الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

محاولات بوتين خلق أممية أرثوذكسية في مواجهة الكاثوليكية والبروتستانتية…النظام السياسي الدولي الجديد بين دوي المدافع والاشتباكات اللاهوتية..الكنائس المصرية تغلب الاتجاه الوطني عن الدخول في أي صراعات

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محاولات بوتين خلق أممية أرثوذكسية في مواجهة الكاثوليكية والبروتستانتية…النظام السياسي الدولى الجديد بين دوى المدافع والاشتباكات اللاهوتية..الكنائس المصرية تغلب الاتجاه الوطنى عن الدخول فى أى صراعات.

تدور الحرب بين العسكريين على أرض القتال بين روسيا وأوكرانيا، وفي تزامن على الجانب الآخر تتم حرب أخرى لاهوتية بدفع من الولايات المتحدة الأمريكية للتصدي لمحاولات الرئيس الروسي بوتين توحيد الأرثوذكس في العالم في أممية أرثوذكسية ، ولمزيد من إدراك الظاهرة لا بد أن نعود إلى زمن فوز ترامب فى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية صعدت أممية دينية مسيحية، خاصة بعد التفاف كل الكنائس الأمريكية على اختلافاتها العقيدية حوله حينذاك ، وكانت الخريطة الدينية فى العالم بدأت تتغير، ومن ثم نتوقف بالدراسة للموقف فى ضوء محاولات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية استقطاب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية نحو تحالف أرثوذكسى من منطلق سياسي.
وكما يستخدم الغرب الدين في الرياضة والفن والثقافة، فمنذ القرن الماضي بدأ الغرب فى استخدام الدين فى الحرب الباردة، ورسم استراتيجيته مستغلا فى ذلك مجلس الكنائس العالمى، فى ضوء هذه الخبرة التاريخية للكتلة الشرقية مع استخدام الدين فى الحرب الباردة أصبح من الواضح أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يحاول استخدام الكنيسة الروسية  فى مخططه الاستراتيجى للدولة الروسية وأمنها القومى، بدا ذلك بالاهتمام بعقد المؤتمر المسكونى للكنائس الأرثوذكسية، هذا التحرك يؤكد أن هناك تصورا واضحا للدولة الروسية وكنيستها للتوجه الاستراتيجى الذى يخدم أمن البلاد القومى.
منذ منتصف الثمانينيات بدأ البطريرك المسكونى للكنيسة الأرثوذكسية من مقره الأوروبى فى جينيف محاولة لإنهاء الخلافات بين العائلتين الأرثوذكسيتين، وعمل على صياغة اتفاقية للاعتراف اللاهوتى المتبادل، وبدأ فى عرضها على الكنائس المختلفة للحصول على موافقتها، وقد وافقت عدة كنائس على الاتفاقية، منها الكنيسة القبطية، جاءت الموافقة على أساس أن الاتفاقية تقر ما تؤمن به الكنيسة القبطية، كما أنها لا تمس بأى شكل من الأشكال استقلال الكنيسة، غير أن الكنيسة الروسية كانت أبرز المعارضين للاتفاقية وقادت حملة لمنع الكنيسة القبطية من أن تكون ضمن الكنائس الأرثوذكسية المعترف بها عالميًّا، وهو أمر لا يزعج الكنيسة القبطية على الإطلاق، إذ تعتبر نفسها أهم كنائس العالم، كونها كنيسة الإسكندرية العظمى، وما زال الموقف المعلن للكنيسة الروسية من الاتفاقية كما هو لم يتبدل.
فى السنوات الأخيرة بدأ الموقف فى الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية يتبدل، فنحن نلحظ اهتمامًا غير عادى من المؤسسات المسيحية فى روسيا وبلدان أوروبا الشرقية بكل كنائس المنطقة الأرثوذكسية، فى سوريا ولبنان والأردن وفلسطين والسودان فضلًا عن مصر.
فعلى سبيل المثال كان استقبال الكنيسة الروسية للبابا تواضروس فى زيارته الأخيرة إلى موسكو استقبالًا حافلًا وكبيرًا، وأكد أن هناك تغيرًا إيجابيًّا ما فى الموقف الروسى من انضمام الكنيسة القبطية للأرثوذكسية العالمية، وتم عقد اجتماع كبير للكنائس الأرثوذكسية فى الأسبوع الثانى من شهر مارس 2015 اتفق فيه الحاضرون على استمرار النقاش فى الكثير من الملفات الحساسة مثل العلاقة مع الغرب والعلاقة مع الإسلام، والأهم أنهم اتفقوا على عقد المجمع المسكونى للكنائس أرثوذكسية فى عام 2016، الذى كان مفروضا أن يعقد لأول مرة منذ 2020، عام يتعثر انعقاد المؤتمر نتيجة لوجود مشكلات داخلية بين الكنائس المشتركة.
