الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لسيطرة الهوى.. سقط الفكر وهوى!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما أردت رفع كفاءتى العلمية حبا وتقديسا للوطن، وخاصة بعد أن عشنا فترة التهديد بضياعه، لجأت إلى أكاديمية ناصر العسكرية للحصول على دورة الدراسات الإستراتيجية والأمن القومى.. وبمجرد الإبحار فى عالم تلك الأكاديمية الوطنية العريقة، تشوقت للمزيد من نهل علومها.. وعلمت أن هناك دراسة أعمق لمدة عام كامل، ولكنها تتطلب ترشيح جهة العمل..حيث تمنح أكاديمية ناصر لكل وزارة مكان لدارس واحد يمثلها كل عام فى زمالة كلية الدفاع الوطنى.. وبفضل من الله ودعم الأستاذة الفاضلة دكتورة/أحلام يونس(الرئيس الأسبق لأكاديمية الفنون) كنت أول من ترشح للزمالة من وزارة الثقافة، وأول من حصل عليها، وحمدت الله كثيرا أن وفقنى للتفوق، وتمثيل وزارتى على خير وجه، بحصولى على المركز الأول على المدنيين، وتكريمى من وزير الدفاع ورئيس الأركان..هذه الدراسة المتميزة تشترط من جهة العمل منح المرشح عنها عام تفرغ، مع الحصول على كامل راتبه، لأن هذه الدراسة الشاقة المقترنة بالحياة العسكرية الصارمة تتطلب هذا التفرغ التام.. ولأننى كنت أعمل أيضا فى أوركسترا القاهرة السيمفونى التابع أيضا لوزارة الثقافة التى رشحتنى، إلا أنهم بدلا من تكريمى، قاموا بفسخ تعاقدى واعتبرونى منقطعة عن العمل!..مع العلم بأن هناك حاجة ماسة للكفاءات النادرة من خريجى الكونسرفتوار والباليه، ولا بديل إلا بأجانب أكثر كلفة وأقل كفاءة فى أغلب الأوقات!..ورغم تجاوزى لذلك الجور وصدمة مكافأة تفوقى! إلا أنه ما زال فى القلب غصة،  تذكرتها وأنا اقرأ عن منح التفرغ التى أقرتها الدولة، لتستطيع وزارة الثقافة أن تمنحها، لتشجيع العلماء والمفكرين على الإنتاج القيم الذى يعود على الدولة والمنطقة العربية بالنفع والتقدم.. وقارنت بين ما يقدم من دعم، وما عانيته من صعوبات خلال دراستى للزمالة لإخراج أول بحث فى أكاديمية ناصر عن "القوة الناعمة"عام 2015،  وبذلت فيه جهد مضاعف لندرة المراجع فى ذلك الوقت، ولكنى قدمت بشهادة أساتذتى العسكريين دراسة وافية، وهى دراسة إستراتيجية لصلب دور وزارة الثقافة.. وبعد إنتهاء الدورة كان كل ما يشغلنى الانتهاء من وضع تلك الدراسة وغيرها من معلومات فى كتاب، وكنت أتمنى أن يخرج الكتاب من خلال الوزارة، إلا أن بعد عرقلة صدوره  تبناه وأخرجه للنور حضرة صاحب السمو الشيخ/سلطان القاسمى حاكم الشارقة، من خلال دار منشورات القاسمى وطبع تحت إسم "القوى الناعمة: سموم فى أوانى الجاذبية".. وهو ما جعلنى أقارن بين ما تعرضت له أنا وغيرى، وما نقرأ عنه من دعم تقدمه الدولة دون تقصير..ولكن إلى من؟!.. فالهدف من نظام التفرغ -طبقا لما هو معلن- إثراء الحركة الثقافية، بمنح المبدعين المتميزين منحة التفرغ للإبداع والابتكار، بعيدًا عن العوائق المادية والاجتماعية التي تعترض طريقهم وتعوقهم عن الإبداع، نظير مكافآت مالية شهرية تصرف لهم.. ويتم الإعلان عن منح التفرغ كل عام، وتمنح لمئات الأشخاص ممن يوقع عليهم الإختيار من قبل لجان التقييم..واللافت للنظر أن منح التفرغ للمبدعين لها إدارة مستقلة تابعة للمجلس الأعلى للثقافة، ولها مدير عام!.. ولا أنس التصريحات التى استوقفتنى كثيرا للدكتور/عبد الرحمن حجازى المدير السابق لمنح التفرغ، والذى أكد أنه على الرغم من أن هناك سلسلة فى المجلس الأعلى للثقافة، هى سلسلة "إبداعات التفرغ"، ودورها هو نشر أعمال منح التفرغ، إلا أن الأعمال التى نشرت منذ بدء مشروع منح التفرغ فى الستينيات قليلة للغاية، مقارنة بما يتم منحه!..وردا على شبهة إهدار المال العام فى حالة عدم جدية بعض من يحصلون على المنحة، أكد أنهم كإدارة لا يسعون للدخول فى نوايا المبدع المستفيد، ولا يحاسبون عليها، إذا ما كان جادا أم لا، أم باحثا عن منح تستمر لمدة أربع سنوات!..كما تحدث عن مشروع مقدم لطباعة الأعمال المميزة من منح التفرغ، لأن وزارة الثقافة لن تستطيع طباعة كل الأعمال التى تقدم إليها من منح التفرغ..والسؤال هنا كيف لاتكون كل الأعمال التى حصل أصحابها على منح تفرغ متميزة وتستحق المنحة والنشر?!..ومن الذى يرشح هؤلاء الأفاضل الذين لا ترق أعمالهم للنشر?!..وإذا كان عدد المنح المقدم هائل للدرجة التى لا تمكن الوزارة من طباعة الأعمال الناتجة عنها، فمن الضرورى إعادة تقييم جدوى تلك المنح،  ومردودها على الحياة الثقافية وواقعنا الفعلي، وخاصة مع التراجع الكبير لدورنا الفكرى والثقافى!.أتمنى أن يكون هناك جهة تراجع هذه المنحة فى الأعوام السابقة، من حصل عليها، وماذا قدم، وما قيمة ذلك من الناحية العلمية والفكرية، بمعنى ماذا أضافت!...حتى لا تكون تلك المنح إهدارا لأموال الدولة، أو إهدارا لفرص لم تأت لمن يستحقها!.