الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

التحليل الإستراتيجي للقوة العسكرية الإيرانية (2-4)

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثانيًا: القوات غير النظامية (الحرس الثوري، والباسيج):
- أسست إيران قوات الحرس الثوري -وضمنها فيلق القدس- في عام 1990؛ باعتبارها قوات النخبة المسئولة عن الدفاع عن نظام الحكم الديني، على أن يتولى فيلق القدس، بقيادة الجنرال قاسم سليماني، مسئولية العمليات الخارجية في الدول الأخرى (سياسية واستخباراتية وقتالية ولوجيستية). ورغم أن عمليات الحرس الثوري تبدو في بعض الأحيان منفصلة عن التصريحات الرسمية للمسئولين في النظام، فإن ذلك يدخل في إطار توزيع الأدوار بين الدبلوماسيين والمنفذين الفعليين للسياسة والإستراتيجية الإيرانية.
تتلقى قيادة الحرس الثوري -جنرال علي جعفري- التوجيهات السياسية والإستراتيجية مباشرة من أعلى مستوى في النظام الحاكم، وهو آية الله خامنئي، كما يرفع قائد الحرس الثوري تقاريره مباشرة إليه، وقد يتجاوز في ذلك رئيس الجمهورية؛ الأمر الذي أدى إلى أن قيادة الحرس الثوري أصبحت تشكل أكبر مركز قوة في إيران، متجاوزة في ذلك الجميع، بما فيهم مجلس الشورى ومجلس تشخيص النظام (هاشم رافسنجاني)، ومجلس الخبراء، الذي يتولى تعيين مرشد الثورة ومحاسبته، وكبار رجال الدين (آيات الله العظمي) في قم.
وقد دخل الحرس الثوري في أحيان كثيرة في صدام مباشر مع كل هؤلاء، وفرض إرادته عليهم جميعًا، وأكبر مثال على ذلك رفضه تقديم أي تنازلات في شأن الملف النووي؛ مما تسبب في عرقلة المفاوضات الجارية بين إيران ومجموعة الدول 5+1 دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. كما أدت العقوبات الدولية المفروضة على إيران إلى زيادة نفوذ الحرس الثوري على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وأصبح مسيطرًا على كثير من المؤسسات والشركات والمرافق الإنتاجية والخدماتية، بل والنفطية أيضًا. ترتب على ذلك احتكاره لقطاعات اقتصادية كاملة في إيران، وعلاقات اقتصادية مستقلة مع الدول الأخرى عبر مؤسسة “,”خاتم الأنبياء“,”.
- يوجد للحرس الثوري -عبر فيلق القدس- وجود ًا مكثفًا في السفارات الإيرانية بالخارج تحت ستار دبلوماسي، فضلاً عن تواجده ضمن مؤسسات المساعدات الثقافية والدينية والخيرية التي تنشئها إيران في الدول الأخرى تحت اسم المساعدات وتعميق الاتصالات بالجماهير في الدول الأخرى، وغالبًا ما تقدم هذه المساعدات في إطار العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع تجمعات الشيعة المتواجدة في الدول الأخرى. هذا في ذات الوقت الذي يتورط فيه فيلق القدس في عمليات عسكرية لدعم العناصر المتمردة والمتطرفة في الدول غير المستقرة سياسيًّا وأمنيًّا (مثل لبنان وأفغانستان واليمن والصومال وغزة)، بالإضافة لتدخلات في دول الخليج العربية من خلال أحزاب الله الخليجية، وفي السودان وإريتريا ودول أفريقية وفي بعض دول أمريكا اللاتينية، كما يتعاون الحرس الثوري في أحيان كثيرة مع تنظيم القاعدة الإرهابي، فقد ثبت أنه كان وراء هجمات إرهابية قاتلة وقعت خلال العقدين الماضيين في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك قصف السفارة الأمريكية والمجمع السكني للمارينز في بيروت عامي 1983، 1984، وأيضًا الهجوم على مركز التجمع اليهودي ( AMIA ) في بيونس أيرس والهجوم على المجمع السكني للخبراء الأمريكيين في مدينة الخُبر السعودية عام 1996، فضلاً عن كثير من الهجمات التي جرت ضد القوات الأمريكية في العراق منذ احتلاله عام 2003. وأسلوب الحرس الثوري في ذلك هو دعم الجماعات المتمردة في الدول الأخرى بالأموال والسلاح والتدريب لتنفيذ العمليات التي تخططها قيادة الحرس الثوري، ثم ينفي المسئولون الإيرانيون أمام المجتمع الدولي مسئولية إيران عن ذلك. وفي هذا الشأن لا يتمسك فيلق القدس بمبادئه الأيديولوجية، فهو على استعداد لدعم جماعات غير شيعية، بل وغير مسلمة أصلاً، ومنها من يعلن معارضته للنظام الإيراني، مثل تنظيم القاعدة وحركة طالبان وتنظيمات يسارية وملحدة، ولكن إيران تدعمهم؛ لأنهم يشاركونها المصالح والعداء للولايات المتحدة والدول العربية.