المؤشرات كلها تؤكد أن هناك رغبة من الكنيسة الروسية في فرض زعامتها للأرثوذكسية العالمية وضم الكنائس المشرقية لها بتنازلات ترضيها، ومن ثم تقوى من موقعها أمام ما أسموه «الخطر الإسلامى والتهديد البروتستانتى".
نحن بحاجة إلى قراءة مستفيضة للفضاء الدينى الأرثوذكسى وتأثيراته المحتملة، وفى الوقت ذاته وبنفس القدر من الأهمية إعادة النظر فى استراتيجيتنا فى التعامل مع القضايا التى تهم الأقباط فى اللحظة الراهنة وتأثيرها على المستقبل.. أيضا هناك أهمية للتمييز بين المسار السياسى والمسار اللاهوتى، والبحث عن طريق لبناء قوة لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية إقليميا ودوليا، وابتكار آلية جديدة للتفكير بين الأزهر والكنيسة بعيدا عن الآليات السطحية، مثل بيت العائلة، لدراسة موقف الكنيسة والأزهر بعد تأسيس الأممية الدينية لترامب وصعود اليمين الدينى الأمريكى، وأثر ذلك على كل الأوجه.
هكذا نحن أمام ثلاث أمميات دينية مسيحية، الأولى كاثوليكية فاتيكانية وتبدت فى وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التى بدأها البابا فرنسيس فى الإمارات 2019، وأممية ترامب الإنجيلية 2016، ثم الأممية الأرثوذكسية التى يسعى لها بوتين منذ 2015، لكن الكنائس المصرية على مختلف عقائدها تغلب الاتجاه الوطنى عن الدخول فى أى أمميات دولية".
لكن في عصر بايدن اهتمت الولايات المتحدة الأمريكية بتعميق الهوة والانقسام فيما يسمي الأممية الأرثوذكسية .
كانت كنيستهما واحدة حتى عام بدأ انقسام بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية «المعروفة أيضًا باسم بطريركية موسكو»، والبطريركية المسكونية بالقسطنطينية فى 15 أكتوبر 2018 عندما قطعت الأولى الشراكة الكاملة مع الأخيرة، من دون التوافق معها.. وكيفية استفادة الولايات المتحدة في عصر بايدن في تعميق هذا الانقسام عبر حراك الانقسامات اللاهوتية في ظل الثورات الملونة بأوكراينا.
هكذا انقسمت الكنائس قبل الحرب بثلاثة أعوام وسبقت الحروب اللاهوتية الحروب العسكرية ومهدت لها، حيث اتُّخذ قرار الانقسام ردًا على قرار من المجمع المقدس للبطريركية المسكونية بالقسطنطينية، اتخذته فى 11 أكتوبر 2018، يؤكد على نيتها إعطاء الاستقلال للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية بأوكرانيا في المستقبل.
صرّح القرار أيضًا أن المجمع المقدّس سيبدأ من فوره: إعادة تأسيس ديرٍ مسكونى فى كييف، أي هيئة من الكنيسة تخضع مباشرة للبطريركية المسكونية، وإبطال «رسالة السماح» التي صدرت عام 1686 وسمحت لبطريركية موسكو بترسيم مطرانية كييف، ورفع كل الحرمانات على رجال الدين والمتدينين في الكنيستين الأرثوذكسيتين الشرقيتين الأوكرانيتين اللتين لم يكن معترف بهما.
هاتان الكنيستان اللتان لم يكن معترف بهما، الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية المستقلة، والكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية- بطريركية كييف، كانتا تنافسان الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية «بطريركية موسكو»، وكانت بطريركية موسكو وغيرها من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تعتبرهما انشقاقيتين «أي انفصلتا بغير وجه شرعي".
فى قرارها الصادر في 15 أكتوبر 2018، منعت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية كل أعضاء بطريركية موسكو «رجال الدين والعلمانيين» من التناول والمعمودية والزواج في أى كنيسة تحت إمرة البطريركية المسكونية. قبل ذلك، ردًا على تنصيب أسقفين إكارخوسين من البطريركية المسكونية في أوكرانية، قرر المجمع المقدس في موسكو في 14 سبتمبر 2018، إيقاف المشاركة في أي مجامع أسقفية، أو نقاشات لاهوتية، أو هيئات متعددة الأطراف، أو أي هيئة أخرى يرأسها أو يشارك في رئاستها ممثلون للبطريركية المسكونية.
