رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الخروج من الكنيسة للوطن.. البابا تواضروس وحقبة المواطنة والخروج بالكنيسة للوطن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد ميلاد البابا تواضروس الثاني والذكري التاسعة لاختيار الأنبا تواضروس في القرعة الهيكلية. 
جاء البابا تواضروس في متغيرات وطنية وكنسية ليس لها مثيل سواء سياسيا أو فيما يخص النخب القبطية الجديدة.
هناك فرق بين البابوين، فالبابا شنودة كان زعامة "كاريزمية" شهدت خبرات طويلة وتمثل جيلا ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية وجيلا ظهر فيه مكرم عبيد وكان البابا واعظا فى كتلة الوفد وصحفي بجريدة الكتلة، وكان له رؤية وطنية ـ سياسية ويمثل جيلا يدرك كيفية الفصل بين الخطاب الوطني والاسلوب السياسي، عكس البابا تواضروس فهو من جيل ما بعد ثورة 25 يناير، وهو جيل تربى على معطيات وطنية جديدة، ودرس فى لندن قبل أن يرسم راهبا، فكان واحدا من الأساقفة القلائل الأساقفة الذين كونوا وجهة نظرهم فى الغرب قبل الحياة البرية.
كان المناخ الذى كان سائدا فى عهد كل البابا "شنودة" يشبه المناخ الذى جاء فيه البابا "تواضروس"، أن "البابا شنودة جاء معاصرا لمجىء السادات، وكانت مصر تشهد مرحلة انتقالية شديدة الحساسية بين عبد الناصر والسادات وما تبعها من تغيرات جذرية فى سياسية الدولة ومجئ الاخوان الي المشروعية الدستورية عبر المادة الثانية من الدستور، ومجىء البابا تواضروس أيضا جاء فى ظروف متقلبة ومتغيره أعقاب ثورة يناير وامتد لحكم الإخوان وما تبعه من متاعب وقلائل،حتي بعد ثورة 30 يونيو وما تبعها من الارهاب الاخواني لسنوات بعد الثورة
ورث قداسة البابا تواضروس الثانى هذا الوضع،وكرد فعل للوضع
جاء البابا تواضروس الثانى بوطنيته "المفرطة"، خير خلف لخير سلف، مع فارق الاسلوب بين البابا شنودة والانبا تواضروس، كون البابا شنودة كان يمتلك حس سياسي يسمع له بمنهج يختلف عن البابا تواضروس الذي يمارس الخطاب الوطني بسجية وطنية مفرطة مما جعلة يتلقي انتقادات، وبالطبع لا نصادر انتقاد العلمانيين للكنيسة للأكليروس ولا لقداسة البابا، ولكن نتعجب من سيادة اللاعقلانية فى النقد. 
أما المتغييرات التي حدثت للنخب القبطية الجديدة فقد ظهرت منذ أحداث العمرانية 2009 يستطيع أى باحث فى الشأن القبطى أن يؤرخ لمنطلقين أساسيين: الخروج من الكنيسة للوطن، أول تظاهرة قبطية خارج الكنيسة، وأول استخدام للأقباط للمقاومة العنيفة «كرد فعل»، ومن يرصد بدايات تعبير النخبة القبطية الجديدة عن نفسها سيجد بدايات ما يسمى «أقباط من أجل مصر» كحركة حقوقية ترأسها الحقوقى هانى الجزيرى، وأيضا جبهة العلمانيين التى أسسها المفكر القبطى كمال زاخر، وأن أقباط من أجل مصر تعمل للتغيير فى الوطن فإن جبهة العلمانيين كانت تسعى للإصلاح الكنسى، وللأمانة العلمية فإن أول كسر للركود السياسى القبطى يعود لمؤتمر «الأقليات» الذى أسس لتمسك الأقباط برؤية الجماعة الوطنية كونهم ليسوا بأقلية وإعادة الاعتبار لإنجازات ثورة 1919 وأيقظ المؤتمر روح الانتقال القبطى من المطالبة بالحقوق إلى النضال من أجل تحقيقها، أى أنه منذ 1994 وهذا المؤتمر بما له وعليه تقدم الأقباط إلى تأسيس منظماتهم المدنية الحقوقية فى الوطن وليس خارجه فقط وظهرت بدايات ما عرف بالإعلام القبطى مثال المواقع الإلكترونية وأشهرها (أقباط متحدون) ثم الفضائيات مثل "سي تي في" ومن   ومن 2009 وحتى 2011 جرت تحت الجسر مياه كثيرة، أحداث نجع حمادى 2010، تفجيرات القديسين التى شكلت نقلة نوعية فى النضال الوطنى القبطى وخروج أول مظاهرات وطنية ضمت مسلمين ومسيحيين، ومن يراجع ما سمى بقضية «كنيسة مسرة» سيجد المتهمين من المسلمين والمسيحيين، والأهم أن قرار الاتهام شمل شعارات تطالب بإسقاط نظام مبارك ومحاكمته هو والعادلى، حينذاك كان النظام الكنسى قد شاخ وصرح البابا شنودة «هؤلاء ليسوا بأبنائنا» لأنه كان لا يعلم شيئًا عن النخبة الجديدة التى ولدت من رحم الكنيسة، ولكنها خرجت بها للوطن ومن ثم ظهر «الخادم الثورى» وليس هؤلاء الذين يجلسون فى الصفوف الأولى ويكتسبون مشروعيتهم لدى الدولة من عباءة الإكليروس، نخبة ما بعد 25 يناير  اختلفت عن نخبة ثورة 1919 التى تكونت من الطبقات العليا وخرجت من الكنيسة للوطن، على عكس نخبة 25 يناير التى خرجت بالكنيسة للوطن، خدام كنسيون خرجوا حاملين الصلبان فى دلالة على الخروج بالكنيسة وليس من الكنيسة، وبذلك جمعت هذه النخبة الجديدة فى «اتحاد ماسبيرو» على سبيل المثال بين النضال الوطنى والإصلاح الكنسى، وتعمدت هذه النخبة بالدم فى التاسع من أكتوبر2011.
الا ان المتغييرات ما بعد ثورة 30 يونيو نتيجة الارهاب الاخواني او التقدم النسبس الذي تم في قضية المواطنة وتحديات اخري جعلت كل تلك المنظمات والنخب تتواري ولم يبقي الا مطالبات بتغميق المواطنة للمواطنين المصريين الاقباط، وهكذا يعد البابا تواضروس الثاني اكثر الباباوات الاقباط الارثوزكس الذين تعرضوا لظروف ومتغييرات صعبة وتحتاج دراسات موضوعية بعيدا عن الطائفية.
كل سنه وقداستك طيب البابا تواضروس.