- ولا يقتصر التواجد العملياتي للحرس الثوري -فيلق القدس- على منطقة الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا والقرن الإفريقي وغرب إفريقيا، بل رصد له تواجد عملياتي متزايد في بعض بلدان أمريكا اللاتينية، خاصة فنزويلا، وإذا ما تورطت الولايات المتحدة في صراعات في هذه المناطق، فإنها من المتوقع أن تواجه وجودًا عميقًا ومتنوعًا، سواء مباشرًا بواسطة فيلق القدس، أو من خلال الجماعات المتطرفة اليسارية التي تدعمها إيران في دول أمريكا اللاتينية القريبة من الحدود الأمريكية.
أما في داخل إيران فإنه يوجد في كل محافظة إيرانية وحدة خاصة من الحرس الثوري يطلق عليها سابيرن Saberin ، لديها إمكانات تسليح ومركبات مدرعة ووسائل اتصالات واستخبارات، تمكنها في حالة حدوث اضطرابات داخلية في أي محافظة أن تفرض سيطرتها بسرعة عليها، دونما حاجة لانتظار إمدادات من طهران. وهذه الوحدات المتواجدة في المحافظات الشمالية والغربية هي التي تقوم بالتصدي للمقاومة الوطنية الكردية، التي يقودها الحزب الكردي الإيراني (باجاك PJAK )، وتتصدى أيضًا للمقاومة البالوشية في إقليم بالوشستان في الشرق، ومقاومة الآذريين في إقليم أذربيجان في الشمال، ومقاومة العرب السنة في إقليم خوزستان في الجنوب.
- وقد تأكد لأجهزة الاستخبارات الأمريكية أن إيران -من خلال فيلق القدس- تقوم بشكل منهجي بزرع شبكات من الإرهابيين تابعين لطهران التي تقدم لهم الدعم السياسي والمادي (المالي والتسليحي) والدعائي، وترعاهم، وهذه الشبكات الإرهابية قادرة على تنفيذ عمليات ضد إسرائيل والولايات المتحدة والدول الصديقة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وبما يخدم الأهداف والإستراتيجية الإيرانية في هذه المناطق.
برز ذلك بوضوح، ليس فقط في دعم حزب الله لفرض سيطرته على لبنان وتهديد إسرائيل من الشمال، ودعم حركة حماس والمنظمات الفلسطينية المتشددة المتواجدين في قطاع غزة لتهديد إسرائيل من الجنوب، بل أيضًا في إثارة الحوثيين، والتعاون مع القاعدة؛ لإثارة الاضطرابات في شمال اليمن وجنوب السعودية وعدن وجنوب اليمن، هذا بالإضافة لرصد تواجد مكثف للحرس الثوري في إريتريا بجنوب البحر الأحمر؛ حيث أقام بطاريات صواريخ ساحلية في ميناء صعب وبما يهدد الملاحة في البحر الأحمر. هذا فضلاً عن الدعم التسليحي والمالي الذي يقدمه فيلق القدس إلى شباب المجاهدين في الصومال لبسط سيطرتهم عليه، وأيضًا في باقي دول القرن الإفريقي وغرب إفريقيا، وكانت أبرز مظاهر هذا الدعم ضبط سلطات نيجيريا سفينة تابعة لإيران عليها شحنات أسلحة وصواريخ متعددة الاستخدامات.
