الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

القاهرة الدولى للمسرح التجريبى.. ملتقى الشعوب

مهرجان القاهرة الدولي
مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتضن مدينة القاهرة فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، برئاسة الدكتور جمال ياقوت، في الفترة من 1 حتى 8 سبتمبر الجاري، التي تحمل اسم رائد التجريب المخرج البريطاني الراحل بيتر بروك، وبمشاركة 46 دولة من مختلف دول العالم.

ينافس على جوائز المهرجان 44 عرضًا مسرحيًا منها: 14 ضمن عروض المسابقة الرسمية، و16 في مسابقة العروض المسرحية القصيرة، و13بمسابقة عروض نوادي المسرح التجريبي، ويحمل المحور الفكرى لهذه الدورة عنوان «التجريب المسرحي والتطور التكنولوجي»، بالإضافة إلى 10 ورش تدريبية، و27 إصدارا تتضمن ترجمات مسرحية وأبحاث ودراسات علمية في علوم المسرح.

كرّم المهرجان هذا العام في حفل الافتتاح بدار الأوبرا 5 رموز مسرحية هم: «اسم الأكاديمي الدكتور كمال الدين عيد، والمخرج انتصار عبدالفتاح من (مصر)، والمخرج أنور الشعافي من (تونس)، والكاتب فهد ردة الحارثي من (السعودية)، والمخرج دومينك شامبين من (كندا) تقديرًا لمسيرتهم الإبداعية في المسرح».

الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة

نيفين الكيلانى: استقدام فعاليات متميزة تسعى للتأثير في مسيرة المسرح

قالت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، إن المجربين يجتمعون في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، كي يقدموا إبداعات تخرج عن الثابت المستقر، وتتحاور مع خيالات طامحة لتحقيق الدهشة وأسر الأذهان، ومن أجل تحقيق هذه الأهداف.

وتابعت: «سعينا لدعوة أهم العروض المسرحية التي تساير أحدث تيارات التجريب المسرحي، كما حرصنا على استقدام مدربين من بلاد ومدارس مسرحية مختلفة في غالبية عناصر العرض المسرحي، فقد استقدم المهرجان فعاليات متميزة تسعى للتأثير في مسيرة المسرح، ليس في مصر بمدنها المختلفة فحسب، بل في كل أنحاء الوطن العربي، فيتطور المهرجان عاما بعد عام ليؤكد رسوخه ومكانته».

وواصلت «الكيلاني»: «لقد شهدت مشروعات التأليف والترجمة طفرة كبيرة تتعلق بمحور هذه الدورة، وهو (التجريب المسرحي والتطور التكنولوجي)، ومن هنا كان لزامًا على المهرجان أن يطرح قضية المسرح والوسائط التكنولوجية، وهو طرح جاء في وقته، لنبحث إلى أي مدى استفاد المسرح والمسرحيون من هذه الوسائط، وكيف وظفوها في أعمالهم، وما حدود توظيفها وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا الشأن.

 كما أطلق المهرجان مشروعًا لنشر الرسائل العلمية التي تناقش محور هذه الدورة، واهتم المهرجان بالتنسيق بين المهرجانات العربية فأطلق مشروع شبكة المهرجانات العربية، الذي نأمل أن يمثل نقطة انطلاق من أجل توحيد الجهود لتحقيق حالة مسرحية تساير كل المتغيرات العصرية، موجهة التحية للمسرح أبي الفنون الذي أتاح لنا أن نلتقى هنا على أرض مصر، أرض الحضارة والتاريخ والمحبة والسلام».

الدكتور جمال ياقوت رئيس المهرجان

رئيس المهرجان: الدورة 29 تستهدف إنعاش واقعنا المسرحى وضخ دماء جديدة

قال الدكتور جمال ياقوت، رئيس مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، إن الدورة التاسعة والعشرين من المهرجان نستكمل فيها ما بدأناه في الدورة السابقة، فلا يمكن أن تمر هذه المناسبة دون أن أتذكر وأوجه الشكر للدكتور الراحل فوزي فهمي، ففي هذه الدورة التي نتمناها استثنائية نقفز عدة خطوات للأمام طامحين إلى إنعاش واقعنا المسرحي وضخ دماء جديدة في شرايينه.

