن أسبوع.

كما نص على معاقبة كل من أعلن بإحدى الوسائل الإعلامية عن أي من الأدوية أو المستحضرات الطبية أو الحيوية، أو المستلزمات الطبية، أو مستحضرات التجميل، غير المرخص بها من هيئة الدواء المصرية.

بعض الصيادلة يسيئون

ويقول أحمد سيف، صاحب صيدلية بأحد أحياء القاهرة، إن ضرب الحقن للمرضى ليس من دور الصيدلي، بل يجب على المريض الانتقال إلى المراكز الطبية للحصول عليها لتوافر الممرضات وتكون تحت إشراف طبيب، موضحًا أن الصيادلة يقدمون خدمة للمواطنين، مراعاة لظروفهم الاقتصادية. 

وأضاف «سيف» لـ«البوابة»: «يقوم الأطباء أحيانًا بإرسال المرضى إلى أقرب صيدلية لهم، إما لقياس الضغط أو لأخذ الحقن، لأن بعض الأطباء لا يقدمون خدمات طبية للمرضي أما أغلب الصيدليات فتقدم تلك الخدمات مجانًا».

وأوضح، أن أطقم التمريض لا تتواجد إلا في المستشفيات العامة وأحيانًا يحمل المريض كراهية تجاه تلك المستشفيات، وبالتالي يميل المريض بشكل أساسي إلى الصيدليات، ولكن للأسف أساء بعض الصيادلة للصحة العامة من خلال ما يشار إليه بالخدمات المجانية، مثل: «حقن المرضى، وقياس الضغط»، لا سيما أنه إجراء يجب تطبيقه في مستشفى عام وتحت توجيه طبيب.

اتهامات بين الصيادلة والأطباء

وتقول الدكتورة بسمة القاضي، صاحبة إحدى الصيدليات بمحافظة القليوبية، إنه تمت تسوية مسألة وصف وإعطاء الأدوية وإدارتها وتم حسمها بدول العالم، حيث توجد أدوية يحق للمريض طلبها مباشرة من الصيدلية، وهناك أدوية يصرفها الصيدلي بوصفة طبية محددة، ولكن الأمر هو أن القطاع الصحي يعمل بكل طريقة ولا يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، سواء كان مقدم الخدمة أو متلقيها.

وأضافت «القاضي» لـ«البوابة»: «تتوسع القوانين لتضع الكثير من الفئات تحت إدارتها، لتشديد الإدارة، والتي تبدو عادةً ضمن المصلحة العامة»؛ مشيرة إلى أنه تجري النقاشات حاليًا حول  بعض القوانين الجديدة المتعلقة بالمسئولية الطبية التي تستهدف حماية العاملين بالمجال الطبي في حال وقوع إصابات على أيديهم أثناء ممارسة عملهم، وليس فقط منع واحد من اختصاصات الصيدليات وهي الحقن».

وشددت صاحبة إحدى الصيدليات بمحافظة القليوبية علي إعادة الاعتبار للمهنة بما هو معروف عن أصولها المطبقة خارج مصر، وتحديد الحدود الفاصلة بين دور الطبيب ودور الصيدلي، بما يسمى الصيدلة الإكلينيكية.

واختتمت حديثها قائلة: «بينما يتهم الصيادلة الأطباء بتعمد كتابة أسماء الأدوية للشركات التي تستضيفهم في مؤتمراتهم مقابل مبلغ نقدي ضخم، يقول الأطباء إنهم مجبرون على تحديد اسم الأدوية خوفًا من ترك المريض الأدوية الموصوفة له من قبل عامل الصيدلية في أي مكان لا يقف فيه مقدم الرعاية أو الصيدلي بنفسه، وحيثما يتولى عامل الصيدلية عمومًا عمليات البيع نيابة عن الصيادلة بين الحين والآخر، ولا سيما أن العديد من الصيدليات مجرد علامات بأسماء الصيادلة في حين أنها مقيدة بشكل وثيق وإدارتها وتشغيلها من قبل غير المتخصصين».