ويقوم فيلق القدس بتشغيل معسكرات لتدريب الإرهابيين في لبنان تضم حوالي 3000 فرد من جنسيات مختلفة، وكذلك في العراق، فضلاً عن معسكرات تدريب داخل إيران، كما أمكن لإسرائيل في يناير 2009 أن تعترض وتدمر عدة سفن إيرانية تحمل شحنات أسلحة وذخائر، وذلك في المياه الإقليمية للسودان وفي منطقة الحدود بين السودان ومصر؛ لتهريبها إلى إسرائيل عبر سيناء، وفي ممر فلادلفيا جنوب غزة؛ حيث تحفر حماس أنفاقًا في هذه المنطقة يتم عبرها تهريب الأسلحة والمعدات والذخائر إلى داخل قطاع غزة. وقد ساعدت إيران في نقل صواريخ مفككة عبر الأنفاق إلى داخل غزة، كما ساعدت حماس على تطوير صاروخ القسام وزيادة مداه؛ ليمكنه الوصول إلى مدن رئيسية في جنوب إسرائيل على مدى 40 كم من الحدود.
- يُنتخب عناصر الحرس الثوري من الشباب العقائدي المؤمن بمبادئ الثورة والطاعة العمياء لمرشدها. وقد تضخمت قوته، كما زاد نفوذه السياسي والعسكري حتى أصبح يفوق نفوذ المؤسسة الدينية والمؤسسة العسكرية النظامية؛ ويرجع ذلك في الأساس لما يتمتع به أفراد الحرس الثوري من مزايا مادية تفوق بكثير ما يحصل عليه ضباط وأفراد القوات المسلحة النظامية.
وتبلغ قوة الحرس الثوري العاملة 125.000 فرد، منهم 100.000 قوات برية، 20.000 قوات بحرية، منهم 5000 مشاة بحرية، ويسيطر ويدير البرنامجين النووي والصاروخي، وتبلغ ميزانيته مليار دولار سنويًّا، وتتبعه مؤسسات مالية واستثمارية ضخمة داخل إيران تشمل قطاعات إنتاجية وخدماتية عديدة، منها الإنشاءات، والطرق، والنفط، والاتصالات، والمطار. وتتشكل قوات الحرس الثوري البرية في 31 فرقة موزعة على المحافظات، منهم فرقتان في طهران. وتتألف الفرقة عادة من: 3 إلى 4 لواءات مشاة وميكانيكية، ولواء محمول جوًّا، ومجموعة مدفعية.
أما تسليح الوحدات البرية للحرس الثوري فيشمل عربات مدرعة خفيفة، ومدفعية خفيفة، وصواريخ مضادة للدبابات، وصواريخ أرض/أرض متوسطة وقصيرة المدى، وراجمات صواريخ متعددة المواسير، ورشاشات متوسطة، وصواريخ مضادة للطائرات تطلق من الكتف، وصواريخ أرض/جو سام-8.
أما قوات الحرس الثوري البحرية فيبلغ حجمها 70.000 فرد، وهيكلها التنظيمي فغير معروف بالضبط، حيث يتنوع طبقًا لشكل المعارك المتوقعة، ولكنها مسلحة بحوالي 150 زورق سريع كوري الأصل مسلحة بصواريخ بحر/ بحر C-802 ، C-808 ، وطوربيدات بعيدة المدى، وغواصات صغيرة (كاجامي) من كوريا الشمالية، كما تسيطر على بطاريات صواريخ ساحلية C-SSC-3 متواجدة في القواعد البحرية والجزر المتواجدة في الخليج ومضيق هرمز وخليج عمان، وامتد نشاطها أخيرًا إلى خليج عدن،، ولها أنشطة عملياتية في بورسودان وميناء عصب في إريتريا.
أما قوات الباسيج، فهي بحكم مسئوليتها عن الأمن الداخلي، تبلغ قوتها حوالي 500.000 عامل، وعند التعبئة يصل تعدادها إلى حوالي 1 إلى 2 مليون من المتطوعين صغار السن. وهي موزعة في المحافظات بالتوازي مع قوات الحرس الثوري، حيث يتواجد 10 كتائب باسيج مع كل لواء حرس ثوري، وتسمي بكتائب الإمام الحسين، وهي مسلحة بأسلحة خفيفة وهراوات، وتستخدم مركبات خفيفة ودراجات، وبرز دورها واضحًا في القضاء على الثورة الخضراء التي خاضها الإصلاحيون في إيران اعتراضًا على إعادة انتخاب الرئيس نجاد لفترة ثانية. ثالثًا: أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها:
- تنتج المصانع العسكرية الإيرانية مجموعات متنوعة من أسلحة الحرب الكيماوية (غازات أعصاب أبرزها VXY ، وغازات أخرى مهيجة للجلد (مسترد)، وغازات مدمرة للجهاز التنفسي، ومواد حارقة ... إلخ)، وقد استخدمت بعضها بالفعل في حرب الثماني سنوات بينها وبين العراق في ثمانينات القرن الماضي. كما تفيد تقارير أجهزة الاستخبارات الغربية أن إيران تمكنت أيضًا من تصنيع أسلحة بيولوجية في شكل فيروسات وميكروبات وجراثيم تنشر الأوبئة والأمراض (مثل الطاعون، والإنتراكس، والأنفلونزا... إلخ). أما وسائل نقل هذه الأسلحة الكيماوية والبيولوجية فهي قنابل الطائرات ورءوس الصواريخ.
