ما زالت المناطق الشعبية بالإسكندرية، تحتفظ بعاداتها في المناسبات الدينية والاجتماعية، وهو ما يميزها عن المناطق الراقية الأخرى بالمحافظة، فعندما تطأ قدمك فيها تشعر ببهجة لا تجدها في مناطق أخرى، ما يجعلها مقصدا للراغبين في الشعور بالبهجة.
من بين تلك المناسبات، قدوم شهر رمضان المبارك حيث مازالت المناطق الشعبية تحتفظ بعاداتها في تعليق الزينة بالشوارع والفوانيس المبهجة التي يتم إعدادها مسبقًا من خلال مجموعة من شباب كل منطقة، ويتنافسون فيما بينهم على تجميل وتزيين شوارع المنطقة.
وتتصدر المشهد كل عام منطقة الورديان الممثلة في شارع عين جالوت وباكوس، من حيث إعدادهم للزينة بالشوارع والفوانيس، من خلال جهود ذاتية، تهدف إلى دخول البهجة والسرور على أهالي المنطقة، الأمر الذي أصبح عادة توارثته الأجيال.
وعندما تطأ قدمك شارع عين جالوت غرب الإسكندرية، تصيبك حالة من الاندهاش والبهجة والسرور، لتحول جدران الشارع إلى لوحات فنية ابتهاجًا بقدوم شهر رمضان، بمساعدة الشباب والصغار والكبار معا.
وتزينت جدران الشارع بالعبارات منها "إصحى يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم"، و"رمضان أحلى مع شارع عين جالوت"، و"رمضان مبارك"، و"يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر"، ومجموعة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.
ولم يكتف أهالي الشارع عند هذا الحد بل إنهم زينوا الشارع بزينة رمضانية على طريقتهم الخاصة، والتي ميزتهم عن غيرهم من خلال مجموعة من الرسومات للمساجد والفوانيس بالإضافة إلى مجسم لمدفع رمضان وآخر لفؤاد المهندس وبوجي وطمطم وفطوطة، فضلًا عن الشماسي الملونة.
كل ذلك يشعرك بالراحة والهدوء النفسي والبهجة بقدوم أفضل أشهر السنة، حيث يجتمع الشباب والكبار والصبية معا سنويًا من أجل الإعداد لهذا المشهد الجمالي الذي لن تجده في شوارع أخرى بمحافظة الإسكندرية.
"أصبحت عادة سنويًا تجمع أهالي الشارع عليها من أجل الابتهاج بشهر رمضان المبارك"، بهذه الجملة عبر محمد عيد أحد سكان الشارع، سعادته البالغة بما يصنعه الجميع وتكاتفهم من أجل الخروج بهذا الشكل اللائق والمبهج.
وأشار إلى ان هذه العادة توارثها من آبائه وأجداده، ونحن قمنا بتطويرها، ونسعى دائما لدمج الأشياء القديمة بالحديث من أجل توعية الأطفال وغرس الحب والتعاون فيما بينهم على فعل الخير.
وأضاف: تمنى أن تنقل هذه المبادرة السنوية التي يقوم بها أهالي شارع عين جالوت إلى باقي الشوارع الأخرى من أجل إدخال الفرحة والبهجة على قلوب الجميع، ومشاركة الكبار والصغار فيها عمل واحد.
وأتفق معه محمد الكيلاني، مشيرا إلى أن هناك عددا من الشوارع المجاورة لشارع عين جالوت بالورديان قام شبابها بتزيبنها على نفس الطريقة، قائلا "أشعر بالسعادة عندما أرى الشوارع نظيفة وجميلة في رمضان".
وأضاف أن تزيبن الشارع تم بالجهود الذاتية فيما بين أهالي شارع عين جالوت، حيث يبدأ الإعداد والتجهيزات في منتصف شهر شعبان من خلال شراء الزينة والخامات وبدء العمل كأسرة واحدة بهدف تجميل الشارع ابتهاجًا لقدوم شهر رمضان.
أما في منطقة باكوس وتحديدًا في شارع سينما ليلي شرق الإسكندرية، فقد ابتعدوا عن الأفكار التقليدية والموروثة الخاصة بزينة رمضان في الشوارع، من خلال تصنيع فانوس بطول ٤٥ مترا بما يعادل ١٦ طابقا.
ونالت الفكرة إعجاب الكثير من الشباب عبر صفحاتهم على "فيسبوك" ومنهم من قال إنه الفانوس الأطول على مستوى الجمهورية، ومنهم من يقول إنه يتمنى أن يرى نظيره في منطقته السكنية.
الفانوس قمته هلال رمضان من أعلى ومتصل بـواير سلك حجمه ٦ ملي على جزئين، بالإضافة إلى ماكينة الثقالات لرفع الأنوار ووضع البخور بداخله، ومزود بالأنوار والآيات القرآنية وبعض كلمات لتهنئة المسلمين بالشهر الكريم".
تعد منطقة باكوس من أشهر المناطق بمحافظة الإسكندرية، تضم المنطقة العديد من المنشآت الحيوية والتي من بينها مبني الإذاعة والتليفزيون، فضلًا عن أنها تضم أقدم الأسواق الشعبية التي تحتضن جميع فئات الشعب، وتضم مقاهي يظهر عليها عبق التاريخ.
