الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

«سلام إثيوبيا» يصطدم بتعنت آبى أحمد ومعضلة أفورقى وعجز الاتحاد الأفريقى

آبي أحمد وأسياسي
آبي أحمد وأسياسي أفورقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يبدو أن السلام في إثيوبيا أمر صعب المنال، في ظل التعنت الإثيوبي الذي يمارسه رئيس الوزراء آبي أحمد، إلى جانب شروط جبهة تحرير شعب تيجراي، وهو الأمر الذي يهدد بإجهاض كل الجهود الرامية لإقرار السلام في البلد الواقع في القرن الأفريقي.

 

تيجراى توافق على الانخراط فى السلام

حمل العاشر من سبتمبر الجاري، موافقة الحكومة الإقليمية في إقليم تيجراي، على الانخراط في مفاوضات السلام مع الحكومة الإثيوبية، التي تستضيفها جيبوتي في خطوة تهدف لإنهاء الصراع المستمر منذ حوالي عامين بين الطرفين، استعان خلاله آبي أحمد بالجيش الإريتري وميليشيات الأمهرة «فانو» ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، والتي صنفها البرلمان الإثيوبي في مايو ٢٠٢١ بأنها جماعة إرهابية.

وتفتقد مفاوضات السلام في إثيوبيا للحلقة الأهم في هذا الصراع، وهو أسياسي أفورقي، رئيس إريتريا الذي يشترك في العداء لحركة تيجراي، مع رئيس الوزراء الإثيوبي، وعاد أفورقي من جديد للهجوم على الإقليم الشمالي لإثيوبيا في الحملة العسكرية التي بدأت في ٢٤ أغسطس الماضي.

 

تعنت آبي أحمد

على الرغم من تنازل تيجراي عن أحد شروطها للانخراط في مفاوضات السلام، بقبول التفاوض تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، في وجود ممثله بمنطقة القرن أوليجسون أوباسانجو، إلا أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، واصل تعنته ضد إقليم تيجراي، حيث قصف جامعة في ميكيلي، في صباح الثلاثاء ١٣ سبتمبر الجاري.

وقال جيتاشوا رضا تعليقا على الغارة الإثيوبية إنه "إذا كان البعض في المجتمع الدولي لا يزال يتوهم أن أبي أحمد سيستجيب بشكل إيجابي لدعوة الحكومة الأمريكية لوقف الأعمال العدائية المتفق عليها بشكل متبادل، فبمجرد حصوله على «موقع قوة» في الحملة الكارثية التي أطلقها قبل ثلاثة أسابيع، فستصيبهم خيبة الأمل لسببين على الأقل أولا، من خلال عدم ممارسة ضغوط كافية على هؤلاء المجرمين، فإنهم يسمحون للنظام وحلفائه الإريتريين بإراقة المزيد من الدماء سعيا وراء هدف الإبادة الجماعية، والأهم من ذلك، أنه من الصعب الوصول إلى موقع قوة إذا كنت تحاول هزيمة وإبادة شعب تيجراي.

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

وأضاف «سلسلة الهجمات التي شنها آبي أحمد وأفورقي اصطدمت بجدار من الأسمنت، إن قواتهم في حالة من الفوضى في العديد من الجبهات مع خروج عشرات الآلاف من القتال»، وتابع من الواضح أن كلا من آبي أحمد وأفورقي، لا يهتمان إذا مات مئات الآلاف في سعيهم لتحقيق هدفهم المتمثل في الإبادة الجماعية، قُتل عشرات الآلاف من الإريتريين والإثيوبيين إلى جانب العديد من القادة في اشتباكات في الأيام القليلة الماضية في الجبهتين الجنوبية والغربية.

واختتم قائلا: «السؤال الآن هو كم عدد الجنود والقادة الذين يجب قتلهم قبل أن يدرك آبي أحمد أن سعيه للحصول على (موقع أقوى) لا يمكن تحقيقه وأن أسياسي أفورقي لن يتوقف عند أي شيء قبل أن تتفكك إثيوبيا؟».

وفي اليوم التالي الأربعاء ١٤ سبتمبر الجاري، واصل الجيش الإثيوبي قصف ميكيلي وشن ضربتين جويتين أسفرا عن مقتل عشرة أشخاص.