- وعن قدرات إيران النووية، فهي تطور قدرات تقنية نووية قادرة على إنتاج أسلحة فورية، وذلك من خلال زيادة حجم اليورانيوم منخفض التخصيب (حوالى 4900 طن بدرجة 3.5%)، وزيادة حجم اليورانيوم متوسط التخصيب (حوالي 80 كجم بدرجة 20%)، ومحاولة الارتفاع بنسبة التخصيب إلى 90% فأعلى، وبما يمكن من الحصول على الكمية اللازمة لصنع أسلحة نووية (تحتاج الفتيلة النووية ذات القدرة 20 كيلو/طن إلى حوالي 25 كجم يورانيوم مخصب بنسبة 90% فأعلى).
وبإمكان إيران أن تحصل على الكمية اللازمة لصنع 2 سلاح نووي خلال عامين. وتعتمد إيران في ذلك على إنشاء المزيد من مصانع التخصيب (ناتانز، فاردو)، وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة فيها، مع استخدام نوعيات متطورة، منها P2 ، P3 ، P4 . ومن أجل تحقيق هذا الهدف تقوم بإنشاء مصانع التخصيب في الجبال وفي أنفاق تحت الأرض، وربما تتواجد مصانع أخرى للتخصيب غير المعلن عنها لم تكتشف بعد، ومما يؤدي إلى تغيير التقديرات حول حجم اليورانيوم المخصب ونسبة تخصيبه، وبالتالي عدد ما يمكن أن تملكه من أسلحة نووية وتوقيت ذلك. هذا بالإضافة لما ثبت لدى أجهزة الاستخبارات من جهود تبذلها إيران لتصميم رأس نووية يمكن تسليح الصاروخ شهاب-3 بها. وبالتوازي مع برنامج تخصيب اليورانيوم تتبنى إيران من خلال مفاعل آراك برنامجًا آخر لفصل البلوتونيوم 239 وإنتاج الماء الثقيل؛ حيث تحتاج القنبلة النووية إلى 6-8 كجم من البلوتونيوم.
وتعتمد إيران بدرجة كبيرة على خبرات كوريا الشمالية في هذا المجال. إلا أن إيران تواجه مشاكل في تشغيل ما تحتاجه من أجهزة طرد مركزي لتنفيذ برنامجها النووي المتعلق بتخصيب اليورانيوم، حيث تعمل حوالي 50% فقط من الأجهزة التي تم تركيبها في ناتانز. ويُرصد في هذا الشأن رفض إيران تنفيذ التزاماتها في معاهدة الحد من الانتشار النووي، ومنع مفتش الوكالة الدولية من دخول منشأة فاردو، وأيضًا الإفصاح عن حقيقة برنامجها لفصل البلوتونيوم في مفاعل آراك، وفضلاً عن منع الوكالة من مقابلة العلماء الإيرانيين والاطلاع على عدد من الوثائق كجزء من التحقيق حول برنامجها النووي وحقيقة أبعاده العسكرية.
وتشكل الأنشطة النووية الإيرانية، وما يرافقها من عدم انفتاح على المجتمع الدولي، تهديدًا جسيمًا للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. ولقد ذهبت إيران بعيدًا في حماية منشآتها النووية من التدمير المادي؛ وذلك باتخاذ إجراءات عديدة لهذا الغرض، من حيث اختيار أنسب أماكن لها في جوف الجبال، وتحصين منشآت أخرى تحت الأرض على عمق كبير بطبقات خرسانية، مع حمايتها بأنظمة دفاع جوي متطورة مثل (تور- م1) ومحاولة الحصول على النظام S-300 أو ما يماثله من الصين.
