الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الشعر يجمعنا.. "المجهولة" للروسي ألكسندر بلوك

الشاعر الروسي ألكسندر
الشاعر الروسي ألكسندر بلوك
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "المجهولة" للشاعر الروسي ألكسندر بلوك.


"المجهولة"‏
في المساءاتِ فوق المطاعمِ‏
هواءٌ حارٌ، غامضٌ ووحشي،‏
ويسوقُ صرخاتِ السكارى‏
روحٌ ربيعيٌ وخيم.‏
وفي البعيد، فوقَ غبار الأزقّة‏
فوق كآبةِ الأكواخ الريفيَّة‏
يتذهَّبُ بخفوتٍ قرصُ كعكةٍ.‏
ويعلو بكاءُ طفل.‏
وفي كل أمسيةٍ، خلفَ عوارض الطُرق‏
قبعاتٌ مائلة، رجالٌ فكهونَ مُحنّكون‏
يتنزهونَ مع سيداتهم، عبر الأقنية.‏
وفوقَ البُحيرة تصرُّ مضاجِعُ المجاذيف‏
وتتعالى صيحاتُ نساء،‏
وفي السماءِ يُصعِّرُ القمرُ وجهَهُ‏
مللاً من تكرارِ ما يراه!‏
وفي كُلِّ أمسية صديقٌ وحيدٌ‏
يرتَسِمُ على صفحةِ كأسي‏
وقد تعتعتهُ خمرةٌ سريّةٌ قابضة‏
فغدا مثلي مُسالِماً ومشدوهاً.‏
وقريباً عند الطاولاتِ المجاورة‏
يتردّدُ خدمٌ ناعسون،‏
وسكارى بعيون أرانبٍ‏
يصرخون: الحقيقةُ في الخمر
وفي ساعةٍ مُحدّدةٍ كُلّ أمسية‏
أم أنني أحلمُ بذلكَ فحسب
يلوحُ في ضباب النافذة‏
قدٌّ أنثويٌّ يرفُلُ في الحرير.‏
تعبُرُ ببطءٍ بين السكارى‏
وحيدةً دوماً من دونِ رفيق.‏
تجلسُ إلى النافذة،‏
وهي تتضوّعُ عطراً وضباباً.‏
تفوحُ معتقداتٌ قديمةٌ‏
من حريرها الهفهاف‏
ويعلو قبّعتها ريشٌ حزين‏
ويدُها الصغيرة مزدانة الخواتم.‏
مُقيّداً بقرابةٍ غريبة‏
أحدّقُ عَبرَ نقابٍ غامقٍ‏
فأرى شاطئاً خَلّاباً..‏
وامتداداً فاتناً..‏
أسرارٌ غامضةٌ عُهدت إلي،‏
وقُدِّمت لي شمسٌ ما‏
واخترقت حنايا روحي كلّها‏
خَمْرةٌ لاذعة.‏
ريشُ النعامةِ المحني‏
يتأرجَحُ في دماغي‏
عينان زرقاوان عميقتان‏
تُزهران في الضفّة البعيدة.‏
في روحي كنزٌ خبيء‏
ومفتاحُهُ في عُهدتي أنا وحدي.‏
مُحقٌ أنتَ أيّها الأشوَهُ السكران،‏
أنا أعلم: الحقيقةُ في الخمر.‏