الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فاترينة عم صابر.. حكاية ود صعيدية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الجزء الآخر من حكاية الصعيد، التي يلتحم فيها نسيج مصر، فلا تفرق بين مسلم ومسيحي، مهما حاولوا إشعال الفتنة، يصب عليها من هم مثل عم صابر الماء فتنطفئ..

 حكاية ود صعيدية من مواويل فرش وغطا وعزف الربابة مع السيرة الهلالية، حكاية العيش والملح وموال العم صابر.

كنا نأكل من يد العم صابر مطمئنين توارثنا ذلك، كانت كان "فاترينته" الصغيرة بجوار مقهي الديوان  " الألبان" سابقًا بشارع  الجمهورية، بالمنيا، مقصد جدي منذ عام 1978، كان يأخذ منه "الساندوتشات"، ويجلس على المقهى، حتى صار للعيش والملح امتداد وحكايات نقلها الجد لأبي،  فكان يتردد مع أصدقائه من عمد واعيان القرى على "فاترينة" العم صابر يتبع أثر والده ويشم رائحة خطاه ويود من كان خل لأبيه، ثم يجلس  على هذا المقهى  الذي يجمع المثقفين والسياسيين واعضاء مجلسي النواب والشوري في هذا الوقت وعمد ومشايخ القرى.

  كانت السندوتشات والصحف غذاء للبطن والعقل، ورشة ثقافية ممتعة يفتتحها الرجل الطيب الذي عرفه الداني والقاصي حتى صار واحدا من الأهل،  بعد وفاة والدي رحمة الله عليه عام 1997م  ظل عمي صابر يسأل علينا ويطمان على أحوالنا، وبين الحين والآخر يأت لزيارتنا، كان وفيا إلى قدر لا يوصف، كنا نحبه فقد كان كحامل مسك الجد والأب وحافظًا لخزانة الذكريات، كان آخر لقاء لي به  منذ عام تقريبًا، وبعدها تغيب لفترة طويلة على غير عادته، إذ أننا لم نعتاد منه الغياب،  فذهبت والدتي وأشقائي للاطمئنان عليه، فأخبرها أحد جيرانه، أنه  توفي منذ 6 أشهر، رحل عم صابر دون أن يمنحنا فرصة للوداع، ذهب في عجالة للقاء الأحباب، كانت صدمة بالنسبة لي جددت معها حزني على أبي واستعدت كل حديثه ومر شريط الذكريات أمامي بمشاهد من الحزن والابتسام ودعته بسلام كما كان يعيش في سلام لا يحمل صغينة لأحد.. ودعته والخوف يتملكني وأنا أشعر أن أشجارنا العتيقة التي كنا نركض في ظلها تشيب وتسقط دون أن ندري، خفت ولا أدري إلى أين ماذا سأفعل حينما تقودني خطواتي إلى شارع الجمهورية ولا أجد العم صابر.