- وعن وسائل إيصال أسلحة الدمار الشامل؛ فبجانب إمكانية استخدام القاذفات في إلقاء قنابل بها وسائل دمار شامل، إلا أن إيران -نظرًا لمحدودية قدراتها الجوية- تعتمد بشكل أساسي على الصواريخ الباليستية متوسطة المدى المسلحة برءوس حربية محملة بوسائل دمار شامل في توصيلها إلى أهدافها؛ حيث تملك إيران تشكيلة متنوعة من الصواريخ متوسطة المدى وقصيرة المدى تقدر بحوالي 1000 صاروخ يتراوح مداها بين 160- 2500 كم، تقوم بتصنيعها محليًّا بناء على تقنية مستوردة من كوريا الشمالية، معظمها يعمل بالوقود السائل، وقليل منها يعمل بالوقود الصلب.
وتجري وحدات الصواريخ الإيرانية تدريبات منتظمة شبه استعراضية لإبراز قوتها الصاروخية، وأنها قادرة على أن تصل إلى مواقع أعدائها في إسرائيل ومنطقة الخليج ووسط وجنوب آسيا وجنوب أوروبا؛ فقد تعدى مدى الصواريخ الباليستية من عائلة (شهاب) 2500 كم، وهي تعتبر من النوع متوسط المدى ( MRBM )، ويطلق عليها أحيانًا “,”عاشوراء“,”، كما تسعى إيران أيضًا لتطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى.
- ويغطي الصاروخ (شهاب- 1) الدائرة حول حدود إيران وحتى داخل بغداد في الغرب، والمنطقة الشرقية من السعودية والبحرين والإمارات في الجنوب، والمناطق الغربية من باكستان وأفغانستان في الشرق، والمناطق الجنوبية من تركمانستان وأذربيجان في الشمال. أما الصاروخ (شهاب-2) فيمتد خارج هذه المناطق بـ200 كم؛ حيث أقصى مدى 500 كم. هذا في حين يمتد الصاروخ (شهاب-3) ليغطي المناطق من وسط تركيا وجنوب روسيا وكل بحر قزوين وكل أوزباكستان وجنوب كازاخستان في الشمال، وكل أفغانستان ومعظم باكستان وبحر العرب في الشرق، وعمان ووسط اليمن ومعظم السعودية في الجنوب، وإسرائيل وسوريا ولبنان في الغرب. أما الصاروخ (سجيل) فيغطي البحر الأحمر ومنطقة قناة السويس في مصر وشرق المتوسط في الغرب، وأجزاء من اليونان والبحر الأسود، ووسط روسيا وكازاخستان في الشمال، وقرجيزيا وطاجاكستان، وغرب الهند في الشرق، والجزء الشمالي من المحيط الهندي في الجنوب.
- ويقوم الإيرانيون ببناء مستودعات لهذه الصواريخ ومواقع إطلاق ثابتة تحت الأرض. كما تعتقد إسرائيل أنهم قادرون أيضًا على الإنتاج الذاتي لنسختهم من صواريخ (بي-إم-25) التي حصلوا عليها من كوريا الشمالية، ويصل مداها إلى 3000 كم وربما أكثر. ويشير “,”عوزي روبين“,”، مؤسس برنامج الصاروخ الإسرائيلي المضاد للصواريخ (حيتس)، والمدير الأسبق لبرنامج (حوما/حائط) للحماية من الصواريخ المعادية، إلى ثلاثة انطلاقات جديدة في مشروع الصواريخ الإيرانية: الأولى: هي التحول من استخدام الوقود السائل إلى الوقود الصلب، والثانية: هي القدرة على تحويل صواريخ غير موجهة إلى صواريخ موجهة (مثل الصاروخ “,”زلزال“,” الذي يستخدمه حزب الله)، والثالثة: القدرة على بناء منصات إطلاق أقمار صناعية ذات مرحلتين، عوضًا عن الصواريخ ذات الثلاث مراحل التي تستخدم عادة في الصعود إلى الفضاء. ويضيف روبين أن إيران أجرت في ديسمبر 2009 تجربة لإطلاق صاروخ تحديثٍ للصاروخ “,”سجيل“,”، يمكنه أن يصل إلى أراضي ست دول من الاتحاد الأوروبي هي: بولندا، تشيكوسلوفاكيا، المجر، بلغاريا، واليونان، وأن بإمكان إيران إخفاء هذه الصواريخ ومنصات إطلاقها في صوامع محصنة بمنطقة تبريز الواقعة في الشمال الغربي للدولة، وهي منطقة جبلية وعرة تصل مساحتها إلى 8000 كم 2 ، ويمكن فيها إخفاء آلاف الصواريخ الباليستية، كما يمكن أن تبقى فترة طويلة بها؛ الأمر الذي يشكل تهديدًا صاروخيًّا كامنًا وحقيقيًّا على أوروبا من قبل إيران.