 

معضلة أفورقى

يمتلك حاكم إريتريا الكثير من الأوراق التي تمكنه من تحقيق دور هام وتأثير مباشر سلما وحربا، في الأزمة الإثيوبية المشتعلة منذ نوفمبر ٢٠٢٠، الذي شاركت قواته في ضرب إقليم تيجراي، وكان أحد المطالب الرئيسية للجبهة للقبول بالجلوس على مائدة المفاوضات، هو انسحاب القوات الإريترية إلا أنه أمرا لم يتحقق.

ويتقاطع السلام بين تيجراي وأديس أبابا، مع هدف أسمرة في القضاء على جبهة تيجراي، التي هي بمثابة عدو تاريخي للرئيس أسياسي أفورقي، وقال الخبير في شئون القرن الأفريقي رشيد عبدي في تغريدة عبر حسابه بموقع «تويتر» بعد إعلان تيجراي قبول محادثات السلام «إن هناك غضب إريتري من محادثات السلام التي قادتها الولايات المتحدة بين تيجراي وأديس أبابا، والتي استضافتها جيبوتي»، في الآونة الأخيرة ومن المفترض انطلاقها رسميا منتصف سبتمبر الجاري.

ويبدو أن أسياسي أفورقي يمسك بتلابيب الحل في القرن الأفريقي، حيث تسبب في أزمة أخرى للصومال باحتجازه ٥ آلاف جندي في معسكرات تدريب وسعى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، لاستعادتهم ولكن دون جدوى إلى الآن على الرغم الزيارة التي قام بها إلى أسمرة في يوليو الماضي بعد انتخابه رئيسا للصومال، خلفا لمحمد عبدالله فرماجو الذي اعترف بإرسال الجنود لإريتريا.

أفورقي وشيخ محمود

ووعد شيخ محمود أهالي الجنود الصوماليين بإعادتهم من إريتريا، ويبدو أنه عاجز عن تنفيذ وعده في ظل تقارير عن مشاركة الجنود في الاشتباكات الدائرة حاليا ضد تيجراي، وهي أزمة كبيرة تواجه مقديشو. 

 

عجز الاتحاد الأفريقي

معضلة أخرى تواجه إقرار السلام في إثيوبيا، وهي قدرة الاتحاد الأفريقي على إنجاح وساطته بين طرفي الصراع في إثيوبيا، على الرغم من الدعم الأمريكي والأوروبي لهذه العملية، خاصة وأنه لا يحمل أي سوابق لوساطات ناجحة لأي من الأطراف داخل القارة السمراء. 

وأبدت جبهة تيجراي، في أكثر من مناسبة، تحفظها على وساطة «أوباسانجو» في الأزمة الإثيوبية، وألمحت إلى تحيزه لصالح آبي أحمد، وفي رسالة موجهة إلى الرئيس السنغالي ماكي سال الذي تترأس بلاده الاتحاد الأفريقي، أعرب رئيس إقليم تيجراي ديبريتسيون في ١٤ يونيو الماضي عن تحفظات تيجراي على العملية التي يقودها الاتحاد الأفريقي، قائلا: «إن صمت الاتحاد الأفريقي على الحرب والفظائع التي ارتكبتها القوات ضدنا كان خيانة للمبادئ التأسيسية للاتحاد، لقد دأبنا على إدانة فشل رئيس الاتحاد الأفريقي وممثله السامي (أوباسانجو) في اتخاذ موقف يتفق مع التزاماتهما الرسمية بموجب القانون التأسيسي للاتحاد، والبروتوكول المنشئ لمجلس السلم والأمن، ومجموعة من الالتزامات الأخرى التي تم التعهد بها، ومن وجهة النظر المدروسة لشعب وحكومة تيجراي، فإن قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي لم تسترد إخفاقاتها واستعادة ثقتنا». 

وقال رشيد عبدي الخبير في شئون القرن الأفريقي، «إنني متشكك بشأن عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي»، مضيفا عبر حسابه الرسمي بموقع «تويتر» أنه «لا يوجد لدى الاتحاد الأفريقي سجل حافل بوساطة السلام الناجحة في القارة، وكل عملية سلام أسفرت عن بعض التقدم كانت نتيجة جهد تعاوني دولي».

وأعلنت الحكومة الإقليمية في تيجراي الأحد الماضي، قبولها الانخراط في محادثات السلام مع الحكومة الإثيوبية، تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، وهو الأمر الذي كانت ترفضه طوال الأشهر الماضية.