السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"لعبة نيوتن" والطلاق الشفهي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أثار مسلسل "لعبة نيوتن" الذى يُعرض حاليا قضية (الطلاق الشفهي) مجددا، ففي المسلسل يقوم البطل بتطليق زوجته تليفونيا من خلال رسالة صوتية، لغضبه من بعض تصرفاتها أثناء إقامتها في الولايات المتحدة، وذلك بعد أن سافرت بمفردها كي تلد ابنهما هناك ليحصل على الجنسية الأمريكية، ويحاول الزوج بعد عودته لهدوئه إلغاء تلك الرسالة إلا أنه لا يتمكن من ذلك، فيحاول تهدئة الأمور معها في رسالة أخرى.. ولكن يحتدم الموقف بعد ولادتها لابنها ومحاولتهم نزع حضانته منها لشكهم في صحة قواها العقلية، ويساعدها "محامي مصري يحمل الجنسية الأمريكية" في إعادة إبنها، ثم يقنعها بالزواج منه، باعتبارها قد طلقت قبل أن تلد، وبالتالي انتهت عدتها بمجرد وضعها لحملها، وفقا للآية الكريمة من سورة الطلاق: " وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ".. فتتزوجه هناك رغم أن الطلاق المزمع غير موثق!!.. وبالتالي تصبح متزوجة لرجلين في نفس الوقت!!.. ورغم أننى أرى خللا في الحبكة في المسلسل، لأن الزوجة هنا ليست جاهلة بل تحمل أعلى الشهادات العلمية وتعمل دكتورة في مركز البحوث، وبالتالي ليس مقنعا أن تقع في هذا الخطأ، إلا أن المسلسل بالتأكيد يعيد فتح هذا الملف الشائك، والذي يترتب عليه مشكلات اجتماعية وقانونية كثيرة.. وجوهر المشكلة أن الكثير من الرجال يلقين يمين الطلاق شفهيا، وتصبح زوجاتهن مطلقات في حكم الشرع، وزوجات في حكم القانون!.. لأن الكثير من علماء الدين يقرون بوقوع الطلاق حتى وإن لم يوثق، طالما كانت نية الزوج التطليق، ويستندون في ذلك إلى الحديث الشريف: " ثلاثٌ جدُّهنَّ جدٌّ، وَهَزلُهُنَّ جدٌّ: النِّكاحُ، والطَّلاقُ، والرَّجعةُ".. ويرى بعضهم أن المطالبة بعدم الإعتراف بالطلاق الشفهي، وعدم إجازة الطلاق دون وثيقة تجرؤ على حرمة الله وحدوده!!.. وهو ما يعرض النساء لمشكلات عديدة منها ضياع حقوقهن المادية والمعنوية، أو حرمانهن من حقهن في الزواج مرة أخرى لعدم حصولهن على وثيقة طلاق، أو على الأقل شعورهن بحرمانية الحياة مع أزواجهن بعد قيامهم بالتطليق عدة مرات دون إثبات!!.. ورغم أن الدولة فعليا لا تعترف ولم تعترف من قبل بالطلاق الشفهى، ولا تعتد بالطلاق دون وثيقة.. إلا أن المشكلة تقع بسبب إعتراف دار الإفتاء بوقوع الطلاق الشفوى إذا تحققت فيه أركانه وشروطه، ويرون عدم الخلط بين الإنشاء والتوثيق، فالإنشاء هو إحداث شيء في الوجود لم يكن موجودا أما التوثيق فهو إثبات ما حدث، ويضربون مثلا على ذلك "إذا اقترضت مبلغا من المال من أحد الأشخاص ولم توثق ذلك كتابة فأنت بالفعل مدين لهذا الشخص، وأذا وثقتم ما اقترضته فهذا إثبات ليس أكثر".. كما أقرت هيئة كبار علماء الأزهر الشريف بوقوع الطلاق الشفوى المستوفى أركانه وشروطه، وأكدت أنه على المطلق أن يبادر في توثيق هذا الطلاق فور وقوعِه؛ حفاظا على حقوق المطلقة وأبنائها.. كما شددت الهيئة على أنه من حق ولى الأمر شرعا أن يتخذ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسن تشريعٍ يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة على من امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه.. وحتى يتم سن قوانين رادعة لحفظ حقوق النساء في تلك الحالات، أتمنى أن يتبنى المجلس القومى للمرأة مبادرة لحماية حقوق النساء اللاتى يتعرضن للطلاق الشفهى، بحيث يتولى المجلس رفع دعاوى قضائية لمن يتقدمن بشكاوى للمجلس في هذا الشأن، لإثبات هذا الطلاق من خلال دعوى اليمين الحاسمة ضد الزوج، والتى إما تثبت الطلاق وتوثقه، أو تؤكد صحة الزواج وعدم وقوع الطلاق إذا أنكر الزوج التطليق، وفى هذه الحالة يكون الوزر عليه وحده.. ويقنن وضع الزوجة دون أن تظل معلقة، ويكون المجلس القومي للمرأة قد أسهم في حل هذه المشكلة التى أضاعت حقوق الكثيرين، وفي نفس الوقت جنب النساء رفع الدعاوى القضائية ومشقتها المادية والمعنوية.. أما ما ننتظره من المجلس فهو خوض المعركة الأهم لتنمية الوعى لدى الرجال والنساء على السواء بواجباتهم قبل حقوقهم!