- ولا تكمن خطورة الصواريخ الباليستية الإيرانية فيما تحمله من رءوس نارية تقليدية يصل زنة الواحد منها إلى نصف طن (500 كجم)، ولكن فيما يمكن أن تحمله من رءوس كيماوية وبيولوجية وذات تفجير حجمي، وكلها بجانب الرءوس النووية غير المتاحة حاليًّا تعتبر أسلحة دمار شامل، لا سيما وأنه من المعروف أن لدى إيران ترسانة ضخمة من أسلحة الحرب الكيماوية سبق أن استخدمتها في حرب الثماني سنوات ضد المدن العراقية، فضلاً عما طورته من أسلحة بيولوجية أيضًا. ومن المعروف أن الرأس الكيماوي للصاروخ سكود يمكنها أن تلوث خمسين هكتارًا، فإذا ما اقترضنا أن إيران في حالة تعرضها لضربة جوية وصاروخية إسرائيلية سترد بضرب الأهداف الإستراتيجية في إسرائيل بـ100 صاروخ شهاب على الأقل مسلحة برءوس كيماوية، فإن هذا يعني إمكانية تلويث مساحة قدرها 5000 هكتار في المنطقتين الساحلية والوسطى من إسرائيل المكتظتين بالأهداف السكانية والصناعية والعسكرية، مثل المطارات والقواعد الجوية والبحرية ومناطق تمركز القوات العاملة والمصانع ومراكز البحوث الحربية... إلخ؛ لأمكن تقدير حجم الخسائر الناتجة عن مثل هذه الضربة الصاروخية الإيرانية، والتي تقدرها أجهزة المخابرات الإسرائيلية، بما لا يقل عن 3000 قتيل وضعفهم من المصابين، فضلاً عن الدمار المادي الممكن أن تحدثه مثل هذه الضربة.
- وقد نجحت إيران في عام 2009 في إطلاق الصاروخ (سافير) متعدد المراحل إلى الفضاء الخارجي محملاً بمركبة فضاء. لذلك من المتوقع -ومع مساعدة خارجية من كوريا الشمالية أو الصين- أن تطور إيران في المستقبل صواريخ عابرة للقارات ( ICBM ) بإمكانها أن تصل إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، وتضرب أهدافًا في ولاية كاليفورنيا، هذا إذا نجحت في بناء صاروخ مشابه للصاروخ الكوري الشمالي (تايبوتنج - 2)، ويتوقع لذلك عام 2015.
أما على المستوى النوعي، فإن التطويرات تشمل -بجانب زيادة المدى- زيادة الدقة باستخدام أساليب توجيه أكثر دقة، واستخدام الوقود الصلب الذي يقلل الزمن اللازم لإطلاق الصاروخ إضافة إلى توفير دقة أعلي، مع تحميل الصواريخ على مركبات لتكون ذاتية الحركة، وزيادة القوة التفجيرية للرأس الحربية، فضلاً عن تعدد مراحل عمل الصاروخ.
وتعتبر إيران حاليًّا أكبر دولة قادرة على نشر قوة صواريخ باليستية في الشرق الأوسط؛ ولاستعراض قوتها الصاروخية أجرت أربع مناورات ضخمة وفـَّرت لها دعاية داخلية وخارجية واسعة منذ عام 2006 تحت اسم (النبي الأعظم)، أما الصواريخ قصيرة المدى فهي توفر لها قدرات متحركة؛ بحيث تكون قادرة على ضرب دول الخليج والقوات الأمريكية والفرنسية في منطقة الخليج.
