السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مرصد حلوان الفلكي.. هنا موّلد الشهور ومقياس نبض الأرض

مرصد حلوان
مرصد حلوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا شك أن المصريين القدماء هم أول من قرأ السماء وبرعوا في علوم الفلك، فدرسوا حركة الشمس والكواكب وعرفوا السنين والشهور والأيام والساعات، كما أنهم قاموا بدراسة علم الكواكب والنجوم وغيرها، ما يشير إلى براعتهم في معرفة علوم الفضاء والفلك اكتشافهم لبعض الظواهر الفلكية مثل كسوف الشمس، كما اعتمدوا النظام الشمسي المتعارف عليه، وقاموا بتقسيم السنة إلى ثلاثة فصول، الفيضان بذر الحبوب، الحصاد، بل واستطاعوا أن يتعرفوا عن الكواكب الأخرى، كعطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل، كما استطاعوا رصد حركة بعض النجوم والإجرام السماوية، وتحديد أبراجها.
وسجلوا إبداعهم العلمي على جدران المعابد، ولعل تعامد الشمس على وجه رمسيس مرتين فقط خلال العام في نفس الموعد دليل راسخ على عبقرية وسبق الفراعنة في هذا المجال، كما أن العرب قديما عرفوا علوم الفلك ولجأوا إلى دراسة الفلك لمعرفة الطرق وكذلك عدد السنين والحساب وبرع العلماء المسلمون في هذا المجال وقدموا فيه الكثير من الإسهامات التي بني عليها علم الفلك والفضاء الحديث.
ثم أقيم المرصد بالفعل عام ١٨٤٠ في حي بولاق بالقاهرة وظل يعمل حتى أغلق عام ١٨٦٠ لكن في عام ١٨٦٨ أقيم مرصد فلكي آخر برئاسة إسماعيل باشا بالعباسية في شمال شرق القاهرة في الميدان المعروف بميدان «الرصد خانة» بالقرب من مدينة البعوث الإسلامية الآن.
وتمتلك مصر واحدًا من أقدم وأهم المراصد الفلكية في العالم، فهو من أقدم المعاهد العلمية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وضع نواته العلماء الفرنسيين خلال الحملة الفرنسية على مصر خلال القرن قبل الماضي أي منذ أكثر من مائتي سنة، ثم تم إنشاؤه بالفعل عام ١٨٣٩ في منطقة بولاق بالقاهرة كمرصد للأجرام السماوية ثم توسع وانتقل إلى منطقة العباسية في شمال شرق القاهرة في الميدان المعروف بميدان «الرصد خانة» بالقرب من مدينة البعوث الإسلامية الآن، عام ١٨٧٠ برئاسة اسماعيل باشا.
واستقر في حلوان عام ١٩٠٣، وتغير اسمه عدة مرات من المرصد الملكي إلى المرصد الخديوي إلى مرصد حلوان ثم معهد حلوان للأرصاد ثم معهد حلوان للأرصاد الفلكية والجيوفيزياء ثم استقر الاسم على المعهد القومي لبحوث الفلك والجيوفيزياء، لكن الاتساع العمراني الذي تعرضت له حلوان والمصانع التي شيدت في النصف الثاني من القرن العشرين وزيادة إضاءة المدينة وتلوث الجو بالأتربة ودخان المصانع، جعل حلوان غير صالحة للرصد الفلكي الدقيق، خاصة للنجوم والسدم الخافتة ووقع الاختيار للموقع البديل على ربوة القطامية بصحراء السويس على بعد ٧٠ كيلومترًا شمال شرق حلوان، ثم توالت الافتتاحات لعدة مراصد ومحطات في كافة أنحاء الجمهورية وأصبح بيتا من بيوت الخبرة على المستوى العالمي في مجال تخصصاته المختلفة. وللمرصد أهمية كبيرة بالنسبة للعالم العربي والإسلامي في تحديد ميلاد الشهور ومواقيت الأهلة والصلوات وغيرها من المسائل الإسلامية، ويرصد حركة الشمس والقمر والكواكب ويحدد دوراتها وكذلك معرفة مواعيد الكسوف والخسوف بالتحدي، بالإضافة لرصد حركة الكواكب والأجرام السماوية والمشاركة في رصد الأحداث الفلكية الكبرى، وقد شارك سنتي ١٩٠٩ و١٩١١ في رصد مذنب هالي خلال عبوره قرب الأرض، حيث كان أول تلسكوب في العالم يقوم برصده، كما رصد سنة ١٩٣٠ الكوكب القزم بلوتو عقب اكتشافه. بالإضافة إلى ذلك يقوم المعهد يقوم بدراسات حول مجال الأرض المغناطيسي، والنشاط الزلزالي في المنطقة، ومجال الطاقة الشمسية والمناطق التي يمكن الاستفادة في توليد الطاقة عن طريق الشمس، كما يساهم في مجال البترول والتعدين، حيث يحدد المناطق التي تحتوي على الثروة البترولية والمعدنية.
من أبرز إنجازات المرصد الانتهاء من إنشاء الشبكة القومية للزلازل التي استغرقت ١٠ سنوات منذ زلزال أكتوبر ١٩٩٢، وهو من ضمن ٥ أقسام رئيسية للفلك وعلوم الفضاء والشمس والمغناطيسية الأرضية والتطبيقات المختلفة لفروع الچيوفيزياء ودراسة تحركات القشرة الأرضية.
وتمتلك الشبكة أكثر من ١٢٠ منطقة رصد موزعة على مستوى الجمهورية لرصد حركة الأرض والهزات الأرضية وكذلك التفجيرات الواقعة في المناجم، وكان للمرصد نشاط سبق إنشاء الشبكة، عقب إدخال قياس ورصد شدة المجال المغناطيسي الأرضي منذ عقود حينما كان المرصد في منطقة العباسية، حيث تبين آنذاك أن العباسية لا تصلح موقعا لهذا المرصد نظرا لإنشاء خطوط الترام بالقاهرة وتأثير كهربتها على هذه الأرصاد، لذا كان من الضروري أن يجري البحث عن مكان آخر يصلح للأرصاد المغناطيسية الأرضية بعيدا أيضا عن تأثيرات التيارات الكهربائية عالية الجهد، واستقر الرأي على إقامة المرصد الحالي بحلوان.