الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

مائة بيت من الشعر العربي القديم.. حفص العليمي "44"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في تراث الشعر العربي، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسي، كنوز وجواهر لا ينبغي للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، في محاولة لتحقيق التواصل الضروري والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.
44 – حفص العليمي
"ويا ليت أن الله إن لم ألاقها
قضى بين كل اثنين أن لا تلاقيا"
يوشك بيت حفص، الشاعر المجهول الذي لا تفاصيل مشبعة عن حياته وشعره، أن يكون ترجمة دقيقة للمقولة الشائعة المنسوبة إلى "شمشون الجبار": "عليّ وعلى أعدائي". عندما يعز النجاح والتحقق على الصعيد الذاتي، وبخاصة في ساحة الحب، قد يمتلىء القلب غلا وضغينة، ولا شيء يخفف من قسوة الفقد إلا أن يمتد المصير الموجع ليطول الآخرين، وعندئذ يطل الدعاء إلى الله ألا يستقر أحدهم على شاطىء السعادة والتناغم والرضا.
الفكرة صادمة منفرة للوهلة الأولى، وعلامة لا يمكن إنكارها على تغلغل وهيمنة الشر. ربما يتساءل كثرة من قراء البيت: كيف لمن يعرف الحب أن يسيطر عليه الحقد والحسد، ويتمنى زوال النعمة عن الآخرين؟. للسؤال منطقه ووجاهته بطبيعة الحال، لكن الإنسان ليس كائنا مثاليا يتسلح بأخلاق الملائكة، ويدمن الإيثار والتضحية، مترفعا عن كل ما هو سلبي مشين عند الأسوياء من الناس، أو من يتوهمون أنهم أسوياء. لا شك أن عددا هائلا من العشاق المحبطين المأزومين تراودهم الفكرة الشريرة نفسها، والامتناع عن البوح والتصريح لا يعني أنها بعيدة عنهم.
التقييم الأخلاقي للشعر ليس مطروحا، والشعر بطبيعته لا يمكن أن يكون أخلاقيا. الشاعر بحق هو الصادق في التعبير عما يحسه، وتحت راية الصدق هذه يتحتم على الرافضين لرؤيته أن يتقبلوا ما لا يروق لهم، ذلك أن القصيدة ليست موعظة ولا ينبغي لها أن تكون.