يشكل الانقسام هذا جزءًا من نزاع سياسي أوسع ضمّت فيه روسيا القرم عام 2014، وتدخّلت في أوكرانيا عسكريًّا، وظهرت فيه رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. يذكر هذا الانقسام بانقسام موسكو- القسطنطينية الذي حدث عام 1996 على السيادة القانونية على إستونيا، لكنه انحل بعد ثلاثة أشهر.
في 21 أكتوبر 2019، أرسل رئيس الأساقفة إيرونيموس الثاني الأثيني، وهو قائد كنيسة اليونان رسالةً إلى إبيفانيوس، وهو قائد كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية «التي تشكلت في اتحاد كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية- بطريركية كييف، وكنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية المستقلة، وأجزاء من كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية- بطريركية موسكو، في 15 ديسمبر 2018
دعمت كنيسة اليونان كلها هذا القرار، إلا سبعة مطارنة.. يعنى هذا القرار أن كنيسة اليونان اعترفت بالكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية. أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية من قبل أنها ستكسر الشراكة مع أي كاهن في كنيسة اليونان يشترك مع أي كاهن في الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية.
في يوم الأحد، الثالث من نوفمبر 2019، لم يشر البطريرك كيريل الموسكي إلى قائد كنيسة اليونان في القداس، فأزاله من الدبتك «اللوح المزدوج». في 26 ديسمبر قطعت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية الشراكة القربانية المقدسة مع بطريرك الإسكندرية الأرثوذكسي اليوناني، ثيودور الثاني، وأوقفت ذكره، لأنه أقرّ بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في الشهر السابق. في 20 نوفمبر عام 2020، أعلن المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية أن البطريرك كيريل لن يذكر رئيس الأساقفة كريسوستوموس الثاني القبرصي، لأنه ذكر إبيفانيوس في 24 أكتوبر 2020
الكنائس الأرثوذكسية فى العالم:
من المعروف أن الكنائس المسيحية في العالم قد انقسمت بعد مجمع خلقدونيًا 451 لخلافها حول طبيعة المسيح وتحولت إلي كنائس تؤمن بقرارات مجمع خلقدونيا وكنائس أخري لاخلقدونيا ولا تتبع القرارات.
المسيحية الأرثوذكسية هي ثاني أكبر الكنائس المسيحية بعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم؛ بالمقابل تتخطى المذاهب البروتستانتية مجتمعة الكنيسة الأرثوذكسية، وتتراوح أعداد أتباع الأرثوذكسية الشرقية بين 223 مليونًا و300 مليون؛ في حين تصل أعداد أتباع الكنيسة الأرثوذكسية المشرقية حوالي 82 مليونًا.
تصل نسبتهم حسب إحصائية معهد بيو لعام 2011 حوالي 12% من مجمل المسيحيين في العالم «ويشمل ذلك الأرثوذكسية الشرقية والأرثوذكسية المشرقية".
ينتشر الأرثوذكس بشكل خاص في أوروبا الشرقية حيث الغالبية هناك أرثوذكسية وبالمجمل يعيش 76.9% من الأرثوذكس في أوروبا، ويتواجد 6.7% من أرثوذكس العالم في تركيا ووسط آسيا والشرق الأوسط، أما في أفريقيا ففيها 15.4% من أرثوذكس العالم، ويتواجدون خاصة في شمال شرق أفريقيا.
هناك 14 دولة في العالم ذات أغلبية أرثوذكسية. وتعتبر روسيا أكبر دولة أرثوذكسية في العالم، وفيها يعيش 39% من أرثوذكس العالم، يليها كل من إثيوبيا وأوكرانيا ورومانيا واليونان.
هكذا سبقت الصراعات اللاهوتية دوي المدافع وربما مهدت لها .

8C971A35-4DC8-43F5-AAA7-094CDFDC82B1
8C971A35-4DC8-43F5-AAA7-094CDFDC82B1
8B05DCBF-2952-4856-87CF-329F847B6148
8B05DCBF-2952-4856-87CF-329F847B6148
56D3A18F-EEDD-4AB7-BFBF-B4C05A5D0FD0
56D3A18F-EEDD-4AB7-BFBF-B4C05A5D0FD0