المؤكد تواجده حاليًّا من الصواريخ الباليستية الإيرانية ذات الأصل الكوري الشمالي هي كالآتي:


الاسم الإيراني
الأصل الكوري الشمالي
نوع الوقود
المدى
ملاحظات
توندار Tondar
روسي
صلب وسائل
165 كم
متحرك ويوجد بالخدمة
فاتح 110
كوري
صلب
211 كم
متحرك
شهاب-1
سكود-ب
سائل
300 كم
المخزون 300 صاروخ
شهاب-2
سكود-سي
سائل
500 كم
المخزون 500 صاروخ
شهاب-3 A ، شهاب-3 B ، غالب
نودونج- A
سائل
1300 كم
المخزون 200 صاروخ
شهاب-4 أو شهاب-3 D
نودونج- B أو NKSL-1
سائل
2000 كم
غير معروف
سجيل أو سفير-2
تايبودنج-1
صلب
3000 كم
متعدد المراحل

الصواريخ الباليستية الجاري تطويرها وتستهدف إيران حيازتها مستقبلا:


الاسم الإيراني
الأصل الكوري الشمالي
نوع الوقود
المدى
ملاحظات
شهاب-5
تايبودنج-2 أو C
سائل
5500 كم
اختبرته كوريا ويهدد الساحل الغربي لأمريكا
شهاب-5 B
تايبودنج-2 P
سائل
6000 كم

شهاب-6
تايبودنج-2 C5
سائل
10.000 كم

- وتعتمد فكرة تطوير الصاروخ شهاب أو سجيل، لزيادة مداه إلى 6000 - 10.000 كم، على تزويده بـ3-4 محرك إضافي Multiple Rocket تستغرق دقيقة ونصف لتدفع الصاروخ إلى مدى 5000 كم، ثم يبدأ تشغيل المرحلة الرئيسية للصاروخ شهاب -3، ذات المدى الأصلي (2000- 2500كم)، ثم تنفصل عند مدى 7000 كم، لتعمل بعد ذلك الرأس الحربية ومعها نظام التوجيه الفضائي GPS ؛ وهو ما يوفر دقة تصل إلى 15 م، أو توجيه ذاتي بواسطة بوصلة جيروسكوبيه Strap Down System ذات دقة 400 م.
- أما الصواريخ الساحلية فتشكل ركنًا مهمًّا في إستراتيجية إيران للدفاع عن مياه الخليج، وخليج عمان، ومضيق هرمز، وفرض السيطرة الإيرانية على هذه المساحات المائية، فضلاً عن الجزء القريب منها في بحر العرب. حيث أنشأت قاعدة بحرية (جيسك) شمال هرمز. وبإمكان الصواريخ كروز الساحلية تدمير السفن الحربية وناقلات النفط والسفن التجارية المعادية من القواعد البحرية الإيرانية الرئيسية -مثل بندر عباس- وأيضًا من الجزر الإيرانية، وكذلك من منصات النفط الإيرانية، سواء باستخدام منصات إطلاق ثابتة أو متحركة.
وتشكل الصواريخ الساحلية الصينية C-801 ، C-802 العمود الفقري للدفاعات الساحلية الإيرانية، وقد استوردتها إيران من الصين في عام 1995، وهي قادرة على الاشتباك حتى مدى 6 ميل بحري (10.8كم)، وتتمتع بدرجة دقة عالية، كما تحلق على ارتفاعات منخفضة تخفيها عن شاشات الرادار المعادية، كما أنها أسرع في التجهيز والاشتباك من الصواريخ Seer Sucker التي استخدمتها إيران في الحرب العراقية الإيرانية. وتسعى إيران بالتعاون مع الصين إلى تطوير صواريخ قصيرة المدى أكثر دقة وفاعلية C-701 ؛ لنشرها في المناطق الجغرافية الضيقة.
ومعظم أنظمة الصواريخ الساحلية الإيرانية المنتشرة بطول السواحل الإيرانية مجهزة بأنظمة رادارية وأنظمة سيطرة آلية، وبعضها يمكن توجيهها عن بعد أو من طائرة. وتأمل إيران أنه بواسطة صواريخها الساحلية، والقواذف الصاروخية متعددة المواسير (راجمات الصواريخ MRLS )، والصواريخ الباليستية، وما تملكه من دفاعات جوية متطورة أن تهزم التفوق الجوي والبحري المعادي لها في المنطقة.
“,”وللحديث بقية“,”