الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

أحمد أبوالعلا: مسرحية "المومس الفاضلة" تتضمن قيما فلسفية أبرزها الصدق

الناقد المسرحي أحمد
الناقد المسرحي أحمد عبدالرازق أبوالعلا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أشار الكاتب والناقد المسرحى أحمد عبدالرازق أبوالعلا، إلى عدة نقاط بخصوص مسرحية «المومس الفاضلة» للفرنسى جان بول سارتر، الأولى: تتعلق بالعنوان الذى تُرجم به العمل، هناك ترجمات مختلفة له، فمرة وجدناه «البغى الفاضلة»، والأخرى «المومس الفاضلة»، وبناء على ذلك يرى أن العنوان الذى أثار حفيظة البعض، يمكن تغييره بما لا يضر بموضوع المسرحية، ولقد حدث هذا كثيرًا مع عناوين روايات تحولت إلى أعمال سينمائية، بل وحدث مع نصوص أجنبية حين عرضت فى مصر لمتطلبات تجارية أو فنية، فمسألة تغيير العنوان واردة، ولا مشكلة بشأنها؛ والنقطة الثانية: أن معظم الذين رفضوا وتسرعوا فى الرفض - من النخبة - لم يقرأوا النص، ليعرفوا موضوعه بما وجه الرأى العام توجيها خاطئا وتتحمل النخبة الرافضة نتيجة ذلك.
وتابع في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": أما النقطة الثالثة: تتعلق بطبيعة مجتمعنا، بفكره السلفى الواضح، ورفضه - للأسف- لكل ماهو مدني، أو علماني، هذا المجتمع ينبغى علينا أولا أن نخاطبه بالطريقة التى لاتؤدى إلى نفوره من أحاديث النخبة، بأن نوضح له الأمور بعقلانية، ولا نوجه له الاتهام بتخلفه أو اللوم بعودته إلى الوراء، وذلك لأن تحولات كثيرة حدثت، خلال السنوات الماضية، ورسخت فى أذهان الناس قيما متباينة، لم تكن موجودة فى مجتمعنا من قبل، وعلينا جميعا – إذا كان لنا دور حقيقى – أن نصحح الطريق، ونواجه نتائج تلك المتغيرات بطريقة تحكمها إستراتيجية وسياسة واضحة.
وأكد أبوالعلا، أن النص موضوعه جيد، ويصلح لتقديمه فى أى مجتمع، لأنه يؤكد على قيم فلسفية مثل «الصدق، والشرف، ومحاربة العنصرية» وكون الكاتب قد استحضر امرأة بغي، فهذا ليس معناه أن القيم التى يشير النص إليها، ويؤكد عليها تذهب هباء، أو تكون غير مقبولة من امرأة تبيع جسدها، لأن بيع الجسد هنا ليس هو موضوع المسرحية، وليس أيضًا موضوعها هو الدفاع عن البغى أو مهنتها، لكن الكاتب أتى بنموذج يرفض سلوكه أى مجتمع، حتى المجتمع الفرنسى ذاته – والذين سافروا وعاشوا فى الخارج يعلمون هذا تماما- وهذا النموذج الذى نرفض سلوكه أتى بسلوك عظيم، حين رفضت تلك المرأة طلب الرجل العنصرى الأبيض – الذى يعطيها أجر متعته معها - بأن تشهد ضد الزنجى الأسود لتبرأ ساحته، وهنا ترفض طلبه بإباء وتصميم، لأنها لن تشارك فى جريمة إلصاق تهمة القتل لرجل بريء، والنص يشير إلى عنصرية المجرم الحقيقي.
وأوضح أن نص الرواية يؤكد المرأة البغى كانت أشرف – فى موقفها – من الرجل الأبيض، بطبيعته العنصرية، والمشاهد حين يرى امرأة «مومس» أو «بغي» تفعل هذا بإباء وشرف، إنما يقدم المفارقة، التى تدفعك إلى احترام موقفها بصرف النظر عن مهنتها المرفوضة مجتمعيا، وأخلاقيا، هذا هو ما أراده «سارتر» وأراد التأكيد عليه، وهو الفيلسوف الوجودي، المؤمن بالحرية المُلتزمة، لاحظ هنا أن فكرة الالتزام يؤمن بها «سارتر»، شرطًا للحرية، فهو إذن ليس كاتبًا منحلًا، حتى نحاكمه على عنوان نص أراد أن يُعطى معنى غير المعنى الذى وصل لمن لم يقرأ النص. 
وواصل أبوالعلا، أن النص صالح تمامًا ليقدم على مسارحنا مع تغيير العنوان، بما لا يؤثر على مضمونه، وهنا نكون قد حققنا شيئين أولهما: تقديم نص جيد، وثانيهما: احترام مشاعر من يظن أننا نقدم «المومس» بوصفها امرأة فاضلة، والنص لا يشير إلى ذلك من قريب أو من بعيد.