وتابع: «من المهم أن يكون المهرجان لكل المصريين، فمنذ الدورة الماضية أعدنا تقليد أن نذهب بالعروض المسرحية إلى المحافظات، وكان المساعد والمعين في هذا الدور المخرج هشام عطوة، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، وهذا العام نستكمل ما بدأناه العام الماضي وهو (نادي المسرح التجريبي)، الذي يحث المسرحيين على التجريب، لأن هناك فنانين لديهم فطرة التجريب، فأنا ابن من أبناء تجربة نادي المسرح التي تقوم على الجموح والتمرد، والعام الماضي قدمنا ٨ عروض في المحافظات، وهذا العام سنذهب لـ١٢ محافظة لتقديم ١٤ عرضًا».

وأضاف «ياقوت» أن المشروع المهم أيضًا في هذه الدورة هو نشر الرسائل العلمية، التي وصل عددها إلى ٧ رسائل تتناول المسرح والتقنيات الرقمية، بالإضافة إلى مسابقة النصوص المسرحية القصيرة، فأزمة الكتابة ليست لأننا لا نملك كتاب كبار، ولكن لأننا نكتب وينتهي النص على الأرفف، لذا قرر المهرجان نشر وترجمة هذه النصوص للغات مختلفة.

وأكد «ياقوت»: «هناك أزمة في مواعيد المهرجانات وسيعقد اجتماع تأسيسي لبحث هذا الأمر، وذلك يوم 7 سبتمبر الجاري، فنحن لدينا حالة من الحماس والتفاؤل أن المسرح سيتطور ويتقدم، موجهًا الشكر للدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، على الدعم والتشجيع للمهرجان».

===================

المخرج البريطاني الراحل بيتر بروك

شخصية المهرجان| بيتر بروك.. الفتى الذهبى

اشتهر المخرج المسرحي البريطاني بيتر بروك «21 مارس 1925 - 3 يوليو 2022» كظاهرة فنية لديه البصيرة النفاذة التي ساهمت في تغيير كيمياء العرض المسرحي، وإحداث خلخلة في أركان الرؤية المسرحية، بل وإلغاء الحاجز الوهمي الذي يفصل المُمثل عن الجمهور.

ويقول «بروك»: «لم أكن سميت جدار رابع بين الممثلين والجمهور، والهدف المُوحد للمُمثلين هو إحداث استجابة محددة عند الجمهور الذي يحترمه احترامًا كاملًا». كما يقول أيضًا عن فنه: «إنه غالبًا ما لا تكون لديه أفكار مُسبقه عن كيفية إخراج العرض المسرحي، وهذا ما يجعله يتبع ضوء رغبة غريزية لنشر صور ومواقف عفوية ذات تأثير شديد».

قام بأداء نسخته الخاصة من مسرحية «هاملت» لشكسبير، وهو لم يتجاوز سن السابعة من عمره، كما قدم لجماهير لندن أول أعماله المسرحية كمخرج بعنوان «دكتور فاوست» للكاتب الإنجليزي كريستوفر مارلو، حتى لقب بـ«الفتى الذهبي» بعد إنتاج أول له مع مسرح ستراتفورد في سن الـ21.

وفي العام 1962 عُين «بروك» كواحد من أهم مخرجي مسرح شكسبير الملكي، واستمر في البحث عن طرق بديلة لإنشاء مسرح نابض بالحياة وذو معان إنسانية يتبع؛ حققت تجربته الأولى «الآلة الجهنمية» نجاحًا كبيرًا، للكاتب المسرحي الفرنسي جان كوكتو، مبررًا اختياره آنذاك بأن كل شيء يأتي من فرنسا له لقبه الثقافي الخاص، ففي مقابل المسرح الفرنسي سيعترف في وقت لاحق أنه حين بدأ العمل في المسرح، لم يستطع أن تذوق الطبيعة المهذبة والشاحبة لمعظم المسرحيات الإنجليزية، رغم أنه كان مستعدا لأي شيء من أجل تجربة العمل.

وكان الميلاد الحقيقي له عندما رشح لإخراج مسرحية «الإنسان والسوبر مان» للكاتب المسرحي البريطاني جورج برنارد شو، مقابل 25 جنيهًا إسترليني آنذلك، وذلك بعد تجارب في إخراج العديد من كلاسيكيات المسرح العالمي.

قدم «بروك» إنتاجًا متجددًا لكبار كتّاب المسرح منهم: «شكسبير، وسينيكا، وتشيكوف، وأنوي، وميللر، وسارتر، وأليوت، وآردون، وبيتر فايس، وزدرينمات» وغيرهم، كما أخرج العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية ذائعة الصيت منها: «الملك لير، فاوست، هاملت، كارمن، مؤتمر الطيور وسواها» وغيرها، إلى جانب الأفلام السينمائية سبق إخراجها قبل ذلك للمسرح، وكان لكل منها تجربة إخراجية مختلفة، فقد حاول «بروك» أحيانًا استخدام المعرفة بالموضوع التي توفرت له في المسرح، لإعادة تكوينها للسينما بوسائل مختلفة.

أسس «بروك» المركز الدولى لأبحاث المسرح في باريس عام 1970، وكون خلاله فريقًا من الممثلين من مختلف الجنسيات والثقافات المنوعة، وكان معهم على ارتحال دائم يقدمون عروضهم المسرحية في إفريقيا، وأستراليا، وأماكن أخرى في أوروبا، وآسيا، وأمريكا، فقدم مجموعة متنوعة من العروض المسرحية المثيرة في المسرح المعاصر من بينها: «أورجاست» في عام 1971، و«الأيك» في 1975، 1976، و«اجتماع الطير» 1979، و«المهابهاراتا» عن الملحمة الهندية العظمى، عام 1987 وغيرها.

شاهد «بروك» في إحدى المكتبات عرضا للأطفال يقدمه مسرح للعرائس من القرن التاسع عشر، وكانت تلك التجربة نافذة على هذا العالم الرحب، الذي كان بالنسبة له أكثر إقناعًا من العالم الذي يعرفه خارج المسرح.

طرح «بروك» عدة تساؤلات في كتابه الشهير «الفضاء الخالي» عام 1969، ليكرس فيها منهجًا فكريًا فنيًا في ممارسته المسرحية الإبداعية، التي تدور حول ثلاثة ثوابت وهي: الممثل، والمخرج، والجمهور، والذي ركز في بحثه عليه، وبدأ يساهم المسرح في عملية التغير لحياة أفضل للمواطنين.

رفض «بروك» أن يكون مسرحه فيلمًا تسجيليًا أو قاعة محاضرات أو مجرد منصة لنقل أفكار جاهزة، فالمسرح بالنسبة له مساحة إبداع وتأمل لا يتوقع منها تقديم أجوبة جاهزة، بل نفاذ إلى أكثر مناطق النفس البشرية نائيا وإرباكًا، لذا يؤمن بروك أن المسرح ليس مجرد مكان أو مهنة، لكنه استعارة ومجاز، وفعل من أفعال الشفاء.

يرى «بروك» أن القوة الدافعة للمسرح الكلاسيكي والتجاري ظلت لمئات السنين على السواء هي إحداث أثر في الجمهور، وجاء رد فعل المسرح التجريبي اليوم كي يمضي لأقصى النقيض، من أجل أن تظل الآلة المسرحية دائرة بكفاءة، وأن العلاقة بالجمهور هي السيور التي تربط أجزاء الآلة معًا، فحين تصبح كل جوانب الثقافة مواجهة بالتحدي، فإن تلك الأحداث حتى وإن كانت على مستوى محدود تُعيد إلينا الإحساس بأن المسرح يمكن أن يصبح مفيدًا بل